نشرت صحيفة "ميديا بارت" الفرنسية، تقريرا حول إبرام بعض بلدان أوروبا الوسطى ومنطقة
البلقان؛ صفقات
أسلحة تبلغ قيمتها 1.2 مليار يورو في عام 2012، مع كل من السعودية والإمارات والأردن وتركيا، مبينا أن هذه الأسلحة هي الآن بين أيدي مقاتلي
تنظيم الدولة.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21" إنه منذ شباط/ فبراير الماضي؛ فقد أغلقت شبه جزيرة البلقان حدودها في وجه مئات الآلاف من اللاجئين
العراقيين والسوريين، الساعين للوصول إلى الاتحاد الأوروبي، مرورا باليونان ومقدونيا وصربيا.
وأضافت أن منع اللاجئين من العبور؛ تزامن مع تحسن ملحوظ لم تعرفه صادرات الأسلحة في جنوب شرق أوروبا من قبل، و"وفقا لمسح أجرته شبكة البلقان للصحافة الاستقصائية، بالاشتراك مع أعضاء مشروع تقارير الكشف عن الجريمة المنظمة ومحاربة الفساد؛ فقد تم التوصل إلى قيام بعض عواصم البلقان بالتوقيع على صفقة للاتجار بالأسلحة ناهزت قيمتها الـ1.2 مليار يورو على الأقل، منذ عام 2012، مع بعض دول أوروبا الوسطى، ودول خليجية، وتركيا.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد تفكك يوغسلافيا، وانهيار الدكتاتورية الشيوعية برئاسة أنور خوجة في ألبانيا في بداية التسعينيات؛ فقد انتشرت ملايين المسدسات والبنادق الهجومية والمدافع الرشاشة في المنطقة.
وقالت إنه "خلال عام 2000 أوردت وزارة الداخلية الفرنسية مذكرة كشفت عن أن عدد الأسلحة غير المشروعة في كوسوفا، التي لا يتجاوز عدد سكانها مليوني نسمة، قد بلغ ما بين 330 و460 ألفا. أما في مقدونيا، التي يبلغ عدد سكانها مليوني نسمة؛ فقد ارتفع عدد الأسلحة غير المرخصة ليصل إلى ما بين 350 و750 ألفا".
وبينت أن هذا الكم الهائل من الأسلحة يُستعمل اليوم من قبل الشبكات الإجرامية في أوروبا الغربية، بالإضافة إلى أنه توجد مؤشرات تثبت استخدامها في الشرق الأوسط، لافتة إلى أن شبكات الجريمة المنظمة تتزود -في المقام الأول- بالأسلحة من المجمع الصناعي العسكري اليوغسلافي السابق.
وقالت الصحيفة إنه منذ اندلاع الثورة السورية في 2011، وانتشار النزاع المسلح في كل من العراق وليبيا؛ فقد تم توثيق أن الأسلحة المستخدمة من قبل جميع القوى والأطراف المتناحرة منتجة في مصانع منطقة البلقان.
وأضافت أنه "في آذار/ مارس 2014؛ أدلت مدونة موسس براون التي يشرف عليها البريطاني الخبير في قضايا التسلح إليوت هيغنز، بمعطيات تخبر بأن مقاتلي تنظيم الدولة يمتلكون أسلحة قتال ثقيلة (قاذفات، وصواريخ، ومدافع رشاشة، وبنادق نافذة) من إنتاج كرواتي".
وأشارت إلى أن "تقريرا لمركز البحوث حول الصراع المسلح، وهو منظمة توثق على أرض الواقع مصادر الذخائر المستخدمة في مناطق القتال؛ أكد هذه المعلومات".
ولفتت الصحيفة إلى أن صحيفة "يوتارني ليست" الكرواتية، نشرت تقريرا كشفت فيه أن ثلاثة آلاف طن من المعدات العسكرية الممولة من المملكة العربية السعودية؛ أرسلت إلى الأردن في 2013، مؤكدة أن "عملية التصدير تم تنظيمها من طرف الولايات المتحدة، بمساعدة من شركات شحن تركية وأردنية".
وأكدت "ميديا بارت" أن هذه الأسلحة موجهة نظريا لدعم الثوار السوريين المعارضين لنظام بشار الأسد، "إلا أنها في الحقيقة وقعت في نهاية المطاف بين أيدي المقاتلين التابعين لتنظيم الدولة في مدينة حلب"، مضيفة أن "هذه النتيجة تفترض احتمالين اثنين لا غير، إما أن هذه الأسلحة وُجهت مباشرة لتمويل جماعات إسلامية متطرفة، أو أن المليشيات الإرهابية قد ضبطتها وحازت عليها خلال القتال".
ونقلت الصحيفة عن "مركز البحوث حول الصراع المسلح" تأكيده أن تنظيم الدولة يمتلك أيضا معدات عسكرية يوغسلافية، بما في ذلك ذخيرة هامة من الصواريخ المضادة للدبابات تم تسليمها إلى العراق قبل الغزو الأمريكي في 2003".
وقالت إنه "في الواقع؛ لم يتم نفي التعاون التاريخي بين الموردين اليوغسلافيين، وبين بلدان الشرق الأوسط، في مجال تجارة الأسلحة، لا خلال فترة الحصار التي طالت يوغسلافيا في التسعينيات، ولا حتى أثناء سنوات الأزمة السياسية لنظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين".
وبينت الصحيفة أنه "إلى حدود سقوط الرئيس الصربي سلوبودان ميلوشيفيتش في تشرين الأول/ أكتوبر 2000؛ فقد قامت بلغراد ببيع الأسلحة الكيميائية والصواريخ للنظام العراقي، عن طريق الشركة العامة الصربية "جيغو إنبورت"، مشيرة إلى أن تقارير "مجموعة دراسة الأزمات الدولية" أفادت بأن هذه الدولة عملت كوسيط بين بغداد وبين بعض الشركات البوسنية.
وأوضحت أن هذه العودة إلى بعض التفاصيل التاريخية؛ تفسر جزئيا استئناف التجارة مع الشرق الأوسط، والنوعية الجيدة والأسعار التنافسية لهذه الأسلحة.
ووفقا لتقارير كل من "شبكة البلقان للصحافة الاستقصائية" و"مشروع تقارير الكشف عن الجريمة المنظمة ومحاربة الفساد"؛ فقد تم الإدلاء بأن الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا ودول الخليج؛ هي التي تنظم اليوم تجارة أسلحة دول البلقان ووسط أوروبا. وبحسب البيانات التي نجحت هاتان المنظمتان في تجميعها؛ فقد وقعت المملكة العربية السعودية منذ عام 2012 عقودا تصل قيمتها إلى 829 مليون يورو على الأقل، بينما بلغت قيمة صفقات الأردن 155 مليون يورو، أما الإمارات العربية المتحدة؛ فقد بلغت مرابحها من هذه التجارة 135 مليون يورو.
وفي الختام؛ ذكرت الصحيفة أن كلا من البوسنة والهرسك، وبلغاريا، وكرواتيا، والجمهورية التشيكية، وصربيا، وسلوفاكيا؛ قد وقعت معاهدة بشأن تجارة الأسلحة، أشرفت عليها منظمة الأمم المتحدة، ودخلت حيز التنفيذ في كانون الأول/ ديسمبر 2014، بهدف الحد من التجارة غير المشروعة في هذا المجال.