دعا مؤسس ورئيس لجنة الشؤون العامة الأمريكية
السعودية "سابراك" سلمان الأنصاري، في مقال نشر على موقع مجلة الكونغرس "ذا هيل"، إلى "تحالف تعاوني" بين المملكة وإسرائيل.
ويشير الموقع إلى أن الأنصاري أنشأ مؤسسة اللوبي في شهر آذار/مارس العام الماضي.
ويقول الأنصاري في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21": "يثير موضوع إقامة علاقات بين السعودية وإسرائيل الكثير من النظريات والفرضيات والنقاشات العاطفية، وتحمل بعض هذه النقاشات وجهة نظر، أما الآخرى فليست إلا تخمينات فقيرة، وهذه المواقف القوية مثيرة بشكل خاص؛ لأنها طرحت على خلفية غياب العلاقات بين البلدين".
ويضيف الكاتب: "لا يشير الخطاب السياسي السائد إلى أنه من مصلحة البلدين تشكيل (تحالف تعاوني) فقط، بل إنه سيكون في مصلحة الشرق الأوسط الكبير وحلفائهما الدوليين أيضا".
ويتابع الأنصاري قائلا: "في الحقيقة هناك بعض الآراء التي تشير إلى أن وجود عدو مشترك، مثل
إيران، يمكن أن يساعد على تسريع أي نوع من التقارب بين أٌقوى دولتين في الشرق الأوسط، ورغم كون هذا الكلام صحيحا، إلا أن تأسيسا قويا لعلاقة ذات جذور عميقة بين البلدين يمكن أن تبرز في سياق العلاقة الاقتصادية المتبادلة".
ويحاول الكاتب إثبات هذا الأمر قائلا: "يخبرنا التاريخ أن العرب واليهود كانوا شركاء أقوياء في التجارة، والثقافة، والأمن المتبادل، وعاشوا نسبيا بسلام وتعايش لقرون طويلة، سواء كانوا في الشرق الأوسط، أو في شمال أفريقيا، أو في إسبانيا".
ويقول الأنصاري إنه "عندما نتحدث عن التاريخ القريب نوعا ما، فإنه من المعروف أن كلا من السعودية وإسرائيل التزمتا بسياسات عقلانية ومتوازنة في السياسة الخارجية، عبر الـ 70 سنة الماضية، ولم تبرز منهما أفعال استفزازية أو عدوانية، ومن المهم الملاحظة أن هناك مئات من اليهود الذين جاؤوا من زوايا متعددة في العالم، ويعملون الآن في السعودية، ويساهمون في المشاريع المالية، والبنية التحتية، والطاقة".
ويقول الكاتب: "في الواقع إن السعودية تمر بمرحلة اقتصادية انتقالية هي الأكبر في تاريخها المؤهلة
إسرائيل للمساهمة بها، ومهندس هذه المرحلة الانتقالية هو ولي ولي العهد
محمد بن سلمان، الذي ينظر إليه المراقبون على أنه شخصية براغماتية وتقدمية، مع وجود الإشارات كلها على أنه مستعد لبناء علاقة حقيقية ودائمة مع إسرائيل، وتم تقديم ملامح هذا التحول قبل فترة في (رؤية الانتقال الوطني)، ويركز أحد أهم ملامحها على تنويع مصادر الدخل والمعادن والمصادر الطبيعية".
ويضيف الأنصاري أن "هذه الخطة تعد فرصة ذهبية لإسرائيل للمشاركة والمساعدة في تقوية الاقتصاد السعودي، فبعد هذا كله، فإن لدى إسرائيل سمعة بكونها من أهم الدول التكنولوجية المتقدمة في مجال التعدين، ولديها صناعة ماس نشيطة ومعترف بها دوليا".
ويواصل الكاتب قائلا: "وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن السعودية هي أضخم دولة في العالم دون مصادر مائية متدفقة، فإن إسرائيل هي الرائدة في صناعة هندسة المياه، وهو ما يؤهلها لمساعدة السعودية في خططها الطموحة في مجال تحلية المياه، التي تشكل جزءا حيويا من خطة ولي ولي العهد للإصلاح الاقتصادي (رؤية 2030)".
ويعترف الأنصاري قائلا: "بالطبع، لا تقوم شراكة اقتصادية كهذه دون معالجة مظاهر القلق الأمني، خاصة أن عامل الثقة بين البلدين بحاجة إلى دعم إيجابي، إلا أن مظاهر القلق هذه تظل متبادلة، حيث يواجه البلدان تهديدات مستمرة من الجماعات المتطرفة، التي تلقى دعما من النظام الشمولي في إيران، الذي يصنف دوليا باعتباره راعيا للإرهاب، ويقدم الملجأ الآمن للجماعات الإرهابية المعروفة والأخطر في العالم".
ويلفت الكاتب إلى أن "أي نوع من
التطبيع بين البلدين يعد تطبيعا عربيا وإسلاميا تجاه إسرائيل، الأمر الذي سيؤدي بلا شك إلى نشر الأمن، وإضعاف المتطرفين في المنطقة، وفي الحقيقة كان هناك وقت اعتمدت فيه الولايات المتحدة على السعودية العربية، وعلى إيران ما قبل الثورة الإسلامية المؤيدة للغرب، باعتبارهما (ركيزتي) الاستقرار في الشرق الأوسط، وكجزء من (عقيدة نيكسون) قبل عدة عقود".
وينوه الأنصاري إلى أن "الإدارة الأمريكية الحالية والقادمة يمكن أن تفكر وتحمل السعودية وإسرائيل الراية، بصفتهما ركيزتي الاستقرار الإقليمي الجديدتين، ويعني هذا تدخلا عسكريا أقل، لكنه فرصة أسهل للولايات المتحدة لتعزز المناخ في الشرق الأوسط المناسب للتطوير الاجتماعي والنمو الاقتصادي".
ويبين الكاتب أن "التغيرات المتسارعة تقتضي أفعالا سريعة وحازمة، من أجل تحقيق الاستراتيجية السياسية والأمنية والاقتصادية الجديدة، التي تدور حول سياسة رابح- رابح، وعلى كل من السعودية وإسرائيل الاعتراف بأن المنافع الثنائية تبدو جذابة من الناحية الاستراتيجية والاقتصادية على الورق، إلا أن هذه الفرصة الوحيدة لتحقيق هذه المنافع لا تحدث إلا إذا دعمت بخطة شاملة، تفي بالشروط المطلوبة من الطرفين".
ويخلص الأنصاري إلى أن "عرقلة العلاقات بأي طريقة ستؤدي بشكل حتمي إلى خنق الفرصة التاريخية للدولتين، وتمنعها من النمو والتطور، وتقوية الهدف المشترك الكفيل بنجاح هذه العلاقة الحيوية، وجلب الشرق الأوسط نحو مرحلة غير مسبوقة من السلام والازدهار".