كتب ديفيد بلير تقريرا في صحيفة "ديلي تلغراف"، عن خسائر
إيران الكبيرة في الحرب السورية، وظلال الشك التي تلقيها حول حجم تلك المشاركة في ضوء مزاعم قادة إيران حول محدوديتها.
وقال بلير إن حوالي 700 جندي وعنصر مليشيا إيراني قتلوا في الحرب الأهلية السورية، بشكل يكشف بوضوح الثمن الذي تدفعه إيران، جراء تدخلها في
سوريا؛ دفاعا عن نظام بشار
الأسد، ومن أجل استمراره في السلطة.
ويشير التقرير إلى أن الحكومة الإيرانية لا تزال مصرة على أن مشاركتها في الحرب السورية لم تتعد إرسال "مستشارين عسكريين"، مستدركا بأن الإعلام الرسمي الحكومي أشار إلى سقوط عدد كبير من مقاتلي
الحرس الثوري، حيث كشف الأسبوع الماضي عن مقتل 13 عنصرا من عناصره في حلب.
وتذكر الصحيفة أن هناك حوالي ألفي مقاتل من فيلق القدس، المتخصص في العمليات الخارجية بالحرس الثوري، الذي يقوده اللواء قاسم سليماني، مشيرة إلى أن هذه التقديرات الجديدة هي للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، الذي قال إن هناك 13 مليشيا شيعية تقاتل إلى جانب الأسد.
ويكشف بلير عن أن الحرس الثوري يقدم لهذه المليشيات المقاتلين والأسلحة والتدريب العسكري والتخطيط، لافتا إلى أنه يقدر عدد المقاتلين الإيرانيين في سوريا بثلاثة آلاف عنصر.
ويعلق التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن "خسائر الإيرانيين وحلفائهم من المليشيات أصبحت كبيرة، حيث إنه في الفترة ما بين التدخل الروسي في سوريا في نهاية أيلول/ سبتمبر 2015 و2 أيار/ مايو هذا العام، قتل 280 إيرانيا، بحسب إحصائيات جمعتها مجموعة المشرق، وهي شركة استشارات، أما الإعلام الإيراني فقد ذكر أن 400 (شهيد) سقطوا في سوريا ما بين عام 2013 إلى 2015".
وتلفت الصحيفة إلى أن عدد القتلى الإيرانيين يصل مع الـ13 قتيلا في حلب في الأسابيع الماضية، إلى 693 قتيلا، مستدركة بأن هناك العديد من الوفيات لم يتم الإعلان عنها؛ حيث إن التدخل الإيراني في سوريا بدأ عام 2012، فمن المحتمل أن وفيات من الحرس الثوري لم يتم الإعلان عنها.
ويرى الكاتب أن حجم الخسائر في صفوف الحرس الثوري وحلفائه من المليشيات يلقي بظلال من الشك على مزاعم إيران، التي تؤكد فيها أن لا دور عسكريا تؤديه إيران، مشيرا إلى أنه في 16 شباط/ فبراير، أكد وزير الخارجية محمد جواد ظريف للبرلمان الأوروبي أنه "لا وجود لقوات إيرانية على الأرض في سوريا"، وقال: "لدينا مستشارون عسكريون في سوريا كما لدينا في مناطق أخرى".
وينوه التقرير إلى أنه في الوقت الذي كان يتحدث فيه ظريف، كان الجيش الإيراني يساعد قوات الأسد على كسر مقاومة المعارضة في حلب، وإحكام الحصار عليها، لافتا إلى أنه قبل 16 يوما من تصريحات ظريف، خسر الإيرانيون 50 عنصرا بشكل يوصف بأنه أكبر الخسائر التي تعرض لها الإيرانيون منذ بداية الحرب الأهلية السورية.
وتعلق الصحيفة بأن وجود القوات الإيرانية إلى جانب عناصر حزب الله اللبناني، المدعوم من إيران، أصبح بالنسبة للأسد خيارا لا يستغني عنه في محاولاته التمسك بالسلطة.
وينقل بلير عن إميل هوكاييم من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، قوله: "الأمر معقد، وبالتأكيد كان الدعم الإيراني، المالي والعسكري، عاملا حاسما في نجاة الأسد"، مشيرا إلى أن الأخير يعد الحليف العربي الوحيد، الذي يمنحها خطا بريا لتزويد حزب الله بالسلاح.
ويستدرك التقرير بأن إيران حاولت إخفاء دورها في سوريا، خاصة بعد ظهور تنظيم الدولة في العراق وسوريا، حيث تحاول تقديم نفسها على أنها تقدم الكفاح ضد تنظيم الدولة قبل كل شيء.
ويعلق هوكاييم قائلا إن "ظهور
تظيم الدولة اعطى الإيرانيين الذريعة لتبرير حضورهم في سوريا"، ويضيف: "من السهل اليوم تبرير وجودهم في سوريا، فإن لديهم شهداء يحتفلون بهم".
وتورد الصحيفة أنه كشف عن القناع الشهر الماضي، عندما أعلن النظام عن وصول جنود من الكتيبة 65 المحمولة جوا إلى سوريا، مشيرة إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تنشر فيها إيران قوات نظامية في حرب خارج حدودها منذ الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات من القرن الماضي، حيث قتل جنديان على الأقل منذ وصولهم.
ويجد الكاتب أن وصول وحدات عسكرية قد تكون محاولة من الجيش الإيراني الادعاء أنه شارك في الحرب ضد تنظيم الدولة، وربما كان وجود الجيش إشارة إلى عدم توفر القوة القتالية للحرس الثوري، خاصة أنه يشارك في اليمن والعراق ولبنان.
وتختم "ديلي تلغراف" تقريرها بالإشارة إلى قول هوكاييم: "ربما تعلق الأمر بتوسع الحرس الثوري فوق طاقته"، مشيرا إلى أن "لديه العديد من المهام في المنطقة، وربما احتاج للمقاتلين".