أصيب
الفلسطينيون بخيبة أمل جديدة، بعدما ترقبوا بشغف نتائج الجهود التي يبذلها الجانب القطري، منذ ما يزيد عن شهرين، لإنهاء الانقسام بين حركتي
فتح وحماس، لكن جاء الإعلان يوم 18 من حزيران/ يونيو الجاري، عن فشل مباحثات
المصالحة.
المصالحة أضحت حديث الشارع الفلسطيني، مع دخول الانقسام عامه العاشر، وفشل جميع المبادرات والجهود المبذولة لإنهاء هذا الملف، بدءا من اتفاق مكة، ومرورا بتفاهمات القاهرة، واتفاق صنعاء، وإعلان الدوحة الأخير، الذي واجه الفشل حتى قبل أن يرى النور.
"عربي21" تابعت ردود فعل الشارع الفلسطيني في قطاع
غزة حول فشل مباحثات الدوحة بشأن المصالحة، حيث عبّر الطالب الجامعي أحمد صافي عن "حزنه الشديد لفشل جهود قطر في إنهاء الانقسام". وقال لـ"عربي21" إنه كان يترقب سماع خبر المصالحة على أحر من الجمر؛ لفشله في السنوات الخمس الأخيرة من الحصول على تصريح من حكومة رام الله لدخول الضفة الغربية للاجتماع بأسرته.
أما ياسين أبو حسنة، فهو أحد الموظفين المقطوعة رواتبهم في القطاع، بسبب الانقسام، فقال في حديث لـ"عربي21" إنه "يشعر بالانتكاسة وخيبة الأمل، بعد سماعه خبر فشل جهود المصالحة، مشيرا إلى أنه متضرر من هذا الملف مع قطع راتبه من قبل حكومة رام الله بعد أحداث الانقسام منتصف عام 2007.
تفاؤل حذر
من جهته، اعتبر الناطق باسم
حماس، سامي أبو زهري، أن "اجتماع الدوحة الأخير فشل بسبب مواقف فتح وتراجعها عما تم الاتفاق عليه سابقا في العديد من الملفات"، بحسب تعبيره.
وأضاف لـ"عربي21" أن "فتح أصرت على عدم الاعتراف بشرعية موظفي قطاع غزة، ورفضت تفعيل المجلس التشريعي، وهي بذلك تتحمل المسؤولية عن فشل اجتماع الدوحة؛ نظرا لعدم وجود إرادة سياسية لديها من أجل تحقيق المصالحة، وإصرارها على محاولة إقصاء حماس سياسيا، وفرض سياسية الأمر الواقع عليها".
وتعود بداية الانقسام بين فتح وحماس إلى الأحداث الدامية التي جرت في 14 حزيران/ يونيو 2007 ، وأسفرت عن سيطرة حماس على قطاع غزة، وما أعقب ذلك من إعلان القطاع كيانا متمردا من قبل إسرائيل وأطراف إقليمية عدة، نتج عن ذلك إغلاق كافة المعابر التي تربط قطاع غزة مع العالم الخارجي، مع فرض حصار مشدد شمل كل مناحي الحياة في القطاع.
أطراف خارجية
وكشفت أوساط قيادية مقربة من فتح، رفضت كشف هويتها، لـ"عربي21"، عن "ضغوطات مارستها مصر عليها، لمنع توقيع اتفاق المصالحة برعاية قطر، ومحاولة نقل هذا الملف إلى القاهرة لإحياء الدور المصري من جديد في الساحة الفلسطينية"، وفق المصدر.
لكن المتحدث باسم فتح، أسامة القواسمي، اعتبر -من جهته- أن "لقاءات الدوحة أظهرت بشكل واضح وجلي أن حماس غير جاهزة بعد للوحدة الوطنية والشراكة السياسية المبنية على أساس الوطن وليس الجماعة"، كما قال.
وقال لـ"عربي21" إن "الهم الوحيد لحركة حماس من لقاءات المصالحة يكمن في إنهاء مشكلتها المالية التي تعاني منها، وهذا غير مقبول من قبل فتح".
وأصدر المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية استطلاعا للرأي بين الفلسطينيين، في أيار/ مايو الماضي، أظهر أن نسبة التفاؤل في نجاح جهود المصالحة لم تتجاوز 40 في المئة، ونسبة التشاؤم بلغت 56 في المئة. وعبّر 22 في المئة من المستطلعة آراؤهم عن اعتقادهم بأن حماس هي المسؤولة عن تعطيل المصالحة، فيما حمّل 35 في المئة السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس مسؤولية تعطيل هذا الملف.
أما المحلل السياسي مصطفى الصواف، فأشار إلى أن "من يقف وراء فشل الجهود القطرية، هو انسحاب فتح والرئيس عباس من جلسات الحوار قبل إنهائها، بعد ضغوطات إسرائيلية وخارجية مورست عليه، لإفشال أي اتفاق مع حماس"، وفق تقديره.
وأضاف في حديث لـ"عربي21"، أن "أسلوب الرهانات على أطراف خارج المشهد السياسي (الفلسطيني) لن تفلح في إنهاء ملف المصالحة"، في إشارة فيما يبدو لرغبة السلطة الفلسطينية للعودة إلى المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي.