لم يدر في خلد المصورين الصحفيين الثلاثة،
حمدي الزعيم (41 عاما) وأسامة البشبيشي (31 عاما) ومحمد حسن (18 عاما)، أن يتحولوا إلى أرقام جديدة في سجون الانقلاب بمصر؛ بجريرة حملهم الكاميرا في شوارع القاهرة التي تموج بغضب المواطنين.
ولكن زميلهم الصحفي محمد أحمد؛ أكد أنه "في ظل نظام عبد الفتاح
السيسي الانقلابي؛ أصبح
اعتقال الصحفيين أمرا اعتياديا، حيث يتربص أفراد الأمن بكاميرات المصورين، وأقلام الصحفيين، وأفواه المعارضين من كل الاتجاهات".
اعتقال الكاميرا
وقال أحمد لـ"
عربي21" إن "جريرة الزعيم والبشبيشي وحسن أنهم صحفيون يعملون ليعيشوا، ولكن أمناء على نقل الحقائق، ورصد الوقائع، لا تزييفها أو تحريفها أو تلوينها"، مشيرا إلى أنهم "لا يتدخلون في ردود أفعال الشارع الذي بدأ يضجر منذ شهور بسبب ما يعانيه في ظل الانقلاب".
وكانت قوات الأمن قد ألقت القبض على الصحفيين الثلاث في 26 أيلول/ سبتمبر الماضي، أثناء قيامهم بتصوير تقرير ميداني بالقرب من نقابة الصحفيين بوسط القاهرة، ونقلهم إلى قسم شرطة قصر النيل.
ويعمل الزعيم في جريدة الحياة
المصرية ووكالة بلدنا الإخبارية، ويعمل البشبيشي في جريدة الديار. أما حسن فهو صحفي متدرب في جريدة النبأ الوطني.
واستنفرت أجهزة الأمن أفرادها من أكثر من شهر؛ لتعقب الصحفيين المصورين في أعقاب انتشار واسع لمقاطع مصورة؛ ظهر فيها مواطنون يعبرون عن امتعاضهم وغضبهم من سياسات نظام السيسي.
زبانية الأمن الوطني
وفي اليوم التالي من القبض على الصحفيين الثلاثة؛ فقد بدأت حفلات تعذيبهم على يد أفراد الأمن الوطني (أمن الدولة سابقا)، من أجل نزع الاعتراف على زملاء آخرين، والحصول على معلومات عن الجهات التي يصورون لها، والإقرار بالانتماء إلى جماعة محظورة، وفق زميلهم الصحفي أحمد أبو زيد.
وقال أبو زيد لـ"
عربي21" إن "الأمن حاول نفي وجودهم في قسم الشرطة، وكان من الممكن أن يذهبوا في دهاليز الإخفاء القسري؛ لولا أن تداركتهم نقابة الصحفيين والزملاء والمحامون، وأبلغوا وكتبوا وأثبتوا وجودهم".
وأضاف أنه "في مثل هذه المواقف؛ عادة ما ينظر إلى هؤلاء الصحفيين على أنهم صيد ثمين، فيبادر قسم الشرطة بإبلاغ الأمن الوطني عن وجودهم في قبضته، مؤكدا أن "أمن الدولة مارس أبشع أنواع التعذيب بحقهم، ونال حمدي الزعيم القسط الأكبر من التنكيل، وكسرت عظامه وأسنانه، وشج رأسه، وتورمت عضلاته، فيما تعرض الزميلان الآخران إلى حملة جلسات بالكهرباء في شتى مناطق جسميهما النحيلين".
استدراج الآخرين
بدورها؛ كشفت محامية الدفاع عن الصحفيين، نورهان حسن، أن "الأمن الوطني حاول استدراج عدد من أصدقاء وزملاء البشبيشي؛ من خلال استخدام حسابه الشخصي على موقع فيسبوك، وطلب مقابلتهم في أقرب مكان وأسرع وقت؛ دون معرفة الهوية الحقيقية لمن يحدثهم، ولكن محاولتهم باءت بالفشل؛ لأن خبر القبض عليه كان قد انتشر وعرفه الجميع، وتأكدوا أن المحادثات مزيفة".
أما عن طبيعة التهم الموجهة إلى الصحفيين؛ فقالت المحامية لـ"
عربي21" إن "التهم هي الانتماء لجماعة محظورة، ونشر أخبار كاذبة"، مشيرة إلى أن النيابة قررت حبسهم 15 يوما جُددت مرة أخرى، ونأمل في أن يتم الإفراج عنهم في الجلسة المقبلة الاثنين القادم، خاصة أنهم متهمون بقضايا جنح وليس جنايات، ولا يوجد مبرر قانوني لاستمرار حبسهم".
وأكدت نورهان، التي هي شقيقة الصحفي
محمد حسن، أن قسم شرطة قصر النيل "رفض تسليمهم محضر القضية، ورفض تسليمهم أيضا تقرير الطب الشرعي الذي أثبت وجود ثماني علامات تعذيب في جسد حمدي الزعيم؛ لإجباره على الاعتراف والإقرار بأمور ليس له علاقة بها".
الاعتداء على زوجة الزعيم
وكشف الصحفي أحمد أبو زيد عن تعرض زوجة الزعيم لاعتداء من قبل بعض أفراد الشرطة أثناء محاولتها توصيل الطعام لزوجها قبل أسبوعين، مشيرا إلى أن الأطباء أبلغوا الزوجة الحامل باحتمال ولادتها قبل الأوان بسبب الاعتداء عليها.
وأضاف أن "ما زاد الطين بلة؛ هو إصابة الزعيم منذ أيام بجلطة؛ عانى بسببها من ثقل في حركة لسانه، وفي أطرافه"، مؤكدا أنه "تم نقل الزعيم إلى المستشفى، إلا أن إدارة قسم الشرطة رفضت استكمال العلاج له، وقامت بإعادته إلى محبسه".