أثارت أحكام محكمة النقض المصرية اليوم إلغاء حكم
الإعدام الصادر بحق الرئيس السابق محمد
مرسي في قضية سجن وادي النطرون، ومرشد جماعة
الإخوان المسلمين الدكتور محمد
بديع، و4 آخرين من قيادات الجماعة، العديد من التساؤلات والتكهنات عن مغزى الحكم الذي تزامن مع أحكام أخرى قضت بإخلاء سبيل نجلي مبارك علاء وجمال عن قضية القصور الرئاسية.
وجاءت جلسة النطق بالحكم التي لم تستغرق سوى بضع دقائق، واكتفت فيها المحكمة بالمذكرات المقدمة من هيئة الدفاع في الجلسات السابقة، دون سماع للمرافعات، وسبقها جلسة أخرى أيدت فيها محكمة النقض إخلاء سبيل نجلي مبارك "علاء وجمال" في قضية القصور الرئاسية.
وقال المحامي والناشط السياسي، عمرو عبد الهادي، إن تزامن الحكمين ليس من قبيل الصدفة، وفي الوقت نفسه لا يمكن قراءته في إطار لعبة سياسية تتم بين نظام
السيسي والإخوان، لافتا إلى أن محكمة النقض المصرية أصبحت متورطة في دعم الانقلاب العسكري كغيرها من الدوائر القضائية الأخرى.
ورجح أن يكون تزامن الحكمين، في إطار تخفيف الانتقادات المتوقعة ضد حكم النقض بتأييد إخلاء سبيل جمال وعلاء، بالثناء على إلغاء إعدام مرسي وبديع، موضحا أن حكم تأييد إخلاء سبيل نجلي مبارك، له دلالة تتمثل في: "أنه صدر بعد فشل الاحتشاد في 11/11، ولو كانت الأحداث اشتعلت كان سيتم تأجيل الحكم ولن تتجرأ المحكمة بتأييد إخلاء السبيل".
وأضاف عبد الهادي في تصريحات لـ "
عربي21": "كل الأحكام السابقة من الدرجة الأولى والثانية، هي أحكام مسيسة، لكن الكارثة هي المجازفة بتوريط محكمة دولية بحجم محكمة النقض المصرية، وتلويث سمعتها بتلك الأحكام، للقضاء على أي أمل في نزاهة العدالة المصرية على الإطلاق".
وأكد أن محكمة النقض تتحسس خطواتها في قضايا الإعدام، وتابع: "بصفتي محاميا، كل إجراءات المحاكمات بعد انقلاب 3 يوليو باطلة ومليئة بالعوار القانوني وستظل وصمة عار على جبين القضاء المصري مدى التاريخ مثلها مثل وصمة عار "دنشواي"، أما على المستوى السياسي فنحن لا ننظر إلى هذه الأحكام ولا نعتد بها وسيتم إسقاطها وإعادة النظر فيها بعد سقوط عبد الفتاح السيسي".
وكانت هيئة الدفاع في قضية وادي النطرون، التي تضم القضية 129 متهما، تقدمت بطعون أمام محكمة النقض، ضد الحكم الصادر بالإدانة وإعادة المحاكمة من جديد أمام إحدى دوائر محكمة جنايات القاهرة غير تلك التي سبق وأصدرت حكمها بالإدانة.
وفي قضية القصور الرئاسية، كانت النيابة العامة قد طالبت بإلغاء قرار محكمة الجنايات، وإعادة حبس علاء وجمال مبارك مرة ثانية، مستندة إلى أن المدانين لم يستكملا تنفيذ فترة العقوبة المدانين فيها في قضية القصور الرئاسية وهي السجن المشدد 3 سنوات، إلا أن محكمة النقض قبلت الطعون وأيدت إخلاء سبيلهما.
واعتبر الكاتب والمحلل السياسي، محمد القدوسي، أن أحكام النقض اليوم تأتي في إطار إعادة بعثرة الأوراق وليس إعادة ترتيبها، لصالح رعاة الانقلاب العسكري وفي مقدمتهم الكيان الصهيوني الذي لم ينته بعد من استكمال مخططاته التي بدأها عبد الفتاح السيسي، مؤكدا أن حكم الإعدام في قضية وادي النطرون حكم مسيس وصدر لينقض في إطار وسائل الضغط التي يتعامل بها السيسي مع جماعة الإخوان المسلمين.
وطرح القدوسي خلال حديثه لـ "
عربي21" عدة تساؤلات منها: هل يمكن قراءة إلغاء حكم الإعدام الوحيد الذي أصدره شعبان الشامي في سياق تصريح المشير طنطاوي في ميدان التحرير يوم 11/11 "لا هنعدم ولا هنعمل"؟! وهل يمكننا أن نقرأ حكم تأييد إخلاء سبيل
جمال مبارك بأن سجله السياسي أصبح نقيا ويمكنه الآن مباشرة العمل السياسي كيفما يشاء؟!
واتفق الباحث الحقوقي، أحمد مفرح، في أن أحكام محكمة النقض أصبحت مسيسة وغير عادلة، قائلا: "كان يجب أن يكون الحكم بإخلاء سبيل المتهمين فيها، وإلغاء كافة الأحكام الصادرة بحقهم، لأنها صدرت بالمخالفة لأبسط القواعد والمعايير القانونية والقضائية".
وأضاف مفرح في تصريحات لـ"
عربي21"، أن إلغاء الإعدام بقضية وادي النطرون هو أقل الحقوق التي يجب أن تعطى للمتهمين بها، خاصة وأن تلك الأحكام تتعلق بإنهاء حياة إنسان.