نشرت صحيفة لوتون السويسرية تقريرا تحدثت فيه عن الدهاء السياسي الذي يتمتع به الرئيس رجب طيب
أردوغان الذي يحكم
تركيا منذ سنة 2003 بلا منازع.
وقالت الصحيفة إن "هذا الرجل الذي يبلغ من العمر 62 سنة أثبت يوم السبت إصراره على المحافظة على منصبه".
وأضافت في هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، أن "رجب طيب أردوغان سيواصل البقاء في منصبه رئيسا لتركيا بعد فشل الانقلاب
العسكري الذي قاده بعض المتمردين".
وأكدت الصحيفة أن حلم أردوغان بالتحول إلى نظام رئاسي قد فشل ليلة الانتخابات التشريعية يوم 7 حزيران/ يونيو 2015 بعد أن خسر حزبه الأغلبية المطلقة في البرلمان، حينها توقع الكثيرون بداية نهاية أردوغان.
غير أن هذا الفشل لم يمنعه من مواصلة الصراع، وبدهاء سياسي كبير نجح بعد عدد من المناورات في إقناع الشعب التركي في المشاركة في استطلاع للآراء للمرة الرابعة في سنتين. وفي الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر حقق حزبه نجاحا ساحقا في الانتخابات التشريعية.
كما قالت الصحيفة إن أردوغان يعتبر أول شخصية كاريزمية حكمت تركيا بعد كمال الأتاتورك؛ الأب الروحي للجمهورية العلمانية. فبطلب بسيط من الرئيس التركي بث على قناة تركية ليلة السبت في وقت متأخر من الليل استجاب له الآلاف من الأنصار ونزلوا لشوارع أنقرة واسطنبول فانهار الانقلاب أمام المقاومة الشعبية.
أما عن معجزاته الاقتصادية فقالت الصحيفة إنه عند وصول أردوغان لسدة الحكم سنة 2003 وجد موروثا ثقيلا يتمثل أساسا في أزمة مالية خطيرة، إلا أنه بحنكته تدارك الوضع حتى أن أنصاره يصفونه بالرجل صاحب المعجزات الاقتصادية والإصلاحات التي حررت الأغلبية المتدينة والمحافظة، التي عانت على يد النخب العلمانية والتدخلات العسكرية في الحياة السياسية.
إلا أنه منذ ثلاث سنوات بدأ الوضع يتغير في تركيا وبدأت الانتقادات للرئيس التركي، تستنكر تحوله للنظام الاستبدادي وميوله الإسلامية. وقد لعبت مواقع التواصل الاجتماعي والصحافة المستقلة دورا في تغذية هذه الانتقادات حتى أن كمال كيليداروغلو زعيم المعارضة، اتهمه بإعادة "إحياء السلطنة". كما أصبح القصر الفاخر والعملاق الذي كلّف بناؤه 500 مليون يورو، رمزا يدل على جنون العظمة الذي يشعر به.
وذكرت الصحيفة أن رجب طيب أردوغان، ابن أحد موظفي حرس السواحل المنتمي للطبقة المتواضعة، عاش طفولته في الحي الشعبي "قاسم باشا" باسطنبول، واصل تعليمه بمعهد ديني من ثم أصبح بائعا متجولا قبل أن يراوده حلم أن يصبح لاعب كرة قدم. وكان كل هذا قبل أن يغوص في الحياة السياسة مع الحركة الإسلامية.
وأفادت الصحيفة أن أردوغان عيّن سنة 1994 عمدة على اسطنبول، ثم سجن سنة 1998 بسبب قصيدة دينية ألقاها أمام العموم، ومع فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية سنة 2002 أصبح رئيسا للوزراء بعد سنة من ذلك الموعد وبعد حصوله على العفو وخروجه من السجن.
ولعدة سنوات عرف مخططه الديمقراطي المحافظ؛ الذي يمزج بين الرأسمالية واللبرالية والإسلام المعتدل، نجاحا هاما صاحبه نمو اقتصادي على النمط الصيني ورغبة في الدخول إلى الاتحاد الأوروبي.
وأشارت الصحيفة السويسرية إلى أن إعادة انتخاب رجب طيب أردوغان سنة 2007 و2011 على التوالي بنسب تفوق 50 بالمائة من الأصوات، جعلته يحلم بالبقاء في السلطة حتى سنة 2023 حتى يحتفل بمئوية الجمهورية التركية.
ولكن في سنة 2013 واجه هذا السيناريو بعض العراقيل، ولمدة ثلاثة أسابيع طالب 3.5 ملايين تركي الرئيس رجب طيب أردوغان بالاستقالة لما اعتبروه تساهلا منه مع الإسلاميين.
حينها كان رد الرئيس قاسيا عليهم، وكانت هذه بداية التحول في رصيده الديمقراطي، ثم عصفت به، بعد 6 أشهر، فضيحة فساد هزت النظام من قواعده.
كما قالت لوتون إن معارضيه يتهمونه بإحياء الأزمة الكردية في صيف 2015 بهدف إشباع رغبته في السلطة. غير أن الرئيس رجب طيب أردوغان كان يضحك من هؤلاء ومن الذين ينعتونه بالدكتاتور ويلاحقهم بشكل دوري أمام القضاء.
وفي الختام قالت الصحيفة إن "المعلم العظيم" كما يسميه أنصاره، اعترف في عديد المناسبات الجماهيرية برغبته في البقاء في الحكم حتى سنة 2023 واحتفاله برمزية مئوية الجمهورية.