نشرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، الاثنين الماضي، تقريرا حول أكثر دول العالم التي لا يود السياح العودة لها مجددا، وتصدرت
مصر قائمة هذه الدول، على الرغم من إمكانياتها السياحية المتعددة.
وبحسب البيانات التي أعلنها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، الثلاثاء، فقد تراجع عدد السياح الوافدين إلى مصر في الأشهر التسعة الأولى من عام 2016 بنسبة 41.8 في المئة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
القمامة والتحرش
وأشار المشاركون في الإجابة عن السؤال الذي أشارت إليه الصحيفة البريطانية إلى أن مصر بلد غير نظيف، كما أن سلوك المواطنين، خاصة الباعة المتجولين، "عدواني ومزعج" للسياح. فقال أحدهم: "إنك بمجرد هبوطك من الطائرة تشم رائحة القمامة المختلطة بالسخام في كل مكان، كما أن العملة المحلية التي اشتريتها في المطار كانت قذرة، وتبدو مثل المناديل الورقية المستعملة"، بحسب وصفه.
وأضافت سيدة أخرى: "الباعة المتجولون لا يفهمون رفضك للشراء، بل قد يجذبونك بالقوة من الشارع إلى داخل متاجرهم، ويساعدونك في ارتداء الملابس، ما يتضمن الكثير من التحرش".
كما اشتكى سائحون من التعرض للنصب والمغالاة في الأسعار عندما يعلم البائع أنهم أجانب، بالإضافة إلى انتشار المتسولين في كل مكان تقريبا.
"مؤامرة غربية"
من جانبه، رأى ناجي العريان، عضو اتحاد الغرف السياحية في مصر، أن ما يتردد عن رفض السياح العودة لمصر بسبب السلوكيات السيئة هي "ادعاءات غير صحيحة"، وقال إن هناك وسائل إعلام بعنيها تنشر هذه الأخبار السلبية في إطار الحرب الاقتصادية التي تشنها دول غربية على مصر، وفق قوله.
وأوضح العريان، في حديث لـ"عربي21"، أن السبب الرئيسي لأزمة
السياحة الحالية هو تدهور الأوضاع العامة في منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى المشاكل الأمنية التي تعاني منها مصر، وعلى رأسها "العمليات الإرهابية المتكررة في
سيناء، وهو ما ينقل صورة سلبية عن الوضع الأمني، ويجعل السياح يتجنبون زيارتها".
وأضاف أن حادثة سقوط الطائرة الروسية كان له تأثر بالغ على السياحة المصرية، حيث دفع السياح الروس والبريطانيين لمغادرة مصر بشكل فوري، في وقت كانت السياحة في البلد قائمة على هؤلاء.
وقال إن الحملات الدعائية التي قامت بها الحكومة المصرية خلال العامين الماضيين لتنشيط السياحة فشلت في جذب السياح مرة أخرى؛ لأنها "تنفذ بعد فوات الأوان، وبطرق تقليدية، ودون تخطيط"، موضحا أن هناك دولا أخرى "تقوم بجهود جبارة لجذب السياح"، وهو ما لا يحدث في مصر"، كما قال.
وتعتمد مصر على السياحة كمصدر أساسي للنقد الأجنبي، بما يقترب من 20 في المئة، لكنها تعرضت لسلسلة انتكاسات منذ عام 2015، بدأت بإحباط هجوم على معبد الكرنك بالأقصر في حزيران/ يونيو 2015، ثم مقتل ثمانية مكسيكيين في أيلول/ سبتمبر 2015 بنيران الجيش عن طريق الخطأ، ثم إسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء نهاية تشرين الأول/ أكتوبر 2015، وأخيرا سقوط طائرة مصر للطيران في البحر المتوسط منتصف أيار/ مايو الماضي.
نحن نحارب الإرهاب
أما نقيب المرشدين السياحيين معتز السيد، فنفى بدوره صحة التقارير الصحفية حول امتناع السياح عن زيارة مصر بسبب عدم النظافة والتحرش الجنسي وغيرهما من السلوكيات السيئة، مشددا على أن "مشكلة مصر سياسية وأمنية فقط، وإذا تحسنت هذه الأوضاع فستعود السياحة لسابق عهدها"، وفق قوله.
ورأى السيد لـ"عربي21" أن "الأوضاع السياسية في البلاد والعمليات الإرهابية تنسف أي جهود لتنشيط السياحة، بعد أن حظرت أغلب الدول سفر مواطنيها لمصر بسبب الأوضاع السياسية المتدهورة"، مطالبا الحكومة بالتفاوض مع الدول التي حظرت سفر مواطنيها لمصر لإقناعها بإعادتهم مرة أخرى؛ لأن "الحل سيكون سياسيا فقط"، وفق تقديره.
واقترح أن تعقد مصر اتفاقيات مع شركات الطيران العارض التي تملكها شركات أوروبية، مشيرا إلى أن "هذا الطيران منخفض التكاليف، ويفضله السياح أكثر من الطيران الناقل، وسيسهل كثيرا عودة السياحة لمصر".
وبدلا من طمأنة الأجانب على استقرار الأوضاع الأمنية في البلاد، قال وزير السياحة، يحيي راشد، إن "مصر تخوض حربا ضد الإرهاب"، معتبرا أن "هذه الحرب هي السبيل الأول لعودة السياحة إلي مصر من جديد"، كما قال.
الإسرائيليون متواجدون بقوة
وفي حين يُحجم السياح الغربيون عن زيارة مصر في الفترة الأخيرة، يقبل الإسرائيليون بشدة على قضاء إجازاتهم في منتجعات جنوب سيناء على البحر الأحمر.
وقالت صحيفة معاريف الإسرائيلية، يوم الأحد الماضي، إن 60 ألف إسرائيلي عبروا معبر طابا خلال الأسبوع الماضي؛ لقضاء عطلة عيد العرش اليهودي، بزيادة 22 في المئة عن العام الماضي، رغم التحذير من السفر إلى سيناء على خلفية نشاط تنظيم ولاية سيناء، إلا أن السياح الإسرائيليين لم يهتموا بهذه التحذيرات.
وأشارت الصحيفة إلى أن الإسرائيليين يحبون التمتع بالمنتجعات رخيصة الثمن في سيناء، مقارنة بالمدن السياحية الإسرائيلية، مثل إيلات، كما أن قرب المسافة يجعل المدن المصرية مقصدا سياحيا مفضلا للإسرائيليين.
ومنذ شهر كانون الثاني/ يناير حتى حزيران/ يوليو 2016، وصل عدد المسافرين الإسرائيليين 100 ألف سائح مقابل 68.5 ألفا في الفترة ذاتها من العام الماضي، بزيادة تبلغ 45 في المئة.