كتب محرر شؤون الشرق الأوسط في صحيفة "الغارديان" إيان بلاك، تقريرا حول الجدل الذي أثاره الأمير
تركي الفيصل بشأن
إيران، في مؤتمر المجلس الوطني للمقاومة الإيراني، الذي انعقد في باريس.
ويقول الكاتب: "تركي الفيصل هو أمير سعودي بارز، ومتواضع بشكل لافت، ويؤكد دائما أنه لا يتحدث نيابة عن أحد، باستثناء نفسه، وبالتأكيد ليس نيابة عن العائلة المالكة، إلا أن مدير مخابرات المملكة، وسفيرها السابق في واشنطن، من عادته خلق عواصف عندما يظهر في العلن".
ويضيف بلاك: "في الأسبوع الماضي، كان الفيصل واحدا من الشخصيات المهمة التي حضرت مؤتمرا لحركة معارضة إيرانية، وهي المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (مجاهدي خلق)، بالقرب من باريس، حيث اتهم الفيصل الجمهورية الإسلامية بزعزعة استقرار الشرق الأوسط، و(نشر الفوضى)، بل إنه عبر عن أمله بسقوط النظام، وهي عبارة مألوفة في ثورات الربيع العربي".
ويتابع الكاتب قائلا: "من جانب إيجابي، فقد أشار الفيصل إلى العلاقة الطويلة والتعاون بين العرب والفرس، وأثنى على الإنجازات الثقافية والقواسم الدينية المشتركة، وقال إن التوترات الحالية هي الاستثناء لا القاعدة، لكنه هاجم ما أطلق عليه (سرطان الخميني)، وهي عبارات قوية من رجل مهذب بحق مهندس ثورة عام 1979، الذي لا يزال يحظى بالتبجيل في إيران".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن "العلاقات بين الرياض وطهران شهدت صعودا وهبوطا بعد ذلك العام المحوري، وفي هذه الأيام فهما تقفان على طرفي نقيض في الكثير من النزاعات، من سوريا إلى لبنان والعراق والبحرين واليمن، كما يختلف البلدان في القضية الحساسة، وهي قضية فلسطين وإسرائيل. إن السعوديين لديهم الكثير من المال، وتحالف طويل متغير مع الولايات المتحدة الأمريكية، لكنهم لا يملكون ما يشابه حليف إيران،
حزب الله، الذي يؤدي دورا في دعم بشار الأسد".
وترى الصحيفة أن التنافس الاستراتيجي والاقتصادي بين هاتين الجارتين يغذي الخلافات الحادة المتعلقة بتصدير النفط، ويتقاطع مع الخطابات الطائفية التي تشير إلى عمق العداء الطائفي، لافتا إلى أن العلاقة وصلت إلى مستوى متدن في كانون الثاني/ يناير، عندما قام السعوديون بإعدام رجل الدين الشيعي المعروف في المنطقة الشرقية من
السعودية الشيخ نمر النمر، وقام الرعاع الإيرانيون بمداهمة السفارة السعودية في العاصمة طهران والقنصلية السعودية في مدينة مشهد، ما أدى إلى قطع العلاقات الدبلوماسية، بالإضافة إلى نشوب حرب إعلامية لم تتوقف منذئذ.
ويلفت بلاك إلى أن إيران تتهم السعودية بأنها تدعم
تنظيم الدولة، مشيرا إلى أنها ردت بسرعة على تصريحات تركي الفيصل، حيث قال مسؤول في الخارجية الإيرانية: "يعتمد السعوديون على إرهابيين معروفين، كما فعلوا في العراق واليمن وسوريا"، وقال مسؤول في الحرس الثوري: "إنهم يستخدمون الإرهاب لتوسيع أهدافهم ضد الدول الإسلامية".
ويفيد التقرير بأن طهران ترى أن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، التابع لحركة مجاهدي خلق، هو منظمة إرهابية، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبقية الدول الغربية، لا تشاركها في هذا التصنيف، حيث بقيت الحركة موجودة في العراق حتى عام 2003، ولقيت دعما من الرئيس العراقي السابق صدام حسين، الذي اتخذها وسيلة للضغط على إيران، بالإضافة إلى أن الحركة أدت دورا في الكشف عن نشاطات إيران النووية، مستدركا بأنها لا تحظى بدعم قوي داخل إيران، وعادة ما توصف بأنها منظمة تعبد الزعيم.
وتذكر الصحيفة أن تركي الفيصل أثار جدلا في الآونة الأخيرة، عندما اشترك في منصة مع جنرال إسرائيلي متقاعد، ودعم حل الدولتين ودولة فلسطينية مستقلة، حيث إنه عبر في الوقت ذاته عن اشتراكه مع إسرائيل في مظاهر القلق من النشاطات النووية الإيرانية، في ضوء الاتفاق النووي الأخير، لافتة إلى أن إيران تشجب إسرائيل؛ بصفتها دولة غير شرعية، وتدعم الجماعات الفلسطينية، مثل حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي، اللتين تدعوان إلى خيار المقاومة مع إسرائيل، وهما على تناقض مع منظمة التحرير الفلسطينية.
ويقول الكاتب: "أيا كانت الصفة الرسمية للفيصل، فإنه لا يزال يدير مركز الملك فيصل للدراسات الإسلامية في الرياض، وقد غطى الإعلام السعودي خطابه، الذي ألقاه في المؤتمر يوم الأحد؛ للتأكد من وصول كلامه لجمهور أوسع، وقامت إحدى شركات العلاقات العامة الغربية، التي تعمل مع السعودية، بتوزيع الخطاب على الصحافيين".
ويخلص بلاك إلى أن "رسائل الفيصل هي عناوين الأخبار في التنافس الجيوسياسي في أوقات متوترة، لكن هناك تداعيات تتركها على الناس العاديين، ففي أيار/ مايو، أعلنت إيران أنها لن تسمح لمواطنيها بالسفر إلى السعودية للمشاركة في موسم حج هذا العام، بعد انهيار المحادثات بين الجانبين، بعد موت 464 حاجا إيرانيا في مكة العام الماضي، وبالتأكيد فإن هذا دليل، إن كانت هناك حاجة إليه، وهو أن كلا الحكومتين، اللتين تتهمان بعضهما، فشلتا في خدمة مواطنيهما".