"أردوغان تعهد لسنوات بأن لا تكون هناك مصالحة مع
إسرائيل ما لم يتم رفع
الحصار عن غزة، لكنه بعد ذلك توصل لاتفاق يبقي الحصار على حاله".. بهذه العبارة بدأ المحلل السياسي الإسرائيلي المعروف، آفي يسسخاروف، حديثه حول ما وصفه بـ"الصفقة الرديئة" بين
تركيا و"إسرائيل".
وقال في مقالة له على موقع "تايمز أوف إسرائيل" إن "الأزمة الهزلية بين إسرائيل وأنقرة وصلت أخيرا إلى نهايتها" بعد ست سنوات من اندلاعها، مضيفا: "هزلية.. هي حقا الكلمة الصحيحة لوصف هذه الأزمة".
وحمل يسسخاروف تركيا مسؤولية "خلق وإطالة" تلك الأزمة؛ لأنها بحسب قوله "هي من أرسل أسطول مرمرة إلى غزة عام 2010، وهي تدرك إدراكا تاما بأن السفن لن تصل إلى وجهتها"، مشيرا إلى أنه "برغم اعتذار نتنياهو (رئيس الحكومة الإسرائيلية) عن ما جرى للسفينة الإغاثية التركية، خلال زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لإسرائيل في آذار/ مارس من عام 2013، إلا أن الأتراك هم الذين تنازلوا في نهاية المطاف عن مطلبهم الرئيس، وهو رفع الحصار البحري الإسرائيلي عن
قطاع غزة".
وأضاف: "ما كان ذلك ليحدث أبدا، ولم يحدث"، مؤكدا أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس وزرائه بن علي يلدريم "سيصرّان من دون شك على أنه بفضلهما تم حل أزمة غزة، حيث أعلن الأتراك بأنهم سيرسلون هذا الأسبوع سفينة مساعدات إلى ميناء أشدود (إسرائيلي) محملة بالمساعدات الإنسانية".
ورأى أن ما سبق "سيبين التلاعب الإعلامي"، زاعما أن "سفن المساعدات ترسو بشكل شبه يومي في أشدود محملة بالسلع المعدة لغزة، وتصل كلها تقريبا إلى وجهتها".
وتساءل يسسخاروف متهكما: "لماذا تباطأ أردوغان إذن لفترة طويلة في التوصل إلى مصالحة مع إسرائيل؟ ربما كان يأمل في أن يعطيه أحد ما في إسرائيل سلّما أكثر أناقة لكي يكون قادرا على النزول عن مطلبه برفع الحصار عن غزة".
وقال إن أردوغان "ربما يدرك الآن كيف يمكن لصفقة الغاز المحتملة، وارتفاع عدد السياح من إسرائيل؛ مساعدته في الأمور التي تهم تركيا واقتصادها حقا"، مؤكدا أن "خلاصة القول؛ هي أن الاستسلام جاء من أنقرة، وهي التي كررت لستة أعوام بأنه لن تكون هناك مصالحة من دون رفع الحصار عن غزة، وبالتالي فقد أصبحت تركيا أردوغان من وجهة نظر
حركة حماس؛ كنمر من ورق" على حد تعبيره.
وأكد
المحلل الإسرائيلي أن تركيا "الحليف الأهم لحركة حماس؛ تخلت عنها"، لافتا إلى أن "الحصار سيتواصل، ولا يوجد هناك مطار أو ميناء، باستثناء بعض الفوائد لقطاع غزة، كبناء محطة لتحلية المياه، وأخرى لتوليد الكهرباء، ومستشفى جديد".
وأضاف أنه "كان بالإمكان ترتيب هذه الأمور من دون اتفاق مصالحة مع إسرائيل"، مشيرا إلى أن "المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ستكون سعيدة تماما في منح غزة مرافق كهذه، في إطار جهودها المستمرة لمنع صراع جديد مع غزة".
وأوضح أن حركة حماس "تجد بعض المواساة في هذا الاتفاق؛ لأنه لن يتم طرد قادتها من تركيا"، متابعا: "لذلك؛ هناك فائدة محدودة، فمن المتوقع أن تزيد أجهزة الاستخبارات التركية من رقابتها على أنشطة الذراع العسكرية لحماس على أراضيها من الآن فصاعدا".
وسيط محتمل
وبيّن يسسخاروف أن الاتفاق "يمكن أن يجعل من تركيا وسيطا محتملا جديدا بين إسرائيل وحماس"، مشيرا إلى أن "مصر تُعد منذ مدة طويلة حليفة لإسرائيل، وتتسم علاقتها بحماس بالريبة والشك".
ورأى أن السيناريو المتفائل حول توجه حركة حماس خلال الفترة القادمة؛ هو أن "تقلل المساعدات الإنسانية لغزة من حافز الحركة للبدء بحرب جديدة مع إسرائيل في المستقبل القريب"، مستدركا بقوله: "للأسف؛ في الشرق الأوسط؛ سيناريوهات متفائلة كهذه لا تكون عادة واقعية".
وقال يسسخاروف إنه "إذا لم يتغير الوضع الراهن الأوسع بين إسرائيل وغزة، وتبين أن التحسينات الإنسانية هامشية؛ فقد يحدث العكس، مع الشعور بخيبة أمل من تركيا"، لافتا إلى أن هناك "ضغوطا متزايدة من الجناح العسكري لحماس، الذي يتقرب بشكل متزايد من إيران، لإطلاق جولة جديدة من العنف ضد إسرائيل، من أجل تغيير الواقع الحالي بشكل جذري" على حد قوله.