يشهد الوضع
اللبناني هذه الايام حراكا سياسيا لافتا يقوده رئيس تيار المستقبل الشيخ سعد الحريري بهدف احداث خرق ما في الازمة الرئاسية والعمل لانتخاب رئيس جديد ومعالجة الازمة السياسية التي يواجهها لبنان منذ سنتين ونصف.
ومع ان العديد من الاوساط السياسية تتحدث عن اتخاذ قرار من الحريري بتبني ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية والتخلي عن ترشيح النائب سليمان فرنجية ، فان اوساط تيار المستقبل في بيروت تؤكد ان هذا القرار لم يحسم بشكل نهائي وان الحريري يريد استكمال جولة الاتصالات واللقاءات مع كافة الاطراف اللبنانية لاعلان قراره النهائي.
فهل ستنتهي الازمة اللبنانية بانتخاب رئيس جديد للجمهورية سواء كان العماد عون او غيره؟ ام ان الازمة السياسية اعمق من ملف الانتخابات الرئاسية وهي تحتاج لتسوية شاملة لكل الملفات العالقة وتنتظر وضوح الرؤية على صعيد الاوضاع الاقليمية والدولية؟.
الاوساط السياسية في بيروت تعتبر: ان الازمة اللبنانية لا تنتهي بانتخاب رئيس جديد فقط ، بغض النظر عمن سيكون هذا الرئيس وما يحمله من افكار ومشاريع سياسية، فالازمة تتطلب تسوية شاملة وحوار معمق لكل الملفات العالقة، وان كان الوصول الى اتفاق لانتخاب رئيس جديد قد يساعد على حلحلة بقية الملفات وفتح المجال امام الحوار لمعالجة القضايا الاخرى، كقانون الانتخابات والحكومة المقبلة والاتفاق على رؤية موحدة حول الازمة السورية ومناقشة مستقبل سلاح حزب الله والمقاومة ودور الحزب الاقليمي واعادة النظر بالنظام السياسي القائم من خلال مراجعة تطبيق اتفاق الطائف واجراء التعديلات المناسبة عليه على ضوء ما طبق منه حتى الان خلال الخمسة وعشرين سنة الماضية.
وتضيف هذه الاوساط : ان لبنان نجح خلال السنوات الخمسة الماضية في الحفاظ على نسبة عالية من الاستقرار الامني، بالرغم من كل ما يعانيه من ازمات سياسية واقتصادية واجتماعية وما جرى من تطورات امنية بسبب الازمة السورية وتداعياتها، وان الاجهزة الامنية والعسكرية اللبنانية استطاعت تفكيك عشرات الشبكات للمجموعات المتطرفة ومنع تنفيذ العديد من عمليات التفجير، اضافة لمحاصرة بؤر التوتر في مختلف المناطق اللبنانية، وكل ذلك يشكل انجازا مهما ينبغي التوقف عنده والاشادة به.
وتعتبر هذه الاوساط: ان الاستقرار النسبي الذي تميز به لبنان في السنوات الخمسة الماضية، رغم كل العواصف والتوترات التي تحيط به، ناتج عن قرار داخلي لدى الاطراف اللبنانية بعدم الانجرار الى حرب داخلية جديدة، اضافة الى وجود قرار اقليمي ودولي بمنع حصول انفجار كبير في لبنان نظرا لوجود حوالي مليون ونصف لاجيء سوري فيه وكذلك لمنع امتداد هذا التفجير الى مناطق اخرى او تحوله لمركز جديد للمجموعات المتطرفة او سيطرة بعض الاطراف على الوضع اللبناني.
وفي خلاصة القول: ان لبنان لايزال يتمتع بفرصة ايجابية من اجل حماية استقراره الداخلي والعمل لتسوية شاملة للازمة السياسية التي يعاني منها منذ سنتين ونصف، والمهم ان تستفيد الاطراف اللبنانية من وجود رغبة اقليمية ودولية لحماية الاستقرار اللبناني والعمل لبلورة رؤية واضحة للمستقبل وعدم الاكتفاء بانتخاب رئيس جديد للجمهورية فقط.
وفي حال نجح اللبنانيون في حماية الاستقرار واعادة بناء المؤسسات الدستورية والبحث عن مشروع اصلاحي جديد لهذا النظام من خلال الحوار وعبر التسوية الشاملة ، بدلا من اللجوء الى الصراع والقتال ، فان لبنان قد يشكل عند ذاك نموذجا ايجابيا في المنطقة بدل ان يبقى كما كان في السنوات الماضية نموذجا للفشل السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
فهل سيتيح الاتفاق على الانتخابات الرئاسية الانتقال الى التسوية الشاملة وينجو لبنان من المحرقة القائمة في المنطقة ام سيكتفي اللبنانيون بالحفاظ على الاستقرار النسبي بانتظار التسويات الشاملة في الاقليم؟