يخلد
الجزائريون، الأربعاء 5 تشرين الأول/
أكتوبر، الذكرى 28 لثورة أكتوبر العام 1988، التي طالبوا خلالها بالديمقراطية والتعددية السياسية والإعلامية، وأسفرت عن سقوط أزيد من 500 قتيل بحسب الأرقام الحكومية.
مرت 28 سنة على تلك
الثورة التي يفضل البعض بالجزائر تسميتها "أحداثا" فقط، ولحد الآن لم تظهر حقيقة خروج آلاف الجزائريين بمظاهرات ضد النظام الذي كان يمثله الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد ومن حركها.
هناك من يصف تلك الثورة، التي عمت 48 محافظة جزائرية بـ"ثورة جياع"، ويقولون إن الجزائريين، خرجوا إلى الشوارع بعد أزمة اقتصادية خانقة، بسبب تهاوي أسعار النفط إلى سعر لا يزيد عن 10 دولارات للبرميل.
وعاش الاقتصاد الجزائري في تلك الفترة أسوأ مراحله، وزادت معيشة الجزائريين غلاء في ظل ندرة المواد الغذائية الضرورية مثل الخبز والحليب.
لكن أطرافا من الداخل النظام، استغلت تلك الثورة لإحداث القطيعة مع النظام الاشتراكي وفك الارتباط مع الاتحاد السوفياتي (سابقا) وقدمت تلك الثورة على أنها تحمل في طياتها مطالب من أجل الديمقراطية وإطلاق الحريات الجماعية والفردية وإقرار التعددية السياسية والإعلامية.
وسقط في تلك الأحداث أزيد من 500 قتيلا جزائريا بأول مواجهات بين الأجهزة الأمنية والمواطنين بالجزائر منذ استقلال البلاد عن فرنسا العام 1962.
وفعلا، أجرى النظام إصلاحات على نفسه، بدءا بإقرار دستور جديد بالبلاد العام 1989، أقر مطالب الجزائريين بالديمقراطية، أسفر عن تأسيس أزيد من 60 حزبا كما أسست العشرات من الصحف الخاصة والمستقلة، وصار بإمكان الجزائريين التعبير عن مواقفهم علنا دون رقابة.
لكن، هل تلك الحركية التي أتاحها دستور البلاد الجديد، أتاحت فسحة من الديمقراطية الحقيقية المتسمة بالدوام إلى الآن؟
الجزائريون يردون على سؤال كهذا بـ"لا"، وحاليا يعقدون مقارنات بين تلك الفترة وما يعيشونه اليوم من تراجع رهيب بالحريات، وبالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف من العودة إلى ما قبل أكتوبر 1988.
مرد ذلك أن البلاد تعيش الظروف نفسها التي دفعت إلى ثورة تشرين الأول / أكتوبر من ذلك العام، قياسا بتدهور القدرة الشرائية للجزائريين، وانكماش الديمقراطية، وتهاوي أسعار النفط مجددا واعتماد الحكومة الجزائرية خطة تقشف قاسية أنتجت ارتفاعا رهيبا في أسعار المواد الغذائية والكهرباء والبنزين.
وسجل "تجمع شباب الجزائر" المعارض، في بيان نشره الثلاثاء "استمرار التراجع عن المكتسبات الديمقراطية التي تحققت بعد أكتوبر 1988"، وقال إن "قوى الظلام تمكنت من إجهاض المسار".
وذكر التجمع أن "أكتوبر 88 فتح الطريق لبناء دولة الحق والقانون والعدالة الاجتماعية، لكن للأسف لم تترك قوى الظلام الفرصة وأجهضت هذا المسار، وصادرت حلم الحرية والعدالة، حيث تم سريعا إغلاق الأقواس، من خلال إعادة النظر في المكتسبات التي تحققت بفضل تضحيات الجزائريات والجزائريين".
وأفاد هواري قدور، عضو الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان في تصريح لـ"
عربي21"، الثلاثاء، أن "الجزائريين لا يزالون يبحثون عن الديمقراطية، مادامت السلطة لن ترضى بأن يكون هناك هوية واضحة للمجتمع المدني، لأن من شأن ذلك أن يوسّع دائرة المحاسبة ومراقبة تنفيذ السياسات التي تنتهجها الحكومة، بتواطؤ مع أحزاب الموالاة أو المعارضة، تحت الطاولة على حساب الشعب الجزائري".
ويرى المسؤولون الجزائريون بمواقفهم حيال المخاوف من انزلاق البلاد بأتون ربيع عربي، أن "الجزائر قامت بربيعها العام 1988، ولا مجال لتكرار الثورة".
لكن المعارضون، يرون أن تلك الثورة وإن جلبت بعضا من المطالب، فإن السلطة بالبلاد تراجعت عنها، خاصة بعد تولي الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، ولاية رئاسية رابعة بموجب انتخابات الرئاسة التي جرت شهر نيسان/ أبريل 2014.
وأفاد خبير علم الاجتماع، الجزائري الدكتور ناصر جابي، بتصريح لصحيفة "
عربي21"، الثلاثاء، أن "كلام المسؤولين به تحريف فهؤلاء يريدون إقناع الجزائريين أن التغيير وراءهم وليس أمامهم، وعليهم ألا ينتظروا تغييرا على المدى المتوسط أو الطويل".