قال مصدر تركي مطلع لـ"
عربي21" إن الساعات المقبلة ستشهد حسما لصراع على النفوذ؛ بين الرئيس التركي رجب طب
أردوغان ورئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو، الذي يشغل أيضا منصب رئيس حزب
العدالة والتنمية الحاكم.
وأضاف المصدر إن الساعات القادمة ستشهد اجتماعات ووساطات داخل الحزب لحل الأزمة بين الرجلين.
وقال المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن الخلاف بين الرجلين ليس جديدا، وأنه يتمحور حول النفوذ على إدارة الحكومة وقيادة حزب العدالة والتنمية، مشيرا إلى أن هذا الخلاف تصاعد بعد النتائج غير المرضية التي حققها الحزب في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في حزيران/ يونيو الماضي، قبل أن يحصل الحزب على الأغلبية الكافية بالانتخابات المبكرة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015.
وأضاف المصدر أن أوغلو كان يرفض الاستمرار برئاسة حزب العدالة والتنمية بسبب خلافه مع أردوغان على تشكيلة قيادة الحزب أثناء مؤتمره العام الخامس الذي عقد في الثاني عشر من أيلول/ سبتمبر الماضي، ولكنه تراجع عن موقفه بسبب الضغوط التي تعرض لها آنذاك من قواعد الحزب وقياداته، خصوصا أن المؤتمر عقد قبل أسابيع من الانتخابات البرلمانية المبكرة.
وقال المصدر لـ"
عربي21" إن أوغلو وافق على تعيينات في قيادة الحزب اشتملت على "أشخاص لا ينتمون للأعضاء المؤسسين للحزب" نزولا عند رغبة أردوغان الذي يسعى لتوسيع التمثيل في القيادة، وذلك استجابة للضغوط ومنعا لتعميق
الصراعات داخل الحزب، حسب قوله.
وأضاف المصدر أن الصراع بين الرجلين لم يتوقف بعد انتخاب أوغلو رئيسا للحزب، بل إنه كان يعاود للظهور بين فترة وأخرى بسبب تردد الأخير في الاستجابة لمطالب أردوغان فيما يتعلق بتشكيل قيادة العدالة والتنمية، التي أصبحت تضم "مجموعة قيادية داخل الحزب تتفق مع رؤى أردوغان بشكل أكبر مما هو عليه الحال مع أوغلو"، على الرغم من أن هذه القيادات تتبع رسميا للأخير باعتباره رئيسا للحزب.
وأشار المصدر إلى أن كلا الرجلين يتبنى رؤية يعتقد أنها تصب في مصلحة الدولة والحزب، "إذ إن أردوغان يريد توسيع دائرة الانتماء للحزب والقيادة بما يشمل تيارات مختلفة، فيما يرى أوغلو ضرورة توسيع القيادة ولكن مع الاعتماد على النخب المؤسسة للحزب".
وعلمت "
عربي21" أن الخلافات داخل الحزب باتت واضحة ومعروفة لكل المستويات القيادية، ما جعل الأمر غير مقبول بالنسبة لأوغلو "الذي سيخرج مهزوما وضعيفا إذا فرض أردوغان رؤيته"، بحسب مصادر في الحزب.
وقد انقسمت قيادة الحزب بسبب الخلافات بين الرئيس ورئيس الوزراء إلى مجموعتين رئيسيتين، ترى أحدهما أن أردوغان هو الرجل القوي في البلاد والأكثر شعبية على مستوى الأتراك والمنطقة، وبالتالي فإن من حقه أن يفرض رؤيته على الحزب الحاكم. فيما ترى المجموعة القيادية الأخرى أن القيادة في الحزب يجب أن تسير وفق النظام والأعراف الحزبية التي تعطي لأوغلو الحق بتشكيل قيادة الحزب ورسم ملامح العمل الحكومي.
وتحدثت "
عربي21" لقيادي في العدالة والتنمية وسألته عن الخيارات التي يمتلكها أوغلو، فأوضح أن الخيار الأول هو الاستجابة السريعة لرؤية أردوغان استباقا لتغيير الدستور الذي سيعطي للرئيس الحق في القيادة اليومية والفعلية للبلاد بدلا من رئيس الوزراء، وهو ما يعني أن استجابة أوغلو ستكون متوافقة مع الدستور الجديد، إذا حصل وتغير فعلا.
أما الخيار الثاني أمام أوغلو، بحسب القيادي في العدالة والتنمية، فهو الاستقالة الفورية وترك قيادة الحزب فعليا لأردوغان، الذي يمكن أن يعين قائدا مقربا منه لرئاسة الحزب، مثل وزير النقل السابق بن علي يلديريم، وهو الأمر الذي قد يؤثر في صلابة الحزب في مرحلة حساسة تمر بها
تركيا والمنطقة.
وأضاف القيادي في العدالة والتنمية أن مجموعة مقربة من أوغلو تنصحه بخيار ثالث، وهو الاستمرار بقيادة الحزب مع إظهار نوع من المقاومة لنفوذ أردوغان، لإظهار قوة الحزب ووجود "رجال أقوياء" فيه بخلاف الرئيس، وهو ما سيؤدي بحسب هذه المجموعة إلى توسيع دائرة القيادة في العدالة والتنمية بدلا من اقتصارها على شخصية الرئيس لوحده، كما أنها ستسمح لأوغلو بالخروج بشكل محترم يساعد على إبقائه قائدا محتملا للحزب في المستقبل حتى لو خسر هذه الجولة.
واختتم القيادي في حزب العدالة والتنمية تصريحاته لـ"
عربي21" بالقول إن غالبية القاعدة الشعبية للحزب لا ترى أن الوقت الحالي مناسب لمثل هذه الصراعات، مشيرا إلى أن "تركيا والحزب والمنطقة تعيش على صفيح ساخن" وأنه "ليس فقط تركيا من ستخسر بصراعات العدالة والتنمية بل كافة حلفاء تركيا في الإقليم والعالم، سواء كانوا من الدول أو من اللاعبين غير الحكوميين"، حسب قوله.