اعتبر سياسيون
مصريون تصريحات وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب، مجدي العجاتي، أن "التصالح ممكن مع
الإخواني إذا لم تتلوث يداه بالدماء"، إشارة إلى حصوله على ضوء أخضر من جانب السلطة، كي يقول هذا الكلام، وفق القيادي بحزب الكرامة "أمين إسكندر"، في وقت هاجم فيه إعلاميون موالون لرئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي هذا الطرح للصلح، ووصفه أحدهم بأنه "شرك بالله".
جاءت تصريحات الوزير، على خلفية حديثه عن قانون العدالة الانتقالية، الذي تنتوي الحكومة إرساله إلى مجلس النواب، وذلك في حوار مع صحيفة "اليوم السابع"، ما اعتبره مراقبون أول دعوة رسمية من الحكومة للتصالح مع الإخوان، ويعكس تغييرا في توجهات الحكومة، ورغبة في
المصالحة مع الإخوان، مرجعين ذلك إلى حاجتها إلى تجاوز الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد.
ولم يستبعد الكاتب الصحفي، خالد سيد أحمد، أن يتم تداول دعوات المصالحة في خلال الفترة المقبلة على ألسنة كثير من السياسيين ونواب البرلمان المؤيدين للنظام، وأن تعج به برامج "التوك شو"، وأن يتصدر مقالات الرأي في الصحف القومية والمستقلة، وأن يتم الترويج له تحت مسمى "الفريضة المؤجلة" التي ينبغي قضاؤها من دون تأخير، وفق قوله.
وأشار إلى أننا سنشهد عبارات تقال من قبيل: "الإخوان فصيل وطني مخلص ومحترم، أدى دورا مهما في إنجاح ثورة يناير، وأسهم في إسقاط نظام مبارك، وإذا كان هناك من أخطاء ارتكبها، فيجب الاعتراف بأن الجميع ارتكب مثلها وأكثر، وإنه لابد من تجاوز الماضي بكل جروحه وأحزانه، والانطلاق إلى الأمام، حتى تصبح المصالحة الوطنية واقعا ملموسا يحقق لمصر الاستقرار المفقود".
وعلق في مقاله "الفريضة المؤجلة" بجريدة "الشروق"، السبت، بقوله: "ينبغي أن يعرف الشعب بما يجري خلف الكواليس، وما الأسباب الحقيقية التي دفعت الحكومة، إلى تغيير مواقفها من جماعة الإخوان التي تصفها دائما بالإرهابية، وتضعها بين "أهل الشر"، وتصادر أموال أفرادها وشركاتها ومدارسها، وتلاحق عناصرها ليلا نهارا بتهمة محاولة قلب نظام الحكم، والانتماء إلى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون والدستور".
وتابع: "ماذا حدث في يوم وليلة، حتى يتحدث وزير مهم في وزارة شريف إسماعيل عن "إمكانية التصالح مع الإخوان؟ هل هو رأى شخصي للعجاتي أم أنه كلف بهذا الأمر؟ ولماذا الآن يتم إطلاق مثل هذا الكلام؟ وهل توجد ضغوط أو مساومات أو تهديدات أو إغراءات مالية أو استثمارية، من قبل أطراف إقليمية ودولية؟".
وأضاف: "ربما تكون هذه الأمور مجتمعة وراء الرغبة الحكومية في التصالح مع الإخوان، فإذا كان الإخوان أبرياء من حصاد الدم الذي نعيش فيه منذ يوليو 2013، فعلى الحكومة أن تكون شجاعة، وتخرج إلى العلن، وتعترف بذلك، وتعتذر للجماعة، وتعيد لها أموالها وممتلكاتها المصادرة، وتطلق سراح أعضائها المحتجزين في السجون".
ماذا قال العجاتي؟
وكانت تصريحات الوزير جاءت تعليقا على سؤال في حوار مع صحيفة "اليوم السابع"، الأحد، حول قانون العدالة الانتقالية الذي ينص على تحقيق المصالحة الوطنية، ووضع الإخوان منه.
فكان رده: "الدستور يريد إنهاء تلك المسألة الخلافية، وأن نعود نسيجا واحدا، ليس هناك إخوان، وغير إخوان، ومرسي وغير مرسي، هذا هو هدف المشرع، لكن ممكن نتصالح مع الإخواني إذا لم تُلوث يده بالدم، لأنه مواطن في النهاية، ما دام لم يُنسب إليه أي فعل إجرامي، فلماذا لا نتصالح معه، ويدخل ضمن نسيج الشعب المصري؟".
وفي حواره أشار العجاتي إلى أن عناصر تابعة لجماعة الإخوان لا يزالون موجودين في وظائف عدة بالوزارات، مضيفا أن الدستور المصري يلزم بالمصالحة، وأن الإخواني مواطن في النهاية، وأن التصالح ليس سهلا، ولكن ستستعين الدولة بتجارب من دول أخرى، بحسب قوله.
واستطرد بأن قانون العدالة الانتقالية سيأخذ وقتا طويلا لإعداده لأنه ليس سهلا، مضيفا أنه "في هذا القانون لابد أن نحدد ماذا حدث، ومن المسؤول، ومن أُضير، وكيفية تعويض الضرر، وطرح أُطر للمصالحة الوطنية، فالموضوع شائك، ويحتاج إلى مجهود"، على حد قوله.
أعنف رد من الكردوسي: شرك بالله
وجاء أعنف رد على تصريحات الوزير، السبت، من الإعلامي الموالي للسيسي "محمود الكردوسي"، الذي كتب بصحيفة "الوطن"، ساخرا تحت عنوان "عند أم ترتر": "المصالحة مع هذه العصابة (يقصد جماعة الإخوان المسلمين) "شرك بالله، لأنها خانت الدين قبل أن تخون الوطن"، بحسب تعبيره.
وأضاف: "قرار المصالحة مع هذه الجماعة الإرهابية لا يملكه رئيس ولا حكومة ولا نخبة.. هذا قرار 90 مليون مصري.. تحب أفكر حضرتك بكلامك العاقل: مفيش دولة تتصالح مع عصابة".
وتابع: "مفيش حاجة اسمها "من لم تتلوّث أيديهم بالدماء"، فهؤلاء "كامنون"، ينتظرون الفرصة لقتلك".
وأردف: "مفيش حاجة اسمها "تتصالح مع إخواني"، لأن محتواه "صهيوني"، لا عهد له، ولا شرف".
ووجه الكردوسي خطابه للوزير قائلا: "أنصحك: لا تهدر ثواب صيامك بالحديث عن "مصالحة" مع هؤلاء القتلة، ولا تراهن على ذلك إلا إذا أصبح البرادعي أو حمدين رئيسا لمصر.. وده عند أم ترتر"، على حد وصفه.
رافضون للتصالح
تساءل ثروت الخرباوي، عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "لسان من الذي يتحدث به العجاتي؟
وأضاف: "لا مكان عندنا للعاطفة بخصوص الإخوان، وأشباههم، وأتباعهم، وما رأيك في من تلوثت قلوبهم بالدماء؟ وماذا تقول في الذي ينتظر فرصة لكي تتلوث يده بالدماء؟".
وأردف: "لا تصالح مع الإخوان أيها الرجل الغريب.. أيها الأخ الوزير إما اعتذرت، وإما اعتزلت".
ومن جهته، علق المنشق عن جماعة الإخوان، المناصر للانقلاب، كمال الهلباوي، على التصريحات قائلا: "أي إخوان.. عيب إننا نقول نتصالح معاهم".
وأضاف - في حواره ببرنامج "عيون مصر"، عبر قناة "الحدث اليوم"، مساء الأحد - أن "الإخوان الآن انقسموا إلى 4 مجموعات، فهناك مجموعتان متصارعتان على السلطة والمال والتاريخ، ومجموعة على طريق التبين، وأخرى لم تشارك في العنف ومع ثورة 30 يونيو"، وفق زعمه.
وعلق مختار نوح قائلا إن هذه المبادرات لم تكن في صالح الدولة بأي شكل، فضلا عن أنه في حال رجوع الإخوان للحياة السياسية، سيعودون مثل ما كانوا في الماضي.
أما مصطفي بكري، فانتقد التصريحات، قائلا: "التصالح مع الإخوان يعني التصالح مع الإرهاب، وهذا محرم".
وزعم بكري عدم استعداد القيادة المصرية، لرجوع الإخوان للحياة السياسية مرة أخرى، وأن البرلمان سيرفض التصالح مع الإخوان؛ لأنهم جميعهم يمارسون العمل السياسي بالعنف، بحسب إدعائه.
مؤيدون للتصالح
وفي مقابل الفريق الأسبق، ظهر فريق مؤيد لفكرة المصالحة مع الإخوان.
ومن بين أعضاء مجلس النواب، أعلن النائب محمود حسن عبد الحميد تأييده لمبادرة العجاتي.
وصرح بأنه في حال عقد معاهدات صلح مع جماعة الإخوان، فلا بد من التزامهم بتلك المعاهدات، والكف عن ارتكاب أي عمليات إجرامية أو إرهابية للنهوض بالدولة مرة أخرى.
وقال الخبير العسكري عبد المنعم سعيد، إنه لا مانع من أن تسمح الحكومة بهذه التجربة، لأن كل الأمور في يدها، وإن لم تكسب من التصالح مع الإخوان فلن تخسر.
الإخوان: لا ننشغل بتلك الأحاديث
ومن جهته، علق القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، الدكتور أحمد رامي، على التصريحات بالقول: "إن حديث النظام عن المصالحة لا يشغل الجماعة، وإن كل هذه الأمور لا نلتفت إليها".
وأضاف في تصريح نقلته شبكة"رصد": "إن الخلاف والصراع ليس بين الإخوان ومن دبروا ونفذوا الانقلاب، ولكن الخلاف بين أغلب، بل ألوان الطيف السياسي كافة، وهذا النظام، فالسجون بها من ألوان الطيف السياسي كافة".