أرست المحكمة الإدارية الأردنية مبادئ قضائية جديدة بالدعوى الإدارية رقم 7/2015 و94/2015 حسمت مسألتي سحب الجنسية الأردنية ورفض تغيير الديانة، والتي استمرت لعقود ماضية محل جدل، إذ أعلن القضاء الإداري الأردني عدم اختصاص مدير عام الأحوال المدنية، ودائرة المتابعة والتفتيش بسحب الجنسية الأردنية إذ ينعقد الاختصاص وفقا لقانون الجنسية لمجلس الوزراء الأردني، وبالنتيجة يُعتبر هذا الحكم القضائي تكريسا لسيادة القانون وسموه على تعليمات فك الارتباط، وحماية للحقوق والحريات العامة.
ولقد حسم القضاء الإداري الأردني إشكالية تغيير الديانة لانعقاد الاختصاص بشأنها للقضاء النظامي أو بوثيقة تصدر عن جهة رسمية مختصة، إذ إن تغيير ديانة الأب كان يستلزم حكما تغيير ديانة الأبناء بالقيد المدني، وذلك استنادا لرأي دائرة قاضي القضاة، إذ تعمل دائرة الأحوال المدنية بمضمون الفتوى وترفض تغيير ديانة الأبناء مما ولد صراعا بين الثقافة والقانون والذي حسمته المحكمة الإدارية لإنفاذ حكم القانون وسيادته، وصيانة حرية اختيار الدين للأبناء في حال اختلاف الدين لأحد الأبوين.
محكمة التمييز تحسم إشكالية الهوية الشخصية
وفي حكم حديث لمحكمة التمييز الأردنية أضفى الحماية على الحق الشخصي بتغيير اسم الشخص وجنسه واسم عائلته، وبالنتيجة تعتبر جميع عناصر الهوية الشخصية من اسم ودين وجنس وجنسية واسم العائلة، حقا شخصيا فرديا قابلا للتغيير بإرادة الفرد الشخصية، وتكون جميع هذه العناصر بحكم قضائي، باستثناء تنازل الفرد عن جنسيته إذ أنه يكون بطلب إداري، ولا يجوز سحب الجنسية إلا بناء على سبب قانوني وفقا لأحكام قانون الجنسية.
ثقافة الحرية الدينية
وفيما يتعلق بتغيير الدين فإنه يعتبر من قبيل الحرية الدينية الشخصية، قال تعالى (ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) ويرى بعض الفقهاء المسلمين بأن ذلك لغايات الوعيد والتهديد الإلهي، وقال تعالى (ومن كفر فإن الله غني عن العالمين) وقال تعالى (لا إكراه في الدين) وقال تعالى (لكم دينكم ولي دين) صدق الله العظيم، إلا أن ذلك لا يعني عدم تطبيق الأحكام الدينية من الحرمان من الميراث والطلاق وفقا لكل شريعة دينية، وعلما بأن الثقافة وقانون الطائفة هي الفيصل بهذه المسألة، إذ تصل الأحكام لدى بعض الطوائف الدينية إلى حد الحرمان من سائر الحقوق المالية، والطرد من الجماعة، والقتل وعدم الزواج من الطائفة، إلا أن عقوبة القتل للمرتد لم تقرها الأحكام القضائية الصادرة عن محكمة الاستئناف الشرعية، لأن العقاب يقتصر على الدولة ويخرج عن اختصاص المحاكم الشرعية، وعلما بأن الفيلسوف الأمريكي بريان باري يذكر العديد من القضايا الأمريكية لمعالجة إشكالية المساواة والثقافة والقانون والتعسف في استخدام الثقافة والتعليم الديني وتكوين الجمعيات فالدولة ليبرالية والديانات غير ليبرالية، وذلك في إطار التعددية الثقافية، فالحرية الدينية تمثل حرية ممارسة الشعائر الدينية، وحرية التحرر من الدين.