جدد الإعلامي
المصري، إبراهيم عيسى، هجومه على الحكومة المصرية، واصفا إياها بأنها "أقسمت يمين ولاء أنها ستسلم إلى
السعودية "تيران" و"صنافير" اللتين يعتبرهما الشعب والقضاء المصريين أرضهما"، ساخرا من وزرائها الذين يتحركون بمكالمات هاتفية تأتيهم من الرئاسة، بحسب قوله.
جاء ذلك في أحدث مقال لإبراهيم عيسى بجريدة "المقال"، الأربعاء، التي يرأس تحريرها، اتهم فيه من يرون أن الجزيرتين سعوديتان بأنهم ينتصرون للتحايل على الدستور.
وفي البداية قال عيسى إن المؤكد أن "تيران" و"صنافير" اختبار مذهل للجميع، من الرئيس حتى أصغر متظاهر محكوم عليه بتهمة التظاهر دفاعا عن مصرية "تيران" و"صنافير".
وأشار إلى أن "الاختبار هو: هل نحترم الدستور ونطبقه أم نتحايل عليه ونحنطه؟".
وأضاف: "الذين يرون أنهما مصريتان ينتصرون للدستور الذي ينص على أن القرار للشعب في استفتاء، حيث إن التنازل عن حقوق السيادة باطل دستوريا، وها هو حكم القضاء قد أنصفهم في مواجهة حملات التشهير والتشويه".
وأردف: "والذين يرون أنهما سعوديتان ينتصرون للتحايل على الدستور، ويقدمون الاتفاقية على أنها قرار إداري، ومن هنا جاء حكم القضاء الإداري ليفضح حجتهم البالية تماما".
الاتفاقية إما عدم أو باطلة أو يحسمها استفتاء
واستطرد عيسى مفندا: "إذا كانت الاتفاقية، كما يزعمون، قرارا سياديا، يبقى مصيرها كالعدم أو لا بد من عرضها في استفتاء شعبي ما دامت تخص عملا من أعمال السيادة كما ينص الدستور، وإذا كانت قرارا إداريا يبقى من حق الحكومة أن تقضي ببطلانها".
وتابع: "بالتأكيد انتظر الموظف المسؤول في هيئة قضايا الدولة بعد صدور الحكم المنير للمستشار الجليل يحيى دكروري، أمس، تعليمات السيد وزير العدل بالطعن على حكم المحكمة الإدارية ببطلان تسليم "تيران" و"صنافير" للسعودية".
وأكد أن الموظف لا يجرؤ على اتخاذ قرار مثل هذا أو عدم اتخاذه، لكن وزير العدل كذلك لا يملك من أمره شيئا في هذا الموضوع، ولا يفكر حتى في أن يدلي برأيه، ولا أن يوصي بتوصيته، فهو يعرف حدوده، ومن ثم فإنه يتصل بمن يعرف رقمه في قصر الرئاسة ليسأله".
واستدرك: "برغم أنه (وزير العدل) يتصل كذلك بالسيد شريف إسماعيل رئيس الحكومة، وهو صاحب التوقيع على اتفاقية الترسيم، كأنه يعرف أنه صاحب التوقيع فقط، وليس صاحب القرار، فإن من المؤكد أن شريف إسماعيل لا يستوعب أصلا ما المفروض عمله إلا عقب استئذان الرئيس أو من يرد عليه من تليفون الرئاسة"، على حد قوله.
ولاحظ عيسى أن هناك في المشهد أيضا "السيد مجدي العجاتي"، وهو مستشار سابق في مجلس الدولة، وهو يوقن بأن الحكم واجب النفاذ، لكنه صار الآن وزيرا للشؤون البرلمانية، وللرجل حين يصير وزيرا رأى غير رأيه عندما كان مستشارا.
فالعجاتي بما له من خبرة هائلة في القضاء الإداري - وفق عيسى – "يعرف أن الدفع بعدم اختصاص مجلس الدولة للنظر في الاتفاقية بدعوى أنها أعمال سيادة يستوجب لو صح إجراء استفتاء حول الاتفاقية".
رابطة حب السعودية في مصر
وسخر عيسى بالقول إن: "رابطة حب السعودية في مصر تروج لأن الاتفاقية لا تشتمل تنازلا عن سيادة، لأنها تعرف أن الدستور يجعل التنازل عن السيادة كالعدم أصلا، فتتحجج بأنها ليست اتفاقية حول السيادة بينما تجري رابطة حب السعودية إلى القضاء لتدفع بعدم اختصاصه للنظر في القضية لأنها تخص السيادة".
وأبدى تعجبه من "هؤلاء الذين يلهجون بالنفاق للسيسي، ويعتقدون أنه لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، ولا يمكن أن يخطئ في قرار شأن كل رؤساء مصر السابقين الذين تعرضوا للتأليه طيلة فترة حكمهم من المحيطين بهم ومن حكوماتهم وأجهزتهم، وأنه ما دام قال إنهما سعوديتان فعلينا جميعا أن نسلم له ونسلم للسعودية الجزيرتين".
وإضافة إلى هؤلاء - تابع عيسى –: "هناك الذين يلهثون خلف الرضا السعودي ورأيهم أن أحلام السعودية أوامر، وأن طلباتها يجب أن تجاب من العين دي قبل العين دي".
وهؤلاء جميعا يقعون في الفصام والارتباك والتشوش والتنازل بين الحقائق والمصالح، فالحقيقة المؤكدة - وفق الكاتب – أن مصر مارست حقوق سيادة على "تيران" و"صنافير"، وأن توقيع هذه الاتفاقية باطل بالدستور وبالقانون، وبحكم المحكمة، وبالوجدان الشعبي المصري، بحسب تعبيره.
ما بعد الطعن.. تليفون الرئاسة
وأضاف: "سيسعى هؤلاء وهؤلاء طبعا إلى الطعن في "الإدارية العليا"، وقد يحصلون على حكم يريحهم، وقد لا يحصلون، لكن هذا لا ينفي أن الحكم واجب النفاذ، وأنه الآن طبقا لحكم المحكمة فإن "تيران" و"صنافير" مصريتان، كما هما، ولا اتفاقية تم توقيعها".
واستطرد: "من ثم: لا اتفاقية مطروحة أمام علي عبد العال رئيس مجلس النواب، الذي ينتظر بالتأكيد تليفون الرئاسة ليعرف هل يواصل نقاش الاتفاقية برغم بطلانها (بل وعدمها أصلا) أمام لجان البرلمان تحديا وعنادا أم يتمهل حتى يأتي حكم آخر قد يريح أعصاب النظام؟".
وواصل عيسى حديثه: "إن محاولات الالتفاف واللف والدوران والمخاتلة والمحايلة كلها التي تبرع فيها حكومات الطرشان التي تدير مصر من أربعين عاما لا يمكن أن تفلح أبدا في أن تنفي عن نفسها وصمة الطعن على هذا الحكم القضائي".
واختتم الكاتب مقاله بالقول: "فكأننا أمام حكومة أقسمت يمين ولاء أنها ستسلم إلى السعودية "تيران" و"صنافير"، اللتين يعتبرهما الشعب المصري والقضاء المصري أرضه"، وفق وصفه.