لم يتوقف
تنظيم الدولة عند الهجوم المفاجئ الذي شنه على مدينة
تدمر، التي سيطر عليها يوم الأحد الماضي، فقد تابع تقدمه في ريف
حمص الشرقي، ووصل إلى منطقة الدوة والبيارات، بعد تفجير عدة سيارات مفخخة.
وعن تفاصيل معارك التنظيم، بعد سيطر على مدينة تدمر، يقول الناشط في ريف حمص، خضير خشفة، لـ"
عربي21": "بعد تقدم التنظيم في ريف حمص الشرقي، بدا مطار التيفور العسكري الهدف الرئيسي له، وذلك بعد هجوم قوي شنه على بلدة التياس (أو الطياس) القريبة من المطار، التي سيطر عليها".
ويعتبر مطار التيفور (T4) أكبر مطار عسكري في
سوريا، ويقع قرب منطقة الطياس في ريف حمص الشرقي، ويبعد 85 كيلومترا شرق مدينة حمص، كما يبعد عن حقل غاز "شاعر" 25 كيلومترا. وقد تمت محاصرة المطار بداية من قبل التنظيم من جهتين، ثم بدأ القصف على المطار بكل الأسلحة الثقيلة.
وبين خشفة أنه بعد سيطرة التنظيم على قرية الطياس، واصل تقدمه وسيطر على قرية المرهطان، القريبة من المطار أيضا، كما تمكن التنظيم من السيطرة على كتيبة الدفاع الجوي جنوب شرق مطار التيفور، وبهذا يكون التنظيم على بعد 85 كيلومترا، بخط مستقيم، عن قلب مدينة حمص، وهذه ليست المرة الأولى التي يصل فيها إلى هذا الحد.
وأشار الناشط إلى أن هروبا جماعيا للضباط والعناصر والدفاع المدني تم من مطار التيفور باتجاه قرية أم الزقاريط، التي تبعد 20 كيلومترا عن المطار، كما شوهد انسحاب للحواجز من قرية شريفة. ولكن الاشتباكات استمرت حول المطار، حيث استهدفت عدة سيارات مفخخة الطريق الواصل بين "القريتين" والمطار، ليتم قطعه من قبل التنظيم، والسيطرة على حاجز مفرق "القريتين"، وبهذا يكون المطار قد حوصر من ثلاث جهات واقترب التنظيم من قرية القريتين.
وعن نتائج المعارك بين النظام والتنظيم، يقول الناشط خشفة: "النظام تكبد خسائر بشرية ترواحت ما بين 250 إلى 300 قتيل حتى هذه اللحظة، بالإضافة إلى خسارة العديد من الدبابات والأسلحة الثقيلة التي سيطر عليها التنظيم. كما اقتحم التنظيم موقعا عسكريا روسيا بالقرب من مدينة تدمر".
وبيّن أن الكفّة حتى اللحظة تميل لصالح التنظيم، رغم المئات من الغارات الجوية التي تستهدف مدينة تدمر ومناطق الاشتباك.
وعن أهداف تنظيم الدولة من هذه المعارك في ريف حمص، يقول القيادي المقرب من تنظيم الدولة الملقب بـ"أبو حذيفة الشامي"، لـ"
عربي21"، إن "تنظيم الدولة أثبت أنه يبدأ معاركه دائما بعنصر المفاجأة"، وفق قوله.
وقال إن التنظيم "يجيد حرب الصحراء التي تعتمد على الكر والكمائن، فالصحراء تعطيه قدرة في الحركة والتوسع الجغرافي، ما يقلل من خسائره"، معتبرا أن النظام لم يستطع، حتى بعد سيطرته سابقا على مدينة تدمر والقريتين، أن يواصل تقدمه في مناطق التنظيم.
وأشار إلى أن أهم منطقة أراد النظام الوصول إليها، هي دير الزور، عبر الصحراء، لكن التنظيم لم يترك الأخير يلتقط أنفاسه بعد استعادته تدمر في الربيع الماضي، حيث كثيرا ما هاجم موقع قوات النظام، كما قال.
ويستطرد أبو حذيفة قائلا: "دخل تنظيم الدولة تدمر الأحد الماضي، وقاتل على عدة محاور في ريف حمص، امتدت إلى 150 كلم، من خلال 1000 مقاتل موزعين على طول خط المواجهة. وعلى الرغم من كثافة القصف الروسي تمكن التنظيم من مواصلة تقدمه، بهدف السيطرة على مطار التيفور"، أهم قواعد النظام في ريف حمص الشرقي.
وفي حال تمكن من السيطرة على المطار، سيحاول الاقتراب من مدينة حمص، علما أن المطار محصن وهاجمه التنظيم أكثر من مرة، كما أكد أنه في حال خسر التنظيم في العراق، فإن وجهة تقدمه ستكون مناطق النظام في سوريا، وخاصة حمص.
من جهته، يقول الرائد خالد الحمصي، القائد في إحدى كتائب الجيش الحر، لـ"
عربي21"، إن "المعارك في تدمر بين النظام والتنظيم، يجب أن نستثمرها في فتح معارك مع النظام في محاور حماة، فالنظام سحب قسما من قواته هناك باتجاه ريف حمص، وهذا أمر علينا أن نستغله".
وحول إمكانية تنظيم الدولة من تحقيق المزيد من التقدم في ريف حمص، يقول الحمصي: "كل تحركات التنظيم توحي بأنه مصمم على كسب المزيد من المناطق في ريف حمص، وخاصة أنه يسعى للسيطرة على مطار T4، وسيواصل محاولاته للوصول لعمق النظام في أرياف حمص"، وفق تقديره.
ولا يستبعد القيادي في الجيش الحر أن يفاجئ التنظيم النظام في فتح معارك جديدة، "وربما نشاهد في الأيام القادمة فتح جبهات جديدة في ريفي حمص وحماة، مع العلم بأن الروس سيحاولون الضغط لانتزاع تدمر من يد التنظيم، لكن ستكون التكلفة باهظة"، كما قال.