نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمدير فرع منظمة "بن" الإريترية في المنفى أبراهام زيري، قال فيه إنه مر 15 عاما على قيام نخبة سياسية مصابة بجنون العظمة باختطاف استقلال إريتريا، الذي لم يكن اكتسابه سهلا.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أنه في 19 أيلول/ سبتمبر، قام الرئيس أسياس أفورقي بسجن 11 مسؤولا حكوميا كبيرا، ومنع صدور سبع صحف مستقلة، لافتا إلى أنه هكذا بدأ الاختطاف، الذي حوّل البلد إلى دولة عسكرية، وهو ما تسبب بهجرة الإرتيريين الجماعية تجاه
أوروبا، كما نرى اليوم.
ويقول الكاتب إن "عملاء المخابرات قاموا باعتقال 12 صحافيا وسجنهم، وحتى اليوم لم يحاكم أي من المعتقلين، وهم مسجونون في سجون سرية، في عزلة تامة عن العالم الخارجي، ولا تدري عائلاتهم إن كانوا لا يزالون أحياء أم لا".
ويضيف زيري أنه تم تسليم العديد من المناصب المدنية لقادة عسكريين، وتم نشر الجيش في البلدات والمدن الرئيسة كلها، وطلب من أي شخص يعمل في القطاع العام أن يرجع لهم.
وتلفت الصحيفة إلى أنه بدخول حكم الجيش تراجع حكم القانون، وأصبح الفساد والمحسوبية هما السائدان، وحوّلت الاعتقالات التعسفية، والاختفاءات القسرية الدولة إلى دولة معتقلات بعدد كبير من السجون تحت الأرض، مشيرة إلى أن دراسة حديثة لمجموعات حقوق الإنسان الإرتيرية أظهرت أن هناك أكثر من 360 سجنا، تحتوي على 10 آلاف سجين رأي.
ويفيد التقرير بأنه بعد حظر الصحف الخاصة، أصبحت المعلومات مركزية، وبقي صحافيو الدولة يعملون في ظل الخوف، ومُنع المراسلون الأجانب والمنظمات غير الحكومية من دخول البلاد، لافتا إلى أن القلة الذين يحصلون على إذن دخول يصاحبهم مرافقون حكوميون، كما تفعل كوريا الشمالية.
وينوه الكاتب إلى أنه حتى إذاعة "بانا"، التي تدعمها وزارة التعليم، تم حظرها، حيث تمت مداهمتها في شباط/ فبراير 2009، وقامت قوات الأمن باعتقال العاملين فيها كلهم، ولم يفرج عن كثير منهم، إلا بعد أربع إلى ست سنوات، دون توجيه تهم لهم.
وبحسب التقرير، فإنه في عام 2012، جعلت الحكومة الخدمة العسكرية إجبارية على المدنيين كلهم، من سن 18 وحتى 70 عاما، ما عدا الوزراء، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة وجدت منذ ذلك الوقت أن الحكومة الإرتيرية "ارتكبت جرائم ضد الإنسانية على نطاق واسع، وبشكل ممنهج"، ودعت إلى محاكمة مرتكبي تلك الجرائم في محكمة الجنايات الدولية.
وتورد الصحيفة أن "هذه العوامل كلها، التي تتسبب بمغادرة حوالي خمسة آلاف إرتيري البلد كل شهر، فإنه ليس مفاجئا، أن تبدو المغامرة عبر البحر الأبيض إلى أوروبا بديلا جذابا، مهما كانت المخاطر التي تحيط بها، لجيل من الشباب تسلب حريته وآماله كلها".
ويخلص زيري إلى القول: "أنا واحد من الأشخاص الذين هربوا، وأعمل الآن مع عدد من الصحافيين الإرتيريين في المنفى لكتابة التقارير عن بلدنا، الذي يصعب الوصول إليه، وللقيام بحملات نيابة عن زملائنا في السجون، فإن لم نتحدث نحن عن مأساتهم، فلن يتحدث عنها أحد".