يخيم التوتر مجددا على المواقف الصادرة من
حزب الله وتيار المستقبل، حيث يتبادل الطرفان الاتهامات وعنوانها "تعطيل البلاد وجرها إلى المجهول"، في إشارة إلى الشغور في منصب
رئيس الجمهورية لما يقارب السنتين في ظل تعطل جلسات انتخاب الرئيس في المجلس النيابي لفقدان النصاب بسبب تغيب نواب حزب الله والتيار الوطني الحر لإصرارهم على تسمية رئيس كتلة التغيير والإصلاح ميشال عون كمرشح وحيد.
هجوم حزب الله
هاجم النائب عن كتلة الوفاء للمقاومة التابعة لحزب الله حسن فضل
تيار المستقبل الاثنين، في حفل للحزب بجنوب
لبنان بقوله: "اللبنانيون مبتلون بتيار المستقبل"، محملا إياه مسؤولية الأزمة السياسية.
وأعربت القيادة العسكرية في لبنان عن مخاوفها من الفراغ الذي قد يتحول إلى مادة قابلة للاشتعال تهدد كينونة الدولة، وهذا ما تم تسريبه سابقا عبر وسائل الإعلام اللبنانية كافة على لسان القوى العسكرية والأمنية، كما أن الفراغ يشكل خطرا بالنسبة لجميع الأطراف السياسية اللبنانية، ورغم التوافق على المخاطر يستمر الخلاف، ويبقى الفراغ هو صاحب الكلمة.
إن لم تستح فاصنع ما شئت
قال النائب عن كتلة المستقبل محمد الحجار في تصريحات خاصة لـ"
عربي21": "ينطبق على حزب الله مقولة (إن لم تستح فاصنع ما شئت)، فالمؤكد أن من يمنع عملية انتخاب رئيس الجمهورية هو الأوامر الإيرانية لحزب الله، وما يدلل أن حزب الله مخطوف الإرادة هو عجزه عن التوجه إلى
البرلمان والاختيار بين مرشحين ينتميان لحلفه السياسي، وهما رئيس كتلة التغيير والإصلاح ميشال عون وزعيم تيار المردة النائب سليمان فرنجية".
وتابع: "لو كانت نوايا حزب الله صادقة في مسألة سد الشغور الرئاسي لعمل على إقناع أحد المرشحين بالانسحاب لصالح الطرف الآخر".
وشدد على أن "حزب الله ما زال ينتظر التعليمات من طهران لأخذ قراره في مسألة إتمام عملية انتخاب رئيس الجمهورية أو الاستمرار تعطيل النصاب القانوني مع حلفائه".
وانتقد التدخل الإيراني في الدول العربية، قائلا: "إيران تتباهى بنفوذها في أربع دول عربية، وما تمارسه في لبنان حاليا هو استثمار لورقة الرئاسة لصالح مكاسب تسعى إليها إقليميا".
وحول اتهام حزب الله لتيار المستقبل بأنه مرتهن للسعودية، يقول النائب الحجار: "الاتهامات لتيار المستقبل تجافي الحقيقة، فالمملكة العربية السعودية تؤكد مرارا بأنها تدعم أي خيار يتوافق عليه اللبنانيون".
وأضاف: "تيار المستقبل أخذ قرارا استراتيجيا بدعم مرشح من فريق 8 آذار بهدف رأب الصدع وتقريب المسافات لإنهاء أزمة الشغور الحاصل، وقد اتخذ قراره من منطلقات وطنية خاصة لحماية الجمهورية، ومن دون أن يتعرض لأي تأثيرات أو مؤثرات".
وعن توقعاته للمشهد السياسي المقبل في لبنان يؤكد الحجار أن "الوضع صعب للغاية ومقبلون على مزيد من التحلل السياسي والتفكك للدولة وإفقاد هيبتها، وهو ما يصب في المصلحة الإيرانية التي تسعى جاهدة إلى القضاء على اتفاق الطائف وحجب ما تبقى من ثقة للبنانيين في دولتهم".
صراع إقليمي
اعتبر الكاتب والمحلل السياسي جورج علم في تصريحات لـ"
عربي21" أن السجال المحتدم بين تيار المستقبل وحزب الله "قائم على خلفية إقليمية".
وأوضح: "الصراع الإيراني السعودي أسهم كثيرا في تأجيج الخلافات على المستوى الداخلي اللبناني، وما نتج عنها من فراغ طويل في رئاسة الجمهورية، بما حمله ذلك من نتائج خطيرة على لبنان".
ورأى علم أن عدم الرد على مبادرة أمين عام حزب الله حسن نصر الله بخصوص إنتاج رئيس للجمهورية "حرك مياه الخلافات بشكل كبير".
ورأى علم أن مبادرة حزب الله "رفضت سعوديا منعا لمنح إيران نفوذا قويا في لبنان في الوقت الذي تسعى فيه للحد من تمددها في المنطقة".
وأردف: "السعودية تعتبر أن انتخاب ميشال عون رئيسا الجمهورية يعدّ بمثابة وصول حزب الله إلى رأس السلطة في لبنان".
وحذر علم من أن "لبنان يواجه تحديات كبيرة في ظل الشغور الرئاسي، لاسيما ملف النازحين في ظل توجه الأمم المتحدة في دورتها المقبلة إلى تبني مبدأ دمج اللاجئين في البلدان التي يقيمون بها، وهو ما قد يشكل للبنان كارثة كبيرة مع هذا الوجود الكبير للسوريين الفارين من العنف في بلادهم".
وحول الحديث عن احتمالية انفراط عقد الحكومة في ظل انسداد الأفق السياسي، استبعد علم "تفتت الحكومة في ظل استمرار تمسك جمع الأطراف لاسيما حزب الله وتيار المستقبل باستمرارها في تأدية دورها".
واعتبر أن الحكومة اللبنانية الحالية تعمل على "تصريف الأعمال لا أكثر، وما تمرره من ملفات ومواضيع يتم التوافق عليها بالإجماع في مجلس الوزراء".
وشدد علم على أن "لبنان موجود في غرفة العنايات الدولية الفائقة، حيث تعهدت المجموعة الدولية الخاصة بلبنان التي تكونت في أيلول/سبتمبر عام 2013 بحماية لبنان من أي انزلاقات ينتج عنها انفلات الأمور".
وشدد علم على أن "الولايات المتحدة تضع لبنان تحت منظارها، وبناء على مواقف المسؤولين الأمريكيين، فإن واشنطن تسعى إلى الحفاظ على استقرار لبنان".
وانتقد الطبقة السياسية اللبنانية معتبرا أن الأطراف السياسية اللبنانية لا قرار لها في مسألة الحفاظ على استقرار لبنان.