قالت
المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، إن
وزارة الداخلية المصرية تعتمد منهج تلفيق التهم بناء على تحريات مفبركة، وتعريض الضحايا للاختفاء القسري والتعذيب الشديد، لإجبارهم على اعترافات مملاة عليهم كدليل على ارتكابهم جرائم تصل عقوبتها للإعدام.
وأشارت – في بيان لها الخميس- إلى أن "الداخلية" تقوم بتصوير الضحايا ونشر اعترافاتهم عبر القنوات الرسمية والموالية للسلطات الحالية لاستخدامها في تشويه صورة معارضي النظام الحالي ووسمهم بالإرهاب واستخدام العنف.
وشدّدت المنظمة على أن ما تقترفه القيادات الأمنية هو ممارسة منهجية لجرائم الخطف والاحتجاز غير القانوني والتعذيب والتزوير في المحررات الرسمية والتزوير المعنوي بتلفيق تحريات كاذبة انتهاكات جسيمه لقواعد القانون الدولي.
وأضافت أن "تصوير المتهمين، وهم يدلون باعترافات انتزعت تحت التعذيب غير مقبول قانونا، فعملية تصوير الاعترافات وإذاعتها هو إدانة مسبقة للمتهمين خارج ساحات القضاء وممارسة مفضوحة الغرض منها التشويش على الرأي العام، كما أنه يعد انتهاكا جسيما يضاف إلى جملة الانتهاكات المنهجية التي يرتكبها النظام الحالي دون توقف بعد الثالث من تموز/يوليو 2013".
وقالت: "من أبجديات العدالة في الدول التي تمتلك أنظمة قضاء مستقل مراعاة الإجراءات المتعلقة بالضبط والعرض على النيابة والقضاء مع تمكين المتهم من التواصل مع محاميه وعائلته، ولا يجوز استخدام المتهم أيا كانت التهم لخدمة أجندات سياسية أو لتأليب الرأي العام".
وتابعت: "شذ النظام في مصر عن هذه القاعدة بشكل خطير، حيث باتت عملية انتهاك القاعدة الإجرائية والموضوعية من الضبط حتى الاتهام هي الأساس فيعرض المتهم للاختفاء القسري والتعذيب ولا يمكن من مقابلة محاميه أو عائلته ويتم نشر اعترافات تدينه مسبقا قبل العرض على القضاء عبر وسائل الإعلام المختلفة".
وذكرت أنه بعد الثالث من تموز/ يوليو 2013 استخدمت وزارة الداخلية المصرية "بشكل منظم استراتيجية نشر اعترافات المتهمين عبر وسائل الإعلام لشيطنة جماعة معارضة معينه، والتشهير بالمتهمين وعائلاتهم في قضايا مختلفة أبرزها قضية اغتيال النائب العام السابق هشام بركات، وقضايا أعمال العنف والإرهاب المسماة بـ "اللجان النوعية" كقضية 174 غرب عسكرية والتي حكم على المتهمين فيها بالإعدام والسجن المؤبد والمشدد".
ونوهت إلى أن "التسجيلات التي يتم بثها تحمل في مجملها إدانه كاملة للأجهزة الأمنية، فهي علاوة على أنها غير قانونية ولا يحتج بها، يظهر فيها التلقين بشكل واضح والتعب وعلامات التعذيب على العديد من المتهمين، مما يؤكد أنها سجلت خدمة لأجندات النظام الحاكم".
واستشهدت المنظمة بما أعلنته وزارة الداخلية بتاريخ 4 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري عن تمكنها من إلقاء القبض على بعض الأشخاص، على خلفية اتهامهم في بعض قضايا العنف والإرهاب التي شهدتها البلاد في الفترة الأخيرة، أبرزها محاولتا اغتيال مفتي الجمهورية السابق علي جمعة في 5 آب/ أغسطس 2016، والنائب العام المساعد المستشار زكريا عبد العزيز في 29 أيلول/ سبتمبر 2016.
ونشرت وزارة الداخلية عبر وسائل الإعلام الرسمية والموالية للسلطات تسجيلا مصورا لمجموعة من الأشخاص، وهم يدلون باعترافات أمام الجهات الأمنية حول ضلوعهم في ارتكاب التهم المنسوبة إليهم.
واشتمل البيان والمقطع المسجل على أسماء كل من محمد السعيد محمد فتح الدين، ونبيل إبراهيم الدسوقي محمد، ومؤمن محمد إبراهيم عبد الجواد، وأحمد الدسوقي مصباح زغلول، ومعاذ حمدي محمد صالح، وعبد الحكيم محمود عبد الحكيم.
ولفتت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا إلى أن الألفاظ المستخدمة من قبل الأشخاص المتهمين كانت متطابقة للغاية، وكان يبدو عليهم التعب والإرهاق، فضلا عن وضوح آثار الضرب والتعذيب على وجوههم.
وأشارت إلى أنها تلقت شكاوى من أسر ومحامي بعض الواردة أسماؤهم في البيان الأمني في أوقات سابقة، أفادوا فيها اعتقال ذويهم دون إذن من النيابة العامة واقتيادهم إلى أماكن مجهولة وتعريضهم للاختفاء القسري دون تمكينهم من التواصل معهم حتى الآن.
وقالت المنظمة: "هذا بالإضافة إلى ورود أسماء متهمين آخرين في اعترافات المعتقلين المذكورين كمشاركين لهم في تلك التهم، تدعي وزارة الداخلية أنهم هاربون، في حين أن بعضهم لا زال قيد الاختفاء القسري بعد إلقاء القبض عليه دون أي سند قانوني، كالمواطن عمر خالد عبد الرحمن، الذي ورد اسمه في اعترافات المعتقل نبيل إبراهيم الدسوقي".
وأكدت أن أحد أفراد هيئة الدفاع عن المتهمين في تلك القضية التي تحمل رقم 724 لسنة 2016 أمن الدولة، أكد لها أن هناك أشخاصا كانوا مختفين قسريا منذ عدة أشهر، تم عرضهم على النيابة في الأيام الماضية بعد الزج بأسمائهم في تلك القضية، ودون السماح لأي من المحامين بحضور التحقيقات معهم، ومنهم على سبيل المثال المواطن علي عبد الله مبروك الفقي، والمعتقل منذ 27 حزيران/ يونيو 2016، أي قبل حدوث معظم الجرائم الموجودة في تلك القضية.
وذكرت أن وزارة الداخلية لم تذكر تواريخ وأماكن إلقاء القبض على أي من المذكورين، كما لم تذكر تواريخ بعض التهم المذكورة في البيان كمحاولة تفجير نادي الشرطة بدمياط، كما لم تذكر أي أدلة حول تورط المذكورين في تلك التهم سوى التحريات الأمنية، خاصة وأن بعض الجرائم كمحاولة اغتيال مفتي الجمهورية السابق علي جمعة ظهر منفذوها ملثمون في المقاطع المصورة التي التقطتها كاميرات المراقبة، وكان من الاستحالة تحديد هوياتهم.
وأردفت: "البيان الأمني حوى العديد من التناقضات التي تشكك في رواية الداخلية حول اتهامهم للمذكورين بارتكاب تلك الجرائم، فعلى سبيل المثال، فقد ذُكر أنه من بين المضبوطات –والتي لم يذكر أين ضبطت- ورقة بخط يد أحد قيادات جماعة الإخوان بالخارج وبها تكليف لبعض أفراد الجماعة باغتيال النائب العام السابق هشام بركات، وفضلا عن أنه من غير المنطقي أن يتم الاحتفاظ بورقة بهذه الخطورة إن صح ما جاء فيها، فإنه من غير المنطقي أيضا تحديد كاتبها الأصلي دون إلقاء القبض عليه والكشف على خطه".