ذكرت صحيفة "الغارديان" أن وزير الخارجية البريطاني بوريس
جونسون هاجم المملكة العربية
السعودية، التي تعد الحليف التقليدي لبريطانيا، بإساءة استخدام الإسلام، ولعب دور محرك العرائس في حروب الوكالة في منطقة الشرق الأوسط، في تحول يخرق الأعراف الدبلوماسية، التي تحظر انتقاد حلفاء
بريطانيا في العلن.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن وزير الخارجية تحدث في مؤتمر في العاصمة الإيطالية روما، قائلا إن تصرف السعودية وكذلك
إيران كان "مأساويا"، مضيفا أن هناك غيابا في الرؤية والقيادة في المنطقة التي ترغب في تجاوز الخلاف السني الشيعي.
وتنقل الصحيفة عن جونسون، قوله: "هناك سياسيون يقومون باستغلال الدين والتيارات المختلفة والإساءة للدين ذاته؛ من أجل توسيع أهدافهم السياسية، وهذه هي إحدى المشكلات السياسية الكبيرة في المنطقة كلها، والمأساة بالنسبة لي -وهي السبب في حروب الوكالة التي تشن في الوقت كله في المنطقة- هي غياب القيادة القوية بشكل كاف في هذه الدول"، وبعد ذلك تحدث وزير الخارجية بشكل واضح عن السعودية وإيران، قائلا: "ولهذا السبب لديك السعودية وإيران، وكل واحد يتدخل مثل محركي العرائس، ويلعبون لعبة الحرب بالوكالة".
ويلفت التقرير إلى أن انتقادات جونسون جاءت بعد زيارة رسمية مهمة قامت بها رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا مي إلى الخليج، حيث حظيت بالترحيب من العائلة السعودية؛ لرؤيتها القيادية الحكيمة، وأهمية التحالف البريطاني الخليجي، الذي مضى عليه 100 عام.
وتقول الصحيفة إن جونسون منذ تعيينه وزيرا للخارجية وضع نفسه في عدد من المواقف المحرجة، واتهم بإطلاق عدد من التصريحات، وارتكاب زلات أدت إلى خسارة بريطانيا حلفاءها، مستدركة بأنه في الوقت الذي تتهم فيه العائلتان الحاكمتان في كل من السعودية وقطر، بالإضافة إلى تركيا، بالتدخل في الحرب الأهلية السورية، باعتبارها منافسة بين السنة وإيران الشيعية، إلا أن وزراء الحكومة البريطانية لا يصفونها بهذه الطريقة، ويمتنعون عن وصف المعارضة السورية بالدمى.
ويفيد التقرير بأن الصناعة العسكرية في بريطانيا تعتمد على العقود مع دول الخليج، بالإضافة إلى أن البحرية البريطانية أقامت قاعدة عسكرية في المنامة عاصمة البحرين، لافتا إلى أن جونسون سيزور المنطقة هذا الأسبوع، وسيطلب منه تفسير ما عناه من استخدام الإسلام للأهداف السياسية.
وتنوه الصحيفة إلى أن جونسون كان يتحدث في موتمر "ميد2" (دول البحر الأبيض المتوسط)، حيث انتقد كفاءة القيادة السياسية في الشرق الأوسط، وقال: "لا يوجد هناك شخصيات كبيرة بما فيه الكفاية، رجالا ونساء، ممن يرغبون بتجاوز أبعد من الخلاف السني الشيعي، أو أي شيء آخر، والتحدث مع الطرف الآخر، وجلب الناس بعضهم إلى بعض، وبناء قصة قومية، وهذا ما هو مفقود، وهذه مأساة".
وبحسب الصحيفة، فإن وزارة الخارجية البريطانية دافعت عن جونسون، قائلة إنه عبر عن دعمه القوي للسعودية في برنامج "أندرو مار" يوم الأحد، وأضافت أن النقد لغياب القيادة داخل الانقسام الديني هو نقد لغيابها في محاور الحرب مثل
اليمن وسوريا، وقال متحدث باسم الخارجية للصحيفة: "كما تحدث وزير الخارجية بوضوح يوم الأحد، فنحن حلفاء مع السعودية، وندعمهم في جهودهم لتأمين حدودهم وحماية شعبهم، وأي شيء آخر هو خطأ وإساءة لتفسير الحقائق".
ويورد التقرير أن جونسون قارن غياب القيادة في المنطقة العربية بالمحادثات بين الطرفين التركي واليوناني للخروج من الانسداد السياسي في الجزيرة، وقال: "لقد قدمت من قبرص، حيث رأيت مثلا كيف حدثت الأمور"، وأضاف: "لم نصل بعد إلى هناك، فلا يزال الوضع صعبا، لكنْ لديك قائدان، من المجتمع اليوناني ومن المجتمع التركي، وهما مستعدان لمواجهة المخاطر، كل واحد يخاطر بطريقته مع مجتمعه؛ من أجل توحيد هذه الجزيرة. وما رأيته في قبرص، علي أن أقول لكم، لم أره في أي مكان في المنطقة". وتابع قائلا: "من المأساة أن تراقب الوضع، فنحن بحاجة بطريقة ما إلى قيادة مشجعة وذات رؤية في المنطقة، نحتاج أشخاصا يمكنهم تقديم قصة واحدة وجمع الناس من فصائل وأديان أخرى معا، وفي أمة واحدة، وهذا هو المفقود".
وتبين الصحيفة أن وزراء الحكومة دافعوا عن الحملة التي تقوم بها السعودية ضد الحوثيين، ويقولون إنه لا توجد أي أدلة على قيام الطيران السعودي في الحملة ضد الحوثيين بـ"مخاطرة كبيرة"، وخرق للقانون الدولي الإنساني، وبناء عليه فإنه يجب عدم سحب أي رخصة تصدير سلاح للسعودية.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن تصريحات جونسون جاءت ردا على تصريحات الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، الذي قال إن الخلاف السني-الشيعي استخدم "لخدمة الأهداف والسياسات الوطنية". وأضاف أنه "تم استخدام الدين وسيلة للسياسة، ويجب عدم استخدامه كذلك".