هاجم مسؤول أمني
إيراني سابق رئيس النظام السوري بشار الأسد، ووصفه بالديكتاتور، وهو أمر نادر الحدوث في إيران، خصوصا من قبل مسؤول أمني.
وأضاف المساعد السياسي والأمني في وزارة الداخلية الإيرانية الأسبق، مصطفى
تاج زادة، إلى ذلك نقدا لسياسة بلاده تجاه
سوريا.
وقال تاج زادة الذي يعدّ من قيادات التيار الإصلاحي البارزين، في لقاء مع صحيفة "نشرية روبه رو" الإيرانية الشهيرة، ترجمته "
عربي21"، إنه "منذ بداية تظاهرات السوريين ضد النظام الديكتاتوري الحاكم في دمشق، تحرك النظام السوري لمواجهتها وإجهاضها بالقوة بدلا من النظر إلى هذه الاحتجاجات ضمن إطار المطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية، حيث قمعها بقوة السلاح والجيش النظامي".
كما انتقد تاج زادة سياسة بلاده في سوريا، فقال: "وفقا لتصريحات شيخ الإسلام، سفير إيران الأسبق في سوريا، فإن أهم التوصيات التي قدمتها إيران لبشار الأسد في بداية الاحتجاجات السلمية هي مواجهتها باستخدام الغاز المسيل للدموع والهراوات، وليس عن طريق استخدام الرصاص الحي".
ووصف زادة هذه النصائح بأنها "أول خطأ ترتكبه إيران"، مضيفا: "فبدلا من تشجيع الأسد على وضع حد لنهاية مرحلة الحكم الفردي والمطلق، قامت بإعطائه نصائح أمنية ساهمت في تحريضه على قمع الشعب السوري".
وتابع تاج زادة مهاجما الأسد: "لا يمكن استمرار الثورة السورية بصورة سلمية في ظل استخدام الأسد كافة الأسلحة والقوة القهرية في قمع الشعب الذي طالب بالحرية". مضيفا أن "الأسد اتهم المتظاهرين بالعمالة للخارج، وفشل في امتصاص غضب الشارع؛ بسبب عدم اعترافه بالثورة السورية".
واتهم تاج زادة النظام السوري بأنه عمل على إيجاد البيئة التي نشأ فيها تنظيم الدولة، وقال: "احتدام المواجهة بين المتظاهرين والنظام السوري -الذي استخدم كل قواه العسكرية والأمنية في قمع المتظاهرين- شكل بيئة خصبة لظهور تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سوريا".
أما الخطأ الثاني للنظام السوري وإيران برأي تاج زادة، فهو جلب المليشيات الطائفية من لبنان وأفغانستان والعراق وباكستان إلى سوريا، ما حوّل النزاع إلى نزاع طائفي، وساعد تنظيم الدولة في استغلال هذ الحالة؛ عبر اتهام إيران بأنها بصدد تشكيل الهلال الشيعي، وبناء الإمبراطورية الإيرانية".
وأضاف تاج زادة: "من الواضح أن الحكومات ارتكبت أخطاء كبيرة في الأزمة السورية، حيث إن هناك طرفا في الأزمة السورية ينادي ويحشد بصورة طائفية لاستقطاب المتطوعين الشيعة، ويرسلهم إلى سوريا تحت ذريعة الدفاع عن مزارات الشيعة في دمشق، والطرف الآخر استغل هذه الفرصة، وادعى بأنه يدافع عن غالبية الأمة -وهم أهل السنة- وعن الكعبة من هجوم الروافض والمجوس، وهذه كذبة، ولكن التصريحات التي تخرج من المتطرفين في داخل إيران دعمت هذه النظرية".
وحول الأسباب التي دفعت قطر والسعودية وتركيا إلى دعم الثورة السورية، قال تاج زادة: "إن هذه الدول تبحث عن مصالحها السياسية والاقتصادية الخاصة، ولكن أخطاء الجمهورية الإسلامية الإيرانية والأسد كانت ذريعة جيدة لتبرير تدخل هذه الدول في الشأن السوري الداخلي".
واتهم تاج زادة الحكومة الإيرانية بأنها وراء تأجيج الأزمة السورية، بقوله: "من واجب إيران أن تتابع الأحداث بدقة عالية، وأن تبذل كل مجهودها السياسي والدبلوماسي للسيطرة على الأزمة السورية ومنعها من الانتشار والتوسع، لكن الخطأ الرئيسي هو أن الحكومة الإيرانية لم تقم بواجبها بالشكل الصحيح، حيث كانت تستطيع بمساعدة المجتمع الدولي وقف انتشار الأزمة في سوريا، وتتعاون حتى مع السعودية وتركيا في حينها من أجل منع تطور الأزمة".
وأضاف: "بدلا من ذلك، تدخلت إيران بصورة عسكرية، وتركت وزارة الخارجية والحكومة الإيرانية الأزمة السورية للعسكريين الإيرانيين (
الحرس الثوري)".
واعتبر تاج زادة أن إيران تورطت واستنزفت أكثر من أي دولة في النزاع السوري، وقال: "الخسائر الاستراتيجية التي تكبدناها في سوريا كبيرة جدا، وكنا قادرين بأقل كلفة على أن نجني أكبر الفوائد في سوريا. إيران اليوم متهمة بقتل الشعب السوري وإبادته، ونشر الطائفية في المنطقة".
وأضاف: "لقد وُجهت ضربة قوية لمصداقية إيران في العالم، ويوما بعد يوم ندخل بشكل أعمق داخل المستنقع السوري، والمؤسف أنه رغم هذا الاستنزاف لم يتم إشراكنا في مفاوضات الأزمة السورية، حيث يجلس الجميع لاتخاذ القرار حول مصير سوريا إلا نحن".
من هو تاج زادة؟
سيد مصطفى تاج زادة من مواليد عام 1956م في العاصمة الإيرانية طهران، وتخرج من الولايات المتحدة الأمريكية من جامعة كاليفورنيا في الهندسة الميكانيكية، وفي العلوم السياسية من جامعة طهران.
يعدّ من رموز الحركة الإصلاحية في إيران، ويشغل منصب عضو اللجنة المركزية للحركة الإصلاحية الإيرانية، أو ما تسمى جبهة المشاركة.
شغل منصب المساعد السياسي والأمني في وزارة الداخلية الإيرانية في عهد الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، وتولى أمر الداخلية الإيرانية بعد استجواب وزير الداخلية عبدالله نوري حينها.
وفي بداية الثورة الإيرانية، كان يشغل تاج زادة مساعد الشؤون الدولية لرئيس وزراء إيران الأسبق مير حسين موسوي، ويعد من أبرز السياسيين الإيرانيين الذين انتقدوا تدخل الحرس الثوري الإيراني في الأزمة السوري.
وهاجمت وسائل الإعلام الإيرانية المقربة من المحافظين والحرس الثوري بشدة تاج زادة؛ بسبب هذا اللقاء الذي اعتبر تجاوزا للخطوط الحمراء في إيران.