فيما تسبب الموقف
الإيراني في فشل "
أوبك" في التوصل إلى قرار حاسم بشأن اتفاق تثبيت إنتاج
النفط طيلة الفترات الماضية، فقد خرج الرئيس الإيراني حسن روحاني، ليضع الكرة من جديد في ملعب الدول المنتجة للنفط من خارج منظمة الدول المنتجة والمصدرة للنفط.
الموقف الإيراني بدا أكثر غرابة بعد تصريحات "روحاني" التي تشير إلى أن حكومة طهران بدأت تصبح أكثر مرونة من قبل، بشأن موقف "أوبك" من قرار تثبيت إنتاج النفط.
وهبطت أسعار النفط في تعاملات اليوم الثلاثاء، بفعل زيادة صادرات إيران التي تزيد من تخمة المعروض العالمي، وإن كانت سوق الخام تجد بعض الدعم في خفض الإنتاج المنتظر أن تقوده منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في وقت لاحق هذا العام.
تراجع الأسعار
ويجري تداول خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة بسعر 50.63 دولار للبرميل بحلول الساعة الـ0645 بتوقيت غرينتش بانخفاض 26 سنتا أو ما يعادل 0.5 في المئة عن الإغلاق السابق.
ونزل خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 32 سنتا بما يوازي 0.66 في المئة إلى 48.49 دولار للبرميل.
وقال تجار إن هبوط الأسعار ناتج عن زيادة مبيعات الخام والمكثفات الإيرانية والتي بلغت على الأرجح نحو 2.8 مليون برميل يوميا في أيلول/ سبتمبر لتقترب من ذروة الصادرات في عام 2011 قبل فرض العقوبات علي الدولة العضو في "أوبك".
ارتفاع الصادرات
ورغم تصريحات الرئيس الإيراني التي طالب فيها بضرورة أن تأخذ الدول المنتجة قرارا لرفع سعر النفط وجلب الاستقرار إلى السوق، فإنه في السوق العالمي تسبب ارتفاع إنتاح وصادرات إيران من النفط إلى تراجعه في تعاملات اليوم بعدما تجاوز سعر برميل النفط في تعاملات أمس الاثنين، الـ50 دولارا.
أما وزير النفط الإيراني، بيجن زنغنه، فقد أعلن صباح اليوم الثلاثاء، أن تعاون المنتجين خارج منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" سيلعب دورا مهما في تحقيق الاستقرار لأسعار النفط.
وقال: "الوضع يتحسن، والدول المنتجة للنفط خارج أوبك يمكن أن تساهم في استقرار سعر النفط، وإيران ستوقع المزيد من العقود بحلول آذار/ مارس 2017 لتطوير حقولها النفطية".
4.75 مليون برميل
وفي آب/ أغسطس الماضي بلغ إنتاج إيران من النفط الخام نحو 3.8 مليون برميل يوميا، لكنها تسعى إلى الوصول بحجم إنتاجها إلى نحو 4.75 مليون برميل يوميا.
فيما تبلغ طاقة تكرير النفط في إيران نحو 1.85 مليون برميل يوميا في الوقت الحالي، وتسعى الحكومة إلى الوصول بطاقة التكرير إلى ثلاثة ملايين برميل يوميا.
ويقول محللون إن إيران ستواجه صعوبة في زيادة الإنتاج أكثر من ذلك، وإن بلوغ مستويات إنتاج ما قبل العقوبات يزيد من احتمال اتفاق طهران على فرض قيود على الإنتاج بشكل ما مع غيرها من أعضاء "أوبك" بما فيهم غريمتها السعودية التي تضخ كميات من النفط تقارب مستويات قياسية.
تحركات أوبك
وربما ترى طهران أن تحركات "أوبك" سوف تعوق خطة إيران من الوصول بإنتاجها إلى فترة ما قبل العقوبات الدولية التي تم رفعها في كانون الثاني/ يناير الماضي، هذا بخلاف موقفها من السعودية وبدء حرب باردة بين حكومتي الرياض وطهران خاصة مع تأزم الموقف في اليمن وسوريا.
كل ذلك يدفع إيران إلى محاولة عرقلة محاولات الدول المنتجة والمصدرة للنفط وعلى رأسها السعودية وفنزويلا، في التوصل إلى اتفاق يقضي بتجميد أو تثبيت وربما خفض إنتاج النفط حتى يتسنى توفير الاستقرار وتحسن الأسعار في أسواق النفط العالمية.
وسيتقرر حجم النفط الذي ستنتجه كل دولة خلال الاجتماع الرسمي التالي لـ"أوبك" في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، وقد توجه الدعوة أيضا إلى الدول غير الأعضاء مثل روسيا للانضمام إلى التخفيضات.
تناقضات غريبة
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية عن "روحاني" قوله: "ينبغي أن تمد كل الدولة يد المساعدة إلى لجنة الخبراء من أجل أخذ قرارات ترفع أسعار النفط خلال قمة تشرين الثاني/ نوفمبر".
وأضاف أن على أعضاء "أوبك" أيضا التفاوض مع الدول غير الأعضاء لتحقيق الاستقرار في السوق.
وفيما تعاني فنزويلا من أزمة اقتصادية متفاقمة بفعل أسعار النفط المنخفضة وقد ضغطت بشدة في الأشهر الأخيرة لكي تناقش "أوبك" ومنتجو النفط الآخرون خفض الإنتاج، فإن الموقف على الصعيد الإيراني يبدو أكثر تحسنا، خاصة مع توقعات صندوق النقد الدولي التي جاءت إيجابية حول مستويات النمو والإصلاحات الاقتصادية التي تقودها حكومة طهران.
انتعاش اقتصادي
وذكر صندوق النقد الدولي أن رفع العقوبات الدولية التي كانت مفروضة على إيران أنعش اقتصادها بعد سنوات من التراجع.
وقال خبراء الصندوق بعد زيارة لإيران ولقاء مسؤولي البنك المركزي والمؤسسات الحكومية الإيرانية إن الأحوال الاقتصادية "تتحسن بقوة" والسلطات تقوم بإصلاحات لتعزيز النمو.
وانتعش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي لإيران بقوة خلال النصف الأول من العام الحالي مع تراجع حدة العقوبات بعد تطبيق الاتفاق النووي.
وأشار خبراء الصندوق أن إنتاج النفط والصادرات الإيرانية زادت بسرعة لتعود إلى مستوياتها قبل فرض العقوبات، وأن القطاعات غير النفطية عادت إلى النمو مجددا بقيادة القطاع الزراعي وإنتاج السيارات والتجارة وخدمات النقل.
ومن المتوقع نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي لإيران بمعدل 4.5 % سنويا أو أكثر خلال العامين الحالي والمقبل.
وتطبق الحكومة الإيرانية قوانين جديدة لتعزيز حماية النظام المالي ومن المنتظر أن تؤدي إلى تسهيل وصول المؤسسات الإيرانية إلى النظام المالي العالمي.