أكد مختصون في الشأن السياسي الفلسطيني، أن قرار محكمة العدل العليا الفلسطينية، والقاضي بإجراء الانتخابات المحلية في
الضفة الغربية المحتلة دون قطاع
غزة، سيعمق الانقسام الفلسطيني، ويؤكد غياب الرؤية الوطنية لتحقيق المصالحة الفلسطينية.
يكرس الانقسام
وأرجعت المحكمة قراراها الذي صدر اليوم الاثنين، بتأجيل الانتخابات في غزة، "لعدم قانونية المحاكم في القطاع"، وهو الأمر الذي رفضته حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، على اعتبار أنه "يمارس التجزئة بين أبناء الشعب الفلسطيني".
وعبرت حماس في بيان لها وصل "
عربي21" نسخة منه، عن صدمتها من "القرار المفاجئ"، مؤكدة أنه قرار "مسيس؛ يكرس حالة الانقسام ويعكس حالة التمييز التي تمارسها المؤسسة الرسمية والقضائية في الضفة تجاه غزة"، مطالبة لجنة الانتخابات المركزية، "بعدم تطبيق القرار حفاظا على وحدة الشعب الفلسطيني".
وأوضح الخبير السياسي عبد الستار قاسم، أن قرار المحكمة؛ الذي "استند على أن الوضع في قطاع غزة غير شرعي، تجاهل أن الوضع في الضفة الغربية أيضا غير شرعي؛ وعباس غير شرعي؛ وما ينتج عن الغير شرعي هو غير شرعي".
وأضاف لـ"
عربي21": "ومحكمة العدل العليا غير شرعية وما ينتج عنها بكل تأكيد هو باطل"، مشيرا إلى أنه ما "دمنا لا نستخدم القانون بشكل صحيح فنحن في تيه وفوضى وصدور مثل هذا القرار هو إمعان في غير الشرعية ويصب في مصلحة الاحتلال".
وأشار قاسم، إلى أن السلطة الفلسطينية "تهرب من الشرعية"، مشددة على ضرورة أن تطالب الفصائل بانتخابات سياسية (رئاسية وتشريعية) لأنها أولى من المحلية؛ وهي التي كانت من المفترض أن تجري قبل نحو ستة سنوات.
وقال: "عند إجراء الانتخابات السياسية؛ يترك للذين ينتخبون ترتيب الأوضاع والانتخابات المحلية وفق رؤية وطنية جديدة"، مضيفا أن "قفز السلطة عن الانتخابات السياسية من أجل أن تتفادى الانتخابات السياسية خوفا من الخسارة".
يوم حزين
وفي ظل الموقف "المتراخي" من الفصائل الفلسطينية، أكد الخبير السياسي أن "القرار سيطبق"، منتقدا بشدة موقف الفصائل الفلسطينية "غير الجادة؛ والتي لم تخرج لتقول لعباس أنت غير شرعي وتطالب بانتخابات سياسية".
من جانبه، رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، مخيمر أبو سعدة، أن هذا "يوم حزين للقضاء الفلسطيني"، مؤكدا أن القضاء الذي يفترض أن يعمل على لم شمل الشعب الفلسطيني، نجده اليوم يعمل على "تعميق الانقسام الفلسطيني".
وأضاف في حديثه لـ"
عربي21"، أن "القضاء بدخوله على خط الانقسام؛ عمل على تشريعه"، مبينا أن "القضاء سيدخلنا في متاهات نحن في غنى عنها".
وحول كيفية تجاوز هذه الأزمة التي تسبب بها القضاء الفلسطيني في الضفة الغربية، اعتبر أبو سعدة، أن طلب لجنة الانتخابات من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تأجيل الانتخابات يمثل "مخرجا مناسبا لتلك الأزمة ومبادرة جيدة؛ وعلى لجنة الانتخابات أن تقوم بدور الوسيط".
وتوقع أستاذ العلوم السياسية، أنه في حال تم تنفيذ قرار المحكمة، أن تقوم
حركة حماس بإجراء انتخابات في قطاع غزة بالتزامن مع الضفة.
وعقب صدور قرار محكمة العدل العليا، أرسلت لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية، رسالة للرئيس عباس، توصي بتأجيل إجراء الانتخابات مدة ستة أشهر.
أشكال الانقسام
وشددت اللجنة، في بيان لها، على أهمية تأجيل الانتخابات، كي يتسنى "ترتيب البيت الفلسطيني، ومعالجة الأنظمة والقوانين ذات الصلة"، مؤكدة أن قرار المحكمة "سيزيد من حدة الانقسام بين شطري الوطن، ويضر بالمصلحة العامة والمسيرة الديمقراطية".
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، إن هذا القرار "متوقع؛ لأنه لا توجد احتمالات كثيرة أمام المحكمة العليا؛ فحسب فهمها للقانون الساري في مرحلة الانقسام؛ كل شيء في غزة غير شرعي".
وأوضح في حديثه لـ"
عربي21"، أن "إجراء الانتخابات المحلية خلال الفترة القريبة؛ هذا يدل أنه، لا توجد توجهات حقيقية لتحقيق المصالحة الفلسطينية"، معتبرا أن القرار "هو شكل جديد من أشكال الانقسام"، وهو يتفق مع مخيمر في أنه "يزيد من هوة الانقسام على المستوى السياسي الفلسطيني".
وأعلن مجلس الوزراء الفلسطيني، في حزيران/ يونيو الماضي، أن انتخابات مجالس الهيئات المحلية في الضفة الغربية وقطاع غزة ستجرى في 8 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، في وقت أعلنت فيه حركة "حماس"، في 15 تموز/ يوليو الماضي، أنها ستسمح بإجراء هذا السباق الانتخابي في غزة والضفة الغربية، وستعمل على "إنجاحه".