كتب مراسل صحيفة "الغارديان" مارتن شولوف تقريرا عن المعركة الحالية في
الموصل بين القوات التابعة للحكومة
العراقية ومقاتلي
تنظيم الدولة.
ويبدأ الكاتب تقريره بالقول إنه بعد التقدم المبكر والسريع في معركة استعادة أكبر معقل لتنظيم الدولة في العراق، إلا أنه مع تقدمها في الأحياء السكنية بدت الأمور أكثر صعوبة.
ويضيف شولوف أن "التقدم المدهش في الأسابيع الأولى من المعركة أخذ يكشف عن حقيقة تثير الحذر، وهي أن تنظيم الدولة لن يتخلى عن الموصل، وعلى الجيش العراقي الضعيف الكفاح من أجل استعادتها، فمنذ دخول القوات العراقية حي كوكجلي الصناعي، منذ منتصف تشرين الأول / نوفمبر أصبح التقدم أكثر بطئا".
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن الرقيب حسين محمود، قوله: "عندما بدأنا كنا نتحدث عن أسابيع، ونأمل الآن أن يتم حسم الأمور مع بداية العام الجديد، لكن هؤلاء الرجال ليسوا جبناء، فهم يقتلون كما يتنفسون"، مشيرا إلى أن القوات تمركزت بشكل اسمي خلف جبهات قتال مميزة بكتل ترابية، وتبعد خمسة أميال عن الجامع النوري، الذي أعلن منه زعيم تنظيم الدولة أبو بكر البغدادي عن "الخلافة"، في نهاية حزيران/ يونيو 2014.
وتستدرك الصحيفة بأنه "مع ذلك، فإن كل مسجد وشارع يكلفان ثروات ودماء في المعركة ضد تنظيم الدولة، فقد استخدم الأخير السيارات المفخخة التي استهدفت عربات الهمفي، ومن الصعب التكهن بالخسائر التي يتكبدها الجيش على المستوى المعنوي، فالجيش العراقي المتمركز في كوكجلي والمناطق المحيطة به يؤكد أنه سينتصر في المعركة مهما طالت، ويعترف بعض الجنود بأنهم قد يظلون يقاتلون تنظيم الدولة في الأنفاق والحارات الضيقة حتى الصيف المقبل، ويقول العريف محمد توفيق: (سمعنا أنهم حفروا أنفاقا، وأرسلوا الأطفال في أحزمة ناسفة)، وأضاف: (لم يتم تدريبنا حتى نعمل على وقفهم)".
ويرى الكاتب أن عملية عسكرية بطيئة هي ليس كل ما كان يأمل به قادة العراق السياسيون، خاصة في هذا المنعطف من تاريخ العراق الحديث، ويقول الرائد سعيد علي: "كانوا يتوقعون أن تنتهي المعركة في أسابيع".
ويعلق التقرير قائلا إن "العراقيين يرون في معركة الموصل نقطة على طريق بناء الأمة، بعد 13 عاما من عدم الاستقرار: أولا الغزو الذي أطاح بنظام صدام حسين، ومن ثم الحرب الطائفية بين السنة والشيعة، ومن ثم صعود تنظيم القاعدة وبعده تنظيم الدولة، وتعبئة مليشيات شيعية نافست الجيش الوطني، وتم منحها الغطاء الشرعي من خلال البرلمان".
وتزعم الصحيفة أن "المليشيات الشيعية ليست مشاركة بطريقة مباشرة في العمليات العسكرية في الموصل، إلا أن دورها ينحصر في إغلاق المعابر التي قد يستخدمها مقاتلو التنظيم للهروب، ومع ذلك فصور أئمة
الشيعة ورموزهم واضحة في الموصل، وهي ترفع الأعلام على الشاحنات التابعة للجيش وعلى نقاط التفتيش، وتصدم الرايات السنة في الموصل، وهم غالبية، حيث ينظرون للحرب من خلال المعايير الطائفية لا الوطنية".
ويورد شولوف نقلا عن صبحي جبور، وهو من أهل الموصل، قوله في الوقت الذي كان يقف فيه للحصول على مساعدات في كوكجلي: "توقعنا هذا، وحتى أكون صادقا معك لم يكونوا سيئين بالدرجة التي توقعناها".
ويلفت التقرير إلى أن "الدخان المتصاعد من الضربات الجوية يرى من على بعد في شرق المدينة، حيث يخوض الجيش معارك هناك، وهو الجزء الأسهل، حيث يفصل نهر دجلة المدينة إلى نصفين، وهناك مخاوف من قيام التنظيم بتفجير آخر جسر معلق بين القسمين، وقد قام الطيران الأمريكي بتعطيل التحرك على الجسور الأربعة الأخرى، ما يعطي المليشيات الشيعية دورا مباشرا في الحرب بعد هذا كله".
وتنقل الصحيفة عن أحد وجهاء المجتمع المحلي، ويدعى محمد أحمد محمد، قوله: "انظر إلى سياراتهم التي قدمها لهم الأمريكيون، لا يوجد واحدة لم تصبها قذيفة صاروخية، النوافذ كلها مهمشمة من رصاص القناصة، وتبدو كأنها تقاتل منذ سنين، والمعركة لم يمض عليها شهر".
وينوه الكاتب إلى أنه ليس بعيدا عن محمد، كانت هناك سيارات معطوبة، وقال ضابطان بارزان: "لا تأخذ صورا للعطب، ولا نحبذ مشاهدة الناس له"، مشيرا إلى أن المسؤولين العراقيين رفضوا تقديم أرقام عن القتلى من الجيش في المعارك، ولم يكونوا مرتاحين لأي شيء يعطي تنظيم الدولة تقديرا أو يظهر خسائرهم.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول اللواء رافد إسماعيل من وحدة المدرعات العراقية قرب إربيل: "سنصل إلى هناك في النهاية وبطريقتنا"، وأضاف: "لا تنس أننا نقاتل الشيطان نفسه".