ذكرت صحيفة "إندبندنت" البريطانية أن تقريرا برلمانيا
بريطانيا حمل رئيس الوزراء السابق ديفيد
كاميرون مسؤولية الفوضى التي تبعت الإطاحة بنظام معمر
القذافي، وأزمة اللاجئين، وصعود تنظيم الدولة في هذا البلد.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن الحكم على كاميرون وفترة حكمه، التي استمرت خمسة أعوام، جاء بعد يوم من إعلانه النية للتنحي عن مقعده البرلماني، حتى لا يعطل عمل رئيسة الوزراء الحالية، التي عملت وزيرة داخلية في حكومته قبل أن تتولى منصبها الحالي بعد استقالة كاميرون، عقب استفتاء البريطانيين على الخروج من الاتحاد الأوروبي في حزيران/ يونيو.
وتذكر الصحيفة إلى أن التقرير البرلماني شجب الحملة العسكرية التي قادتها بريطانيا مع فرنسا، وقال إنها اتسمت بنقص "المعلومات الأمنية" الدقيقة والاستراتيجية المتماسكة في مرحلة ما بعد سقوط الديكتاتور.
وتورد الصحيفة نقلا عن التقرير البرلماني، قوله إن النتائج الكارثية "كانت انهيارا سياسيا واقتصاديا"، وحربا قبلية، وأزمة لاجئين، وانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وصعود تنظيم الدولة؛ بسبب انتشار السلاح الذي نهب من مخازن الأسلحة التابعة للجيش الليبي السابق.
وجاء في تقرير لجنة الشؤون الخارجية أن "رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرن، وبناء على قراراته في مجلس الأمن القومي، يتحمل في النهاية مسؤولية الفشل في تشكيل سياسة استراتيجية متماسكة".
ويلفت التقرير إلى أن النواب توصلوا إلى أنهم "لم يشاهدوا أدلة عن قيام الحكومة بتحليل مناسب لطبيعة الثورة في
ليبيا"، وأنها "لم تكن تملك هدفا استراتيجيا محددا"، وهو تدخل محدود لحماية المدنيين، و"تحول إلى سياسة لتغيير النظام"، وجاء فيه: "لم تكن هناك محاولات لمتابعة العمل العسكري" بعد تأمين بنغازي، والبحث عن تسوية لحماية المدنيين، وإصلاح ليبيا، حيث ركزت بريطانيا "على التدخل العسكري".
ويقول التقرير البرلماني إنه كان على كاميرون استخدام "تأثير واتصالات" رئيس الوزراء الأسبق توني بلير،لإقناع القذافي بالخروج من البلاد، والموافقة "على تسوية سلمية"، مشيرا إلى أن العديد من الليبيين قاتلوا في العراق، ومع تنظيم القاعدة في أفغانستان، ما عنى صعودا للتطرف، وكان يجب ملاحظة هذا الأمر.
وتبين الصحيفة أن النواب اتهموا الحكومة بعدم اتخاذ الإجراءات المناسبة لتأمين السلاح ومخازنه، التي تركت مفتوحة بعد انهيار جيش النظام الليبي، وهو ما أسهم في الفوضى، و"زيادة الإرهاب"، حيث قال معدو التقرير إنه كان على كاميرون إصدار توجيه وزاري عام للتدخل، ولاحظوا أن رئيس قيادة أركان الجيش لورد ريتشاردز "تحلل من مسؤولية القرار"، في دليل قدم للجنة التحقيق.
وينوه التقرير إلى أنه جاء في تحقيق اللجنة البرلمانية أن فرنسا هي التي قادت الحملة، وأن "السياسة البريطانية تبعت القرار الذي اتخذ في فرنسا"، لافتا إلى أن كاميرون لقي استقبالا حافلا في بنغازي، بعد ستة أشهر من الإطاحة بنظام القذافي، وقال كاميرون مع الرئيس الفرنسي السابق نيكولاس
ساركوزي في تلك الزيارة: "أصدقاؤكم في بريطانيا وفرنسا سيقفون معكم وأنتم تقومون ببناء بلدكم، وبناء ديمقراطيتكم ومستقبلكم".
وتستدرك الصحيفة بأن الوعد كان على ما يبدو فارغا، حيث انهارت ليبيا، وحدث فراغ في السلطة، سمح لتنظيم الدولة باستغلاله، وسيطر على جزء من البلاد، ونشط المهربون بتهريب المهاجرين في قوارب متداعية نحو أوروبا، مشيرة إلى أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما وصف ليبيا بأنها أسوأ خطأ ارتكب في رئاسته وانتقد كاميرون ودوره في تحويل البلاد الى وضع سيئ.
وينقل التقرير عن رئيس اللجنة من حزب المحافظين كريسبين بلانت، قوله: "كانت تحركات بريطانيا في ليبيا جزءا من تدخل لم يتم التفكير به جيدا، والنتيجة لا تزال حاضرة اليوم، وكانت هناك خيارات سياسية موجودة، وكانت هناك فرصة لتوفير الحماية للمدنيين، والمحادثات السياسية، وتغيير النظام بأقل الأثمان على ليبيا وبريطانيا"، ودعا بلانت المجتمع الدولي إلى الوقوف وراء حكومة الوفاق الوطني، التي رعتها الأمم المتحدة؛ لمنع انزلاق أكثر للبلاد في الفوضى.
وبحسب الصحيفة، فإن متحدثا باسم الخارجية البريطانية علق على التقرير قائلا إن "قرار التدخل كان دوليا، ودعت إليه الجامعة العربية، وشرعه مجلس الأمن الدولي في الأمم المتحدة، ولم يكن القذافي الشخصية التي يمكن التكهن بأفعاله، وكانت لديه الوسائل والدوافع لتنفيذ تهديداته، ولم يكن هناك مجال لتجاهل تهديداته، وكانت بحاجة إلى فعل دولي جماعي وحاسم، وبقينا طوال الحملة العسكرية في إطار القرار الدولي وهو حماية المدنيين".
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أن المسؤول ألقى باللائمة على حكم القذافي، الذي امتد لأربعة عقود، وأكد أن بلاده ستواصل القيام بدور مهم لدعم حكومة الوفاق الوطني، لافتا إلى أن بريطانيا خصصت عشرة ملايين جنيه إسترليني لمساعدة الحكومة الجديدة، لتحقيق الاستقرار، وإعادة بناء الاقتصاد، وهزيمة تنظيم الدولة، ومواجهة العصابات الإجرامية التي تهدد أمن ليبيا.