استمرت أزمة
إضراب طياري شركة "
مصر للطيران"، العاملين على طرازات بوينغ 737 و800، السبت، بعد أن دخلت يومها الرابع وتسببت في خسائر قاربت الخمسة ملايين جنيه، وفق تقديرات غير رسمية، وأربكت الحركة في مطار القاهرة الجوي، بتأخر تسع رحلات عن الإقلاع لأماكن شتى من العالم.
يأتي ذلك على الرغم من تعدد الوساطات من أجل حل الأزمة، ووجود خطوط مفتوحة بين رئاسة الجمهورية، ووزير الطيران، بخصوص معالجتها، على الرغم من نفي الرئاسة المصرية ذلك، حيث لم تفق بعد من الأزمة القائمة بينها وبين الصحفيين المصريين الذين هددوا قبل قرابة 10 أيام بتنظيم إضراب مماثل.
وحاول نظام حكم رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، محاصرة أزمة إضراب
الطيارين في مهدها عبر قصف إعلامي من خلال بعض أذرعه الإعلامية، وتحرك مجلس النواب، الذي يحتفظ فيه "ائتلاف دعم مصر"، ظهير السيسي، بالأغلبية، فضلا عن استخدام سياسة "العصا والجزرة" مع الطيارين، وهي السياسة التي نجحت في إجهاض إضراب مماثل قاموا به قبل شهور.
ويرفع الطيارون هذه المرة مطالب مماثلة لمطالبهم في المرة السابقة، وهي أن تزيد رواتبهم التي تتراوح بين 16 ألف و24 ألف جنيه (1600 إلى 2400 دولار أمريكي)، لتقارب رواتب زملائهم سواء الأقدمين، أو أصحاب النفوذ داخل الشركة، أو أقرانهم بشركات الطيران العربية والإقليمية.
العصا والجزرة
ودخل رئيس الشركة القابضة لمصر للطيران، صفوت مسلم، في لقاءات عدة، السبت، مع عدد من الطيارين المضربين، بحضور رئيس شركة
مصر للطيران للخطوط الجوية، الطيار هشام النحاس، وعرض على الطيارين المضربين زيادة رواتبهم بنسبة 22% بداية من تموز/ يوليو المقبل.
إلا أنهم أصروا على زيادتها بنسبة 30% على أن تستكمل بشكل دوري، ليقتربوا من دخول الطيارين في شركات الطيران الخاصة بمصر، دون أن تفتر آماله في التمكن من إقناعهم بفض الإضراب، بعد ثلاثة اجتماعات عقدها معهم، السبت، ووعود بالاستجابة التدريجية لهم.
مستمرون حتى إشعار آخر
وفي المقابل، أشارت تقارير إعلامية إلى أن الطيارين مستمرون حتى إشعار آخر في إضرابهم الذي يتم بصورة قانونية، إذ يأخذون إجازات مرضية، أو يدعون وجود أعطال فنية في طائراتهم حتى لا يقلعوا بها طبقا لقوانين الطيران، لكي لا تتخذ الشركة أي إجراءات ضدهم.
وفي هذا الصدد، طالب نقيب الطيارين، الطيار عمرو نصر، جميع الأطراف بالجلوس إلى مائدة المفاوضات؛ لإيجاد حلول مناسبة في أسرع وقت ممكن، وفي حدود الإمكانات المتاحة، مؤكدا وطنية كل الطيارين المصريين، ورفض أي مزايدة على وطنيتهم.
إعلامي: "حسوا بغيركم حرام عليكم"
ودخل الإعلامي المعروف بأنه ذراع إعلامية لنظام السيسي، عزمي مجاهد، على خط الأزمة.
وهاجم الطيارين بعد إضرابهم، قائلا: "ليه كدا..لا خدمات، ولا طيارين، وخسائر بالملايين.. معقولة لسه فيه ناس مش بتفكر إلا في مصلحتها.. يا جماعة حسوا بغيركم.. حرام عليكم".
وأضاف مجاهد في برنامجه "الملف"، عبر فضائية "العاصمة"، مساء الجمعة: "الرئيس شغال 24 ساعة في اليوم، وبيعمل مشاريع عشان تخدم البلد والمواطنين البسطاء، وشغالين من طول البلد لعرضها، واتفاقيات لزيادة الاستثمار في البلد، الرئيس يعمل إيه، ولا إيه.. محدش يقول كلمة".
وتابع: "مشروعات الرئيس حاجة تفرح، والشعب متابع، وحاجة جميلة جدا، والسياحة بدأت تعود، بس فيه ناس شغلتها تعطيل المراكب السايرة، وضرب خنجر في ظهر الناس اللي شغالة".
مسؤول بالغرف التجارية: "عايزين قطع رقبتهم"
وفي إطار الحملة على الطيارين أيضا، وبأسلوب أكثر حدة، علق عضو اتحاد الغرف التجارية، محمد بركة، على الأزمة قائلا: "إن الرأي العام لن يتعاطف معهم (أي الطيارين) نهائيا، سواء كان لهم حقوق من عدمه".
وأضاف "بركة" في حواره مع برنامج "صالة التحرير"، عبر فضائية "صدى البلد"، السبت، أنه يتوجب علي الحكومة ألا ترضخ لمطالب هؤلاء الطيارين، لأنه حال تنفيذ طلباتهم سيكون منهجا يسير عليه الجميع بنوع من الضغط على الحكومة.
وأكد أنه ينبغي فصل هؤلاء الطيارين، مضيفا: "الطيارين كتير، ولو لقوا شغل تاني كانوا راحوا اشتغلوا.. لأنهم مش وطنيين أصلا، ويستاهلوا قطع رقبهم".
البرلمان ينضم للحملة ويهدد الطيارين
وانضم مجلس نواب ما بعد الانقلاب إلى الحملة على الطيارين المضربين.
ودعا أكثر من 30 نائبا في المجلس إلى عقد اجتماع عاجل للجنة السياحة والطيران به لمناقشة الأزمة، ولإنقاذ سمعة مصر في أسواق النقل الجوي العالمية بعد أن تسبب الإضراب في تأخر إقلاع العديد من رحلات الطيران الدولية خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، على حد تعبير بعضهم.
وأشار بعضهم في بيانات عاجلة قدموها لوزير الطيران المدني إلى ضرورة إدارة الأزمة بنجاح تحوطا لهروب الركاب من استخدام الشركة الوطنية، وما قد تتعرض له من خسائر جسيمة.
وأكدوا رفضهم لما وصفوه بمحاولات لي الذراع التي يمارسها الطيارون على إدارة الشركة لتحسين أوضاعهم المالية، وألمحوا إلى استئجار طائرات أجنبية بطياريها، أو استئجار طيارين أجانب لتنفيذ الرحلات وفق المواعيد الموضوعة على الجدول يوميا.
وأضافوا أن الإضراب يأتي في وقت تقيم فيه مصر جسرا جويا لرحلات العمرة، التي ستصل ذروتها في شهر رمضان، إضافة إلى عودة العديد من العاملين المصريين في الخارج، خاصة من الدول العربية والخليجية إلى مصر لقضاء إجازاتهم.
وفي هذا السياق، قال وكيل لجنة السياحة والطيران المدني بالمجلس، عمرو صدقي، إنه سيتقدم، الأحد، بطلب إحاطة لوزير الطيران، شريف فتحي، للوقوف على أبعاد الأزمة، متابعا "سيحال للجنة الطيران، وسأطلب عقد جلسة استماع مع الوزير وأصحاب المشكلات، لاسيما نقابة الطيارين، للتوصل إلى نقاط اتفاق".
وأضاف "صدقي" في تصريحات صحفية، السبت، أن ظروف البلد لا تتحمل تلك الأزمة، متابعا: "مينفعش نبقى داخلين على موسم عمرة، ويبقى فيه إضراب، ومينفعش تبقى مصر للطيران لديها أزمات، ونهدها إحنا كمان من الداخل، البلد لا تتحمل ذلك من أبنائها".
إضراب.. وخسائر.. ومطالب
ويذكر أن إجمالي عدد الطيارين بشركة مصر للطيران، يبلغ ما يقرب من 900 طيار، وغالبيتهم تشكو مما يصفونه بسوء بيئة العمل والأحوال المحيطة بهم، وتدني رواتبهم، في وقت بلغت فيه خسائر "مصر للطيران" ما يزيد عن 11 مليار جنيه خلال السنوات الأخيرة، بحسب أرقام الشركة نفسها.
وفي المقابل، تقدم 224 طيارا باستقالات جماعية من الشركة في أيار/ مايو 2015، بعد مطالبتهم بزيادات ومستحقات مالية، وبتغيير لائحة الطيارين، إلا أن الشركة لم تستجب لهم.
ووصف وزير الطيران آنذاك مطالب الطيارين المستقيلين بأنها "لا تتوافق مع إمكانات الشركة".
وانتهت الأزمة بسحب الطيارين لاستقالتهم مراعاة لتوجيهات السيسي، الذي طالبهم بمراعاة الظروف التي تمر بها البلاد، إذ إن "مصر للطيران بتكسب وبتخسر"، على حد وصفه.