نشر موقع "بازفيد" تقريرا لمراسلته للشؤون الإخبارية عائشة غني، عن المسلمين الذين دعموا حملة الخروج من
الاتحاد الأوروبي، متسائلة عما إذا غيروا مواقفهم، بعدما تحول انتصار معسكر الخروج إلى هجمات
عنصرية، ومنح الشرعية لليمين المتطرف.
وتقول الكاتبة: "عندما قررت سيدة الأعمال ناهد مجيد التصويت لصالح معسكر الخروج من الاتحاد الأوروبي، فإنها أصبحت أقلية ضمن المسلمين البريطانيين، حيث تقول مجيد: (كنت دائما من دعاة الخروج، وربما كان هذا منذ صغري)، وأنشأت مجموعة (
مسلمون من أجل
بريطانيا)".
وينقل التقرير عن مجيد، قولها: "الأسباب التي دفعتني لاتخاذ قراري تتعلق بالسيادة والديمقراطية، ودائما كنت أشعر بأنه يجب أن تكون لدينا سيادة وديمقراطية أكثر، وأننا بحاجة إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي".
ويستدرك الموقع بأنه بالرغم من أن نسبة 70% من مسلمي بريطانيا شاركوا في التصويت لصالح البقاء، إلا أن وجهة نظر مجيد ومن يوافقها الرأي، يريدون أن تقطع بريطانيا علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن عضو البرلمان الأوروبي عن حزب المحافظين دانيال هانان أثنى على المسلمين في تغريدة يوم 2 تموز/ يوليو؛ لأنهم ساعدوا معسكر الخروج من أجل تأمين الانتصار في بيرمنغهام، حيث تبلغ نسبة المسلمين فيها 22%.
وتشير غني إلى أنه كانت هناك تقارير عن تعرض ناس للهجمات العنصرية والإسلاموفوبيا في الشوارع والمواصلات العامة، بالإضافة إلى الاعتداءات على المراكز الدينية والثقافية في أنحاء البلاد، في أعقاب
الاستفتاء، لافتة إلى أنه بحسب تقارير المجلس الوطني لقادة الشرطة، فإن هناك زيادة في الحوادث بنسبة 57% مقارنة بالأسابيع الأربعة السابقة.
وفي محاولة لاستطلاع مواقف مسلمين صوتوا لصالح الخروج، قامت الصحافية بمقابلة عدد منهم؛ لمعرفة الأسباب التي دفعتهم لدعم الخروج، حيث تقول مجيد: "إنها أسباب متعددة، فبالإضافة إلى الرغبة بسيادة أكثر لبريطانيا، إلا أن هناك عاملا اقتصاديا، لم أكن أريد أن ترتبط بريطانيا بكتلة، حيث إن الاتحاد الأوروبي هو واحد من أكثر الاقتصاديات الراكدة في العالم".
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن السبب ذاته هو الذي دفع مؤسسة ومديرة وكالة العلاقات العامة "كيرزون" فرزانة بادويل، للتصويت لصالح الخروج، حيث تقول: "انضممت إلى معسكر الخروج؛ لأنني بصفتي سيدة أعمال ذات علاقة بالكومنولث، فإني أعتقد أن الاتحاد الأوروبي لديه سياسة تمييزية، فقد كان باستطاعة مواطني الاتحاد الأوروبي التحرك بحرية أكثر من أؤلئك القادمين من خارجه، الذين كانوا يواجهون قيودا شديدة، وأعتقد الآن أن بريطانيا تستطيع التفاوض حول عقود ثنائية مع دول من خارج الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك دول الكومنولث، مثل الهند وباكستان وأستراليا، والاقتصاديات النامية بسرعة، مثل الصين، وفي زمن العولمة فإننا بحاجة إلى الانفتاح على الكفاءات العالمية، والتجارة على الصعيد الدولي".
ويلفت الموقع إلى أن هناك سببا آخر دفع بعض المسلمين لدعم معسكر الخروج، الذي ظهر من خلال النقاشات حول طاولات الطعام، ورسائل الـ"واتساب"، ووسائل التواصل الاجتماعي، وهو الخوف من المشاعر المعادية للمسلمين في أنحاء أوروبا كلها، حيث تقول مجيد، التي كانت عمدة في وينسدور وميدنهد: "أنظر إلى سلوفاكيا وهنغاريا، فإنه من الواضح أنهما لا ترحبان بالمسلمين في أراضيهما، بالإضافة إلى صعود
اليمين المتطرف، مثل حركة بيغيدا، ولا أريد ان أكون جزءا من ذلك، نعم هناك بعض القضايا المتعلقة بالعرق (في بريطانيا)، لكن لا يوجد لدينا نواب فاشيون".
وتنقل الكاتبة عن افتخار عوان، وهو أحد مؤسسي مجموعة "مسلمون من أجل بريطانيا"، قوله إن صعود اليمين كان واحدا من الأسباب التي جعلته يصوت لمعسكر الخروج، ويضيف عوان: "نشاهد صعود اليمين المتطرف في أنحاء أوروبا، خاصة داخل المؤسسة السياسية"، حيث أشار عوان إلى دول مثل سلوفاكيا ورئيس وزرائها الكاره للمسلمين روبرت فيكو، وفرنسا، التي منعت النقاب في الأماكن العامة، والحجاب في مدارس الدولة، بالإضافة إلى تزايد شعبية الجبهة القومية الفرنسية.
ويعلق عوان قائلا: "دخل هؤلاء إلى السلطة السياسية، وفي داخل البرلمان الأوروبي، وأعتقد أن هناك خطرا من حصول اليمين المتطرف على النفوذ المتزايد، ما قد يترك أثرا على المسلمين تحديدا"، بحسب الموقع.
وينوه التقرير إلى أن رسائل غير رسمية عممت على المسلمين، الذين كانوا مترددين في التصويت للخروج أو البقاء، حيث ظهرت سلسلة من السياسات المعادية للمسلمين في أنحاء مختلفة من أوروبا، بما في ذلك حظر بناء المنارات والحجاب.
بماذا يفكر المسلمون الذين دعموا البريكسيت الآن؟
ويورد الموقع أن عوان يرى أن ما جرى منذ الاستفتاء، من استقالة ديفيد كاميرون إلى تراجع الاقتصاد، كان مفاجئا، مستدركا بأن ما فاجأه أكثر بعد أزمة حزب العمال، هو التقارير عن زيادة جرائم الكراهية ضد المسلمين والعنصرية، حيث يجد عوان أن تنامي العنصرية محزن، ويقول: "من المحزن ما رأيناه في الأسبوع الماضي، من تنامي العنصرية، والمشاعر المعادية للمهاجرين، ومشاعر العداء للمسلمين، لم أتوقع هذا كله، وكان صعود اليمين المتطرف هو السبب الذي جعلني أصوت للخروج من أوروبا، وأعتقد أن الشرطة والحكومة تعملان على مواجهة الأمر".
ويضيف عوان: "عندي ثقة كبيرة في الشعب البريطاني، ولو نظرت إلى بريطانيا، مقارنة ببقية العالم، ستجد أنها مجتمع متسامح أكثر من أي مكان آخر، وأعتقد أن السماح للمجتمعات بالتعبير عن ثقافاتها ولغاتها المختلفة، وليس التعبير فقط، بل الاحتفال بها أيضا في البلاد، هو من الأشياء العظيمة".
وينقل التقرير عن سيدة الأعمال بادويل، قولها إنها صدمت لسماعها بتقارير الإسلاموفوبيا ما بعد الاستفتاء، مستدركة بأن "التصويت للبريكسيت لا علاقة له بالإسلاموفوبيا، ونريد الوحدة على خطوط الانقسام السياسي كلها؛ من أجل بناء جبهة واحدة أمام العالم"، حيث ترى بادويل أنه رغم التحديات الاقتصادية، وتراجع سعر الجنيه، إلا أن الأمور ستعود إلى نصابها الصحيح قريبا.
وتذكر غني أن نائب لندن في الاتحاد الأوروبي، ورئيس حزب المحافظين الأوروبيين سيد كمال، عبر عن تفاؤله بنتائج الاستفتاء، وقال في مقال مفعم بالأمل، نشرته صحيفة "كونيرفتف هوم": "بثقة بالنفس، وعمل جاد، يمكننا تحقيق الكثير بمغادرة الاتحاد الأوروبي".
ويورد الموقع نقلا عن المقاول سيد بخاري، وهو أحد الداعمين لمعسكر الخروج، قوله: "بصفتي مسلما، كنت ضمن أقلية في دعمي للبريكيست، ولا أزال أؤمن بقوة بأن الخروج من الاتحاد الأوروبي سيكون في صالح المسلمين"، حيث يرى أن التقارير حول جرائم الكراهية كشفت عن "تعصب أساسي في بريطانيا، لا تسامح مع السكان المتنوعين، وهذا أمر واضح، لكنه لا تسامح مع غياب اليقين".
ويضيف بخاري للموقع: "كوني رجل أعمال، كنت دائما أتبع المبدأ القائل إنه عندما يتوقف عملي عن التغيير، فإنه يبدأ بالانهيار، وأهم شيء الآن، مهما كنت مع أو ضد، فإن هذا هو الوقت للوحدة، وتبني عدم اليقين، والاستفادة من الوضع، وبهذه الطريقة يصبح لبريطانيا اقتصاد عظيم، وتصبح أمة مستقلة".
وتقول مجيد، التي تركت مجموعة "مسلمون من أجل بريطانيا"؛ بسبب نبرة الحملة العنصرية، وقررت العمل مستقلة، إنها ليست نادمة على التصويت للخروج، وتضيف: "لا أزال أعتقد أن الخروج من الاتحاد الأوروبي هو القرار الصحيح، ولا يمكننا لوم البريكسيت على انتشار العنصرية التي شهدناها في الأيام الماضية، وأعتقد أن هذا من السذاجة".
ويختم "بازفيد" تقريره بالإشارة إلى قول مجيد: "من الواضح في الأيام الماضية أننا نعاني من قضية حقيقية مع العنصرية، وكانت في الماضي مشكلة مختبئة، وما فعله البريكسيت أنه أخرجها للعلن".