أثارت تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بشأن التلويح بإمكانية انضمام انقرة لمنظمة شنغهاي بديلا عن الاتحاد الأوروبي، ردود أفعال متباينة، بشأن المكاسب والخسائر التي ستجنيها تركيا في كلتا الحالتين.
وجاءت تصريحات الرئيس التركي لصحفيين من صحيفة "حرييت" التركية في طائرة كانت تقله إلى أوزبكستان، في ظل توتر العلاقات بين أنقرة والاتحاد الأوروبي، الذي تصاعدت وتيرته بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة، في 15 تموز/ يوليو 2016، في مقابل تسخين للعلاقة مع موسكو بعد فترة قطيعة.
وقال أردوغان حينها إن تركيا يجب أن تشعر بالارتياح حيال مسألة الاتحاد الأوروبي، وألا تجعل منها هاجسا، مؤكدا أن " هذا هو رأيي وأعتقد بأن تركيا إذا انضمت إلى خماسية شنغهاي، فإنها ستتمكن من التصرف براحة أكبر بكثير".
وبحسب المحلل السياسي التركي فائق بولوت، هناك فئة كبيرة من المفكرين والساسة الأتراك المقربين من حزب العدالة والتنمية الحاكم، ليسوا راغبين بالتوجه نحو الانضمام إلى منظمة شنغهاي، فضلا عن برود الحديث عن الموضوع إجمالا في الوقت الحاضر.
وقال بولوت، في تصريحات خاصة لـ "عربي21" إن تصريحات الرئيس أردوغان مجرد تلميحات قد تصل إلى مستوى التحدى أو التهديد، مشيرا إلى أن أردوغان يستخدم هذا التلويح ورقة رابحة، في التعامل النديّ مع الاتحاد الأوروبي.
وحذر بولوت من تأثر البنية التحتية للاقتصاد التركي حال الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، لافتا إلى أن العلاقة الاقتصادية بين تركيا والاتحاد الأوروبي ممتدة منذ سنوات طويلة، وليس من السهل أن تتخلى تركيا عن هذا التحالف الاقتصادي بين عشية وضحاها.
وتابع: "لا أتصور أن هناك خطة واضحة وشاملة في الوقت الحالي لدى الساسة الأتراك بشأن توجه تركيا نحو شنغهاي، غير أنهم يتحدثون فقط عن الفوائد الاستراتيجية لتركيا من هذا التوجه وخاصة في مجال الطاقة والتكنولوجيا".
وأضاف أن عضوية شنغهاي تتطلب شروطا لا تتوافق حاليا مع الموقف التركي، لكن ذلك لا يعني استحالة الانضمام ضمن لعبة السياسة، مؤكدا أن بلدان الغرب وخاصة أمريكا لن تغض الطرف عن التوجه التركي صوب شنغهاي ومن قبله التقارب مع روسيا.
ومن جهته رحب المحلل السياسي التركي، باكير أتاجان، بتصريحات الرئيس أردوغان، قائلا إن الانضمام للاتحاد الأوروبي انتهى في عقول الشعب التركي والرئيس أردوغان منذ 5 سنوات، لكون الاتحاد توفي عمليا، ولم تعد له فائدة.
وأكد في تصريحات خاصة لـ"عربي21" أن تركيا تتجه نحو سياسة التوازنات الدولية كي تحمي مكاسبها وتستثمر موقعها الاستراتيجي، موضحا أن تركيا لم تعد حاليا بحاجة إلى الاتحاد الأوروبي كما كان في السابق، فضلا عن أن 70% من الشعب التركي لم يعد لديه الشغف السابق تجاه الاتحاد.
واستطرد قائلا: "نحن نقف منذ أكثر من 50 عاما على أبواب الاتحاد الأوروبي، ولا داعي للانتظار أكثر من ذلك بعد أن أصبحت سلة الاتحاد فارغة وتتهدده الانسحابات وأصبح يمثل اتحادا للمدن الأوروبية وليس للدول"، مشيرا إلى أن انسحاب بريطانيا شكل ضربة قاصمة لقوة وحضور الاتحاد".
يشار إلى أن نواة منظمة
شنغهاي ولدت عام 1996، بهدف تعزيز الثقة والاستقرار في المناطق
الحدودية بين الصين وروسيا وعدد من جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، وكبرت ونمت حتى أصبحت ما يعرف اليوم باسم منظمة شنغهاي.
وتضم المنظمة 6 دول دائمة العضوية هي
روسيا، الصين، طاجيكستان، قيرغيزستان، كازاخستان
وأوزبكستان، و5 دول تملك صفة مراقب وتحضر الاجتماعات السنوية وهي الهند، إيران، منغوليا، باكستان وأفغانستان، كما أن سريلانكا وبيلاروس وتركيا تعتبر شركاء في الحوار، وطالبت مصر وسوريا بالانضمام إليها.