ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن مصطفى أمين بدر الدين، أحد أبرز قادة
حزب الله، الذي كان يدير عمليات حزب الله في
سوريا، كان متهما بسلسلة من الهجمات التي نفذت على مدى عقود، قتل في دمشق، مشيرة إلى أنه أدى دورا في الإبقاء على بشار
الأسد في السلطة خلال الثورة التي يواجهها نظامه منذ خمسة أعوام.
ويشير التقرير إلى أن الأسد حليف وثيق لحزب الله وإيران، التي قدمت السلاح والمال للحزب على مدى العقود الماضية، حيث يؤدي حزب الله، الذي يعد من أقوى المليشيات الشيعية، دورا مع بقية الجماعات الأخرى في المعارك داخل سوريا، لافتا إلى أنه لا يعرف بعد من يقف وراء اغتيال بدر الدين (55 عاما)، وفيما إن كانت
إسرائيل أو الجماعات المعارضة لنظام الأسد تقف وراء العملية.
وتورد الصحيفة أن حزب الله أكد مقتل القيادي يوم الجمعة في خبر بثته قناة "المنار" التابعة للحزب، التي قالت إن بدر الدين قتل جراء انفجار كبير قرب مطار دمشق الدولي، الذي جرح فيه عدد من مقاتلي الحزب، حيث جاء في البيان أن التحقيقات ستحدد طبيعة الانفجار، بالإضافة إلى السبب وراءه، وفيما إن كان نتيجة غارة جوية أم ضربة صاروخية.
ويلفت التقرير إلى أنه لم يتم تحديد الوقت الذي حصل فيه الهجوم، حيث بثت قناة "الميادين" المقربة من حزب الله في البداية أن بدر الدين قتل جراء غارة جوية، لكنها حذفت هذا الجزء في التقارير اللاحقة، مشيرا إلى أن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزارة الدفاع ووزير الخارجية رفضوا التعليق على موت بدر الدين.
وتذكر الصحيفة أن بدر الدين كان واحدا من أربعة أشخاص تمت محاكمتهم غيابيا بمقتل رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري جراء سيارة مفخخة في شباط/ فبراير 2005، مشيرة إلى أن المحاكمات تعقد في محكمة دولية خاصة قرب هيغ في هولندا، حيث قتل مع الحريري 22 شخصا، وكان أقوى شخصية سياسية في
لبنان في مرحلة ما بعد اتفاق الطائف عام 1990، الذي أوقف الحرب الأهلية اللبنانية.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن الحزب نفى أي تورط له في مقتل الحريري، ووصف الاتهامات بأنها ذات دوافع سياسية، لافتا إلى أن المحكمة وجهت الاتهامات لبدر الدين وعدد آخر من عناصر حزب الله في عام 2011، وقالت إنها لم تعثر على دليل قاطع يدينهم، لكنها وجدت أدلة عرضية.
وتجد الصحيفة أن مقتل بدر الدين يعد أكبر ضربة للحزب منذ مقتل المسؤول العسكري له عماد مغنية في دمشق عام 2008، مشيرة إلى أن مغنية هو صهر بدر الدين، ويتهم بتدبير تفجير قوات المارينز عام 1983، الذي قتل فيه 241 جنديا أمريكيا.
وينوه التقرير إلى أنه بعد مقتل مغنية أصبح بدر الدين المعروف باسم ذي الفقار أكبر قائد عسكري ومستشار للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، مشيرا إلى أن تلفزيون "المنار" نقل عن أحمد حسين الحاج حسن، أحد مسؤولي الحزب، قوله إن "استشهاد بدر الدين سيكون حافزا، كما حدث عند استشهاد القادة الآخرين من أجل الجهاد والتضحية والاستمرار". وأضاف أن بدر الدين "كما قاد حربا ضد التكفيريين، فإن تلك المعارك ضدهم ستستمر حتى تحقيق النصر"، ويقصد بالتكفيريين هنا المتشددين السنة مثل جبهة النصرة وتنظيم الدولة.
وتعلق الصحيفة بأن بدر الدين كان رجلا يعمل في الظل، ولديه خبرة في المتفجرات، واستخدم عددا من الأسماء مثل إلياس صعب وسامي عيسى، ولم تتوفر له سوى صورة بالأسود والأبيض عندما كان شابا، مستدركة بأن الحزب نشر صورا جديدة له بالزي العسكري، وأعلن كذلك عن مراسيم دفنه اليوم الجمعة قرب مغنية، وسيتم تلقي العزاء اليوم في الضاحية الجنوبية في بيروت.
وبحسب التقرير، فإنه يشتبه بتورط بدر الدين في الهجوم على سفارتي الولايات المتحدة وفرنسا في الكويت عام 1983، حيث اعتقل وحكم عليه بالإعدام ثم السجن المؤبد، وظل في السجن حتى عام 1990، ثم هرب بعد دخول قوات صدام حسين الكويت.
وتنقل الصحيفة ما كتبه المحلل العسكري الإسرائيلي رون بن يشاي في موقع "واي نت"، قائلا إن بدر الدين كان له الكثير من الأعداء، فإسرائيل تشك بعلاقته بتفجير المعبد اليهودي في بيونس أيرس في الأرجنتين عام 1992، بالإضافة إلى الهجوم على حافلة سياح إسرائيلية في بلغاريا عام 2012، مستدركة بأنه شكك في إمكانية تورط إسرائيل بمقتله، وزعم أن إسرائيل هي دولة لا تصفي حسابات، بل تجهض عمليات في المستقبل.
ويضيف بن يشاي أن بدر الدين كان تهديدا للمقاتلين في سوريا ولبنان أكثر من إسرائيل، مشيرا إلى أنه "لهذا السببب يمكن القول بكل تأكيد إن خلفية مقتله تتعلق بالنزاع اللبناني المحلي"، وفق التقرير.
ويبين التقرير أن إسرائيل اغتالت خلال الـ 30 عاما الماضية عددا من قيادات حزب الله، حيث اغتالت مروحية إسرائيلية في عام 1992 سلف نصر الله عباس الموسوي وقتلته مع زوجته وولده وأربعة من حرسه، وقبل هذا الحادث بثماني سنوات قتلت إسرائيل راغب حرب في جنوب لبنان.
وتشير الصحيفة إلى أن سمعة حزب الله تأثرت بسبب تدخله في الحرب الأهلية في اليمن ودعم الحوثيين هناك، حيث خسر موقعه البطولي في العالم العربي، بصفته حركة مقاومة ضد إسرائيل عندما تدخل في الحرب الأهلية السورية، لافتة إلى أن من يرى في الأسد ديكتاتورا وطاغية يقوم بسحق شعبه، فإنه يرى أن الحزب يساعده على جرائمه.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن الجامعة العربية صنفت حزب الله منظمة إرهابية في آذار/ مارس، وبعد ذلك علقت السعودية دعمها للبنان المقدر بقيمة أربعة مليارات دولار.