قدم الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف (النيابة العامة) بالحسيمة (شمال
المغرب)،
أول رواية رسمية للحادث بعد خمسة أيام من الفاجعة التي راح ضحيتها تاجر السمك محسن فكري، وشهدت البلاد بعدها غضبا شعبيا شمل كل المدن والمراكز الكبرى في المغرب التي خرجت تحتج على الفاجعة.
وأحال الوكيل العام للملك 11 شخصا على قاضي التحقيق، من بينهم اثنان من رجال السلطة ومندوب الصيد البحري ورئيس مصلحة بمندوبية الصيد البحري وطبيب رئيس مصلحة الطب البيطري، وقد استمع إلى حوالي 20 شخصا آخرين على ذمة ما بات يعرف بقضية "
#طحن_مو".
هكذا قتل بائع السمك
أفاد بلاغ للوكيل العام للملك، بأن معطيات البحث، في قضية
بائع السمك محسن فكري، أظهرت أن المرحوم كان قد اشترى من بعض الصيادين بميناء
الحسيمة حوالي نصف طن من سمك "بوسيف/ أسبادون"، المحظور صيده خلال الفترة الممتدة من فاتح تشرين الأول/ أكتوبر إلى 30 تشرين الثاني/ نوفمبر، من كل سنة بمقتضى قرار وزير الصيد البحري عدد 13-1176 بتاريخ 8 نيسان/ أبريل 2013.
وأضاف البلاغ، أن المرحوم فكري كلف أحد الأشخاص بنقل هذه الأسماك على متن سيارة نقل لم تخضع للمراقبة عند مغادرة الميناء، الأمر الذي دفع عنصر الأمن المداوم هناك إلى تبليغ مصالح الأمن المعنية، التي أوقفت السيارة على مستوى شارع طارق بن زياد.
وبعد حضور ممثل مندوبية الصيد البحري، كما يضيف البلاغ، فقد أفاد بوجود مخالفات للقانون المنظم لصيد السمك، لتتصل، إثر ذلك، مصالح الشرطة القضائية بالنيابة العامة التي أمرت بإحالة السائق والأسماك المحجوزة إلى مندوب الصيد البحري لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في الموضوع.
وذكر بلاغ الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالحسيمة، أن الطبيب البيطري أفاد بعدم صلاحية الأسماك للاستهلاك لعدم التوفر على وثائق تثبت مصدرها، ما يقتضي إتلافها.
وكشف أن اللجنة المكونة من مندوب الصيد البحري ورئيس مصلحة الصيد البحري والطبيب البيطري وممثل السلطة المحلية استدعت، من أجل القيام بعملية الإتلاف، شاحنة نقل النفايات التي اشترط أحد المسؤولين عنها الحصول على أمر بالإتلاف قبل نقل كمية السمك المحجوزة.
وقال البلاغ إنه "حين كانت مصالح شركة نقل النفايات تهم بمحاولة نقل الأسماك من السيارة إلى شاحنة نقل النفايات، وبعد تلقي سائق هذه الأخيرة إشارة من أحد عمال الشركة بتزويد آلة الضغط بالكهرباء، صعد المرحوم مصحوبا ببعض الأشخاص إلى الجهة الخلفية لشاحنة نقل النفايات للحيلولة دون وضع الأسماك فيها"، موضحا أنه "في هذه الأثناء اشتغلت آلة الضغط جراء جر الجهاز الموجود في يمين الجهة الخلفية للشاحنة، ما أدى إلى وفاته".
وأشار المصدر نفسه إلى أن آلة ضغط النفايات تقع في الجهة الخلفية للشاحنة، ويتم تشغيلها بعد تزويدها بالكهرباء بواسطة زر يقع في مقطورة القيادة الأمامية من طرف السائق، وكذلك بجر جهاز آلي يوجد في الجهة اليمنى الخلفية للشاحنة.
11 موقوفا
وقال بلاغ للوكيل العام للملك في محكمة الاستئناف بالحسيمة، إن الموقوفين يتابعون "من أجل التزوير في محرر رسمي والمشاركة فيه والقتل غير العمد"، وذلك على أثر حادث وفاة المواطن محسن فكري.
وذكر بلاغ للوكيل العام للملك، توصلت وكالة المغرب العربي للأنباء إلى نسخة منه اليوم الثلاثاء، أنه قرر إحالة هؤلاء على قاضي التحقيق بعد التوصل بمحضر البحث الذي تم من خلاله الاستماع لما يزيد على 20 شخصا، وإجراء عدة معاينات ومواجهات استغرقت كامل الوقت المخصص قانونا للحراسة النظرية (72 ساعة بعد التمديد).
وأضاف البلاغ أن الوكيل العام للملك كلف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، الكائن مقرها في الدار البيضاء، نظرا لخبرتها وضمانا للتجرد والحياد في عملها، بإجراء هذا البحث المعمق حول ظروف وفاة المرحوم محسن فكري.
وأوضح أن اللجنة عمدت إلى تحرير محضر بإتلاف السمك المحجوز قبل القيام بهذه العملية، وتم تسليم أصله لممثل الشركة، "وهو ما يكتسي في نظر هذه النيابة العامة بوصف جناية التزوير في أوراق رسمية".
وأكد بلاغ الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالحسيمة، أنه "لم يثبت من البحث المجرى في النازلة صدور أي أمر بالاعتداء على الضحية من طرف أي جهة"، مبرزا أن النيابة العامة، من خلال دراستها لتفاصيل الأحداث وتصريحات الأطراف، رجحت كون الأفعال المرتكبة تكتسي بطابع القتل غير العمدي، وضيفا أنه يبقى للقضاء الذي سينظر في القضية أن يقرر ما يراه ملائما بشأنها طبقا للقانون.
وأفاد بأن النيابة العامة ستواصل البحث في المخالفات المتعلقة بالصيد البحري التي قد تسفر عن متابعات لاحقة إذا توفرت أدلة على قيامها.
هكذا تحدث وزير الداخلية
وكان وزير الداخلية قد انتقل إلى مدينة الحسمية بتعليمات ملكية، لتقديم تعازي ومواساة العاهل المغربي لأسرة المرحوم محسن فكري الذي فارق الحياة في الحادث المؤلم الذي وقع ليلة الجمعة الماضية.
وأبلغ عائلة الفقيد محسن فكري، بأن العاهل المغربي قد أعطى تعليماته لإجراء بحث دقيق ومعمق وكذا متابعة كل من ثبتت مسؤوليته في هذا الحادث، مع التطبيق الصارم للقانون في حق الجميع ليكونوا عبرة لكل من يقصر خلال القيام بمهامه ومسؤولياته.