لا تزال
سوريا ومنذ قيام الثورة قبل ست سنوات تعاني الأمريّن، فبعد مقتل مئات الآلاف وتهجير الملايين وحصول تغييرات ديمغرافية في بعض مناطقها، فضلا عن تدمير ثلثي البلاد، ظهر مؤخرا تأثير جديد تمثل بتراجع تخزين المياه في السدود، ما أدى لجفاف بعضها، رغم وفرة أمطار الموسم الماضي.
في جنوب سوريا وبمحافظة
درعا، التي تعد من أكثر مناطق البلاد غنى بمياه الينابيع وكثرة السدود، أُعلن قبل أيام جفاف سد مدينة درعا بشكل كامل، والسد المتربع على الزاوية الجنوبية الغربية للمدينة كان يتسع لأكثر من 15 مليون متر مكعب من المياه، ويعد بحيرة اصطناعية ومكانا لتنزه أهالي المدينة مع كثرة الأشجار المحيطة به، بينما تحول اليوم إلى صحراء قاحلة.
يقول مدير المكتب الزراعي للمجلس المحلي لمدينة درعا، المهندس سامر الحمصي: "السد كان يتغذى من ينابيع وادي الأشعري، التي تبعد عن السد نحو 25كم، وكان يتم نقل المياه عبر قناة إسمنتية في فصلي الشتاء والربيع من كل عام، لكن، ومع بداية الثورة ودخول المعارك، توقفت القناة عن الضخ لعدة أسباب، منها تدمير المضخات جراء قصف النظام السوري".
وأضاف الحمصي في حديثه لـ "عربي21": "القناة المغذية للسد بدأت مطلع العام 2000، لكن قبل ذلك كان يتغذى من مجرى وادي الزيدي القادم من جبل العرب بعد ذوبان الثلوج، واستمر حتى بعد إنشاء القناة الإسمنتية، لكن محافظة السويداء المجاورة أقامت ثلاثة سدود في طريق المجرى قبل عدة سنوات".
وحول أهمية السد، يقول مدير مكتب الري في المجلس المحلي لدرعا أنس عياش لـ"عربي21": "السـد يروي مساحات واسعة من الأراضي الزراعية المحيطة به والمزروعة بعشرات الآلاف من أشجار الزيتون، كذلك يتم نقل مياه السد صيفا عبر قناة خاصة لري حقول الخضار والبساتين البعيدة عن السد في القرى المحيطة بمدينة درعا".
وأضاف عياش: "السد له دور كبير في الحفاظ على الثروة الحيوانية الموجودة في المنطقة، كذلك تربية النحل والحفاظ على الأشجار".
وحول تأثير جفاف السد، يعلق عياش بالقول: "الجفاف ينبئ بكارثة بيئية في مدينة درعا ومحيطها، لعدة أسباب، من بينها تدهور الغطاء النباتي في المنطقة، وتوقع انخفاض إنتاج الأشجار المثمرة، وانعدام الثروة السمكية الذي كان يتميز بها السد".
وتابع: "كما سيؤدي الجفاف لهجرة مربي المواشي، وانحسار الثروة الحيوانية، وانخفاض أعدادها، لا سيما أن تربية المواشي منتشرة بكثرة حول السد، وتؤمن فرص عمل للكثير، خاصة تصنيع منتجات الألبان، والتي تؤمن حاجة المدينة من الحليب الطبيعي واللحوم".
ولفت عياش الى أن "جفاف السد مر على عدة مراحل، وكان سنويا ينخفض بشكل متسارع، وهو ما أدى لانخفاض إنتاج الزيتون بشكل واضح وجفاف الكثير من الأشجار، وكان إنتاج شجرة الزيتون الواحدة نحو 40 كلغ، والآن لا يتعدى 10 كلغ، ومن المتوقع أن ينعدم في السنة القادمة".
وحول وجود حلول لتعويض المياه للمزارعين، أكد المهندس عياش أنه لا توجد حلول، "خاصة أن الآبار القريبة من السد، التي تعود ملكيتها للإدارة المحلية بالكاد تسد حاجة النازحين، وهي بالأصل لا تكفيهم، أما الآبار الخاصة فهي غير مستثمرة لارتفاع تكاليف التشغيل؛ لعدم توفر الكهرباء وارتفاع أسعار الوقود".
يشار إلى أن سد مدينة درعا بني عام 1976، وهو من أكثر السدود النموذجية في جنوب سوريا، حيث لا يتعدى جسم السد الـ200 متر وبارتفاع 100 متر، ويمتد في بطن وادي الزيدي على شكل ثعبان متعرج لنحو ستة كلم، وكانت تحيط به نحو خمسة آلاف شجرة حرجية.