لم يكن الطبيب نبيل الدعاس، أحد أمهر أطباء الطب النسائي وعضو الهيئة التدريسية في كلية الطب في جامعة حلب، على جبهات
الغوطة الشرقية ولا في ساحات القتال، ولم تطله يد فروع المخابرات ولا قنابل النظام السوري التي تبحث عنه، بل إنها نيران "صديقة" تفجرت في رأسه وهو بين أهله وضمن مدينته
دوما المحاصرة في ريف دمشق، خلال الاقتتال الداخلي بين الفصائل.
ويدور القتال في الغوطة الشرقية بين
جبهة النصرة وفيلق الرحمن من جهة، وجيش الإسلام من جهة أخرى.
وقال الناشط الإعلامي عمر الصالح، في حديث لـ"
عربي21"، إن الطبيب نبيل رفض الخروج من مدينة دوما منذ بدء الثورة السورية، وفضل البقاء مع عدد قليل من الأطباء ممن لا يتجاوز عددهم عدد أصابع اليدين، من اختصاصات متعددة لخدمة المدنيين من جرحى ومصابين من أهالي المدينة المنكوبة.
وقد تلقى الدكتور نبيل رصاصا في الرأس عندما كان داخل منزله في دوما.
وقال الصالح: "عجزت عنه آلة التدمير الممنهجة وقصف قوات النظام السوري، لتتمكن منه رصاصة انطلقت من المناطق المسماة بالمحررة، والتي تسيطر عليها جبهة النصرة وفيلق الرحمن، عندما كانت رشاشاتهم المتمركزة بالأبنية العالية على أطراف بلدة مسرابا تمشط مدينة دوما، فانفجرت تلك الرصاصة في رأسه لتلقي به مصابا في حالة حرجة، على يد أبناء الغوطة ذاتها ممن جمعتهم مرارة الأيام لسنوات ليست بالقليلة"، بحسب تعبيره.
وأصدر المكتب الطبي الموحد في الغوطة الشرقية بيانا يستنكر فيه استهداف المدنيين في منازلهم، وآخرها حالة الدكتور الدعاس، مطالبا في الآن ذاته بوقف إطلاق النار فورا والاستجابة للمبادرات المطروحة. كما خرجت مظاهرات في مناطق بالغوطة الشرقية، ومنها مسرابا، تطالب بوقف الاقتتال الداخلي في المنطقة.
بدوره، تحدث مصدر خاص من أبناء الغوطة الشرقية، فضل حجب اسمه، عن أعداد القتلى والأسرى من أبناء الغوطة الشرقية بسبب الاقتتال الداخلي، في الوقت الذي تحاول فيه قوات النظام السوري اقتحام المنطقة، قائلا: "يوم أمس كان يوماً دامياً بامتياز، فأصوات الرصاص والرشاشات لم تهدأ أبداً بين أطراف النزاع من فصائل المعارضة، وانتهت الساعات الأخيرة بسقوط ما يزيد عن اثني عشر ضحية جراء المعارك وأعمال القنص بينهم أطفال صغار".
وأردف المصدر: "محصلة أعداد الضحايا خلال معارك الأيام الخمسة الماضية تجاوزت مئتي شخص بينهم مدنيون"، هذا إضافة إلى الأسرى من الجانبين.
وذهب المصدر إلى أنه من "الملاحظ في سير المعارك والمواجهات هو إدارة جبهة النصرة لسير الأعمال القتالية، وثقلها الكبير على التشكيلات المتحالفة معها ضد
جيش الإسلام، من فيلق الرحمن ولواء فجر الأمة، حيث تفاجأ الجميع في الغوطة الشرقية بأعداد مقاتلي النصرة، إذ إن الغالبية بمن فيهم العسكريون كانوا يتوقعون أن أعداد جبهة النصرة تقارب الثلاثمائة مقاتل، إلا أن المعارك المستمرة أظهرت أن أعدادهم مضاعفة لمرة ونصف عن الأعداد المتوقعة".
وكان فيلق الرحمن وجيش الفسطاط، الذي يضم جبهة النصرة ومجموعات أخرى، قد أعلنا قبل خمسة أيام عن عملية عسكرية ضد جيش الإسلام في الغوطة الشرقية بعد توجيه اتهامات له بالوقوف وراء محاولة اغتيال الشيخ أبي سليمان طفور أحد أبرز قضاة الغوطة الشرقية والمحسوب على فيلق الرحمن.