عايشت محافظة
درعا في الأشهر الأخيرة معارك طاحنة سيطرت فيها قوات النظام على مواقع استراتيجية، أبرزها مدينتا الشيخ مسكين وعثمان، فيما تشهد خطوط القتال الآن بين الفصائل وقوات النظام جمودا، باستثناء بعض الغارات الجوية التي يشنها طيران النظام على بعض المواقع.
وفي ظل هذه الأجواء، برزت أصوات تطالب بتحريك الجبهات مع قوات النظام السوري في الجنوب، لتخفيف الضغط العسكري على حلب، لا سيما أن درعا تعد مفتاح العاصمة دمشق والورقة الرابحة في يد المعارضة، نظرا لموقعها الجغرافي وقربها من مناطق استراتيجية له.
لكن في المقابل، يرى آخرون، من أهالي درعا، أن الخوض في معارك جديدة مع النظام قد لا تحمد عقباه، ويرون أن المجتمع الدولي يغض النظر عن المجازر التي لم يتاون النظام عن ارتكابها، بحجة محاربة
تنظيم الدولة، فيما يشكل التخلص من الموالين للتنظيم، لا سيما لواء شهداء اليرموك وحركة المثنى الإسلامية في حوض اليرموك في الريف الغربي من المحافظة، خيارا مفضلا في الوقت الحالي للفصائل.
ويرى سمير السعدي، أحد أبناء المنطقة المهتمين بالوضع في درعا، أن المطالبة بإشعال جبهات القتال مع قوات النظام وحث الفصائل على افتعالها بغية التخفيف عن حلب؛ أمر لن يفي بالغرض، لأن المعركة لن تكون نابعة عن إرادة موحدة من الفصائل المقاتلة وغير مخطط لها، كون المعارك الحالية باتت تتطلب تخطيطا وقدرات قتالية، إضافة لذخائر تكون كافية لاستكمالها، أو تكون كمعارك سابقة خاضتها الفصائل تحت الضغط، كمعركة عاصفة الجنوب التي لم تكتب لها النجاح، وكانت ذات وقع كبير على درعا نتيجة الخسائر التي لحقت بالمدينة بشريا وماديا، وفق قول السعدي.
ويقول أبو سليمان العز، وهو قائد أحد فصائل الجيش الحر، في حديث مع "
عربي21"، إنه "منذ إعلان الهدنة وقبول فصائل الحر لها في درعا كانت تطلعاتنا إيقاف آلة القتل عن سكان المحافظة، والعمل على رص الصفوف في بعض الفصائل، لا سيما أن المعارضة كانت قد خسرت مواقع لها مؤخرا، واستنزفت بعض قوتها نتيجة الهجمات التي كان يشنها النظام علينا".
لكنه اعتبر أن "تحركات تنظيم الدولة في الريف الغربي من حيث محاولته نشر نفوذه وسيطرته على بلدات ومواقع محورية؛ دفعتنا للتحرك من أجل التخلص من وجودهم قبل سيطرتهم، ولكي لا ندع للمجتمع الدولي حججا للتدخل، وبدء ضربات جوية يكون سكان درعا ضحيتها"، كما قال.
من جهته، يرى سامي أحمد، أحد السكان، أن درعا كباقي المحافظات، لم يغب عنها مشهد القصف والاشتباكات، خصوصا أن المعارك انتقلت فقط من مواقع على خطوط تماس مع النظام إلى جبهات محررة سابقا، لكن الظهور والتوسع المفاجئ لتنظيم الدولة جعل فصائل الحر تنتقل لمعارك جديدة قد لا تصب في مصلحة أحد سوى قوات النظام التي استغلت الاقتتال الدائر في التحصين وتعزيز مواقعها، ما يقول.
ويضيف لـ"
عربي21": "بالنسبة لإمكانية فتح معارك للتخفيف عن حلب فهذا واجب، لكن على فصائل الجيش الحر حسبان العواقب في حال فشلهم في إحراز تقدم، وجر الأهالي لمعارك طاحنة وحركات نزوح جماعية من مدنهم؛ لأن النظام سيتعمد استهداف الأماكن السكانية لتحقيق أكبر نسبة خسائر في صفوف المدنيين، كما من الممكن أن تفشل فصائل الحر في توزيع القوة البشرية على أرض المعركة، لا سيما أنها منشغلة في قتال التنظيم".