نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لوكالة "أسوشيتد برس"، تتحدث فيه عن المتهم بتنفيذ هجوم
برلين أنيس العامري، الذي ترك قريته الصغيرة الوسلاتية، جنوب القيروان في عام 2011؛ بحثا عن حياة أفضل في أوروبا.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن العامري، مثل بقية
التونسيين، كان طريقه إلى أوروبا من خلال القوارب غير الشرعية، حيث وصل إلى جزيرة لامبيدوسا الإيطالية، ومن هناك بدأ حياة مختلفة عن التي كان يبحث عنها، فدخل عالم الجريمة، وأصبح الآن المطلوب رقم واحد في أوروبا.
وتنقل الصحيفة عن والدة المتهم العامري، قولها إنها "ستتبرأ منه أمام الله" لو ثبت أنه المنفذ الحقيقي للهجوم، مشيرة إلى أنه في قريته البسيطة لا تعرف عائلته، المكونة من أربعة أشقاء وخمس شقيقات، عما إذا كان ينبغي الدفاع عنه أو التبرؤ منه، وطالب أحد أشقائه أنيس بتسليم نفسه للشرطة.
وتقول والدة العامري، التي تدعى نور الهدى حسني: "أريد الحقيقة عن ابني، فإن كان هو منفذ الهجوم، فعليه تحمل المسؤولية، وسأتبرأ منه أمام الله، وإن لم يكن المنفذ، فأريد أن تعود له حقوقه".
ويلفت تقرير الوكالة إلى أن الجيران، الذين يشعرون بالصدمة، لا يصدقون أن أنيس متهم بالإرهاب، مستدركا بأن البلدة اعتادت على قصص عن تأثر أبنائها بالتشدد، فهناك العديد ممن سافروا منها إلى العراق وسوريا وليبيا.
وتستدرك الصحيفة بأن والدة العامري تقول إنها لم تر أي علامات على ابنها تشير إلى أن لديه ميولا نحو التشدد، حيث أسمعها أغاني تونسية في مكالمة هاتفية معها، وسأل عن أخبار العائلة العادية، وصور لها ما كان يحضره من طعام، لافتة إلى أن والدته لا تصدق ما حدث، حيث تقول: "إما أن أحدا سرق أوراقة لتوريطه، أو أنهم يريدون إظهار أن هذا الكلب من
تنظيم الدولة هو الذي نفذ الهجوم".
ويورد التقرير أن شقيقته نجوى أكدت أن العائلة لا علاقة لها بالإرهاب، لكنها اعترفت بأن شقيقها "ليس ملاكا"، مشيرة إلى قول والدته إن أنيس بعد رسوبه في الصف الثامن أصبح يشرب، وارتكب عددا من السرقات الصغيرة، وتضيف: "أنا ووالده عاجزان، ولهذا اضطر للسرقة ليهاجر وليحصل على الأشياء الجيدة التي يحلم الناس بها".
وتنوه الصحيفة إلى أن الوسلاتية تبعد 220 كيلومترا عن العاصمة تونس، وهي محاطة بالجبال، في منطقة تعد من أفقر المناطق التونسية، وتعاني من نسبة عالية من البطالة، ولا توجد فيها نشاطات ترفيه أو حانات، ويجتمع الشبان في الحقول لتناول البيرة والخمر، بعيدا عن عيون آبائهم.
ويفيد التقرير بأن والدته تقول إن أنيس أدين بسرقة شاحنة في تونس، وحرق مركزا للمهاجرين في إيطاليا، مستدركا بأنه استطاع العمل في حرف صغيرة عندما كان في السجن الإيطالي، وأرسل بعض المال لعائلته، وعدته السلطات الإيطالية سجينا مثيرا للمشكلات، وتم ترحيله إلى ستة سجون مختلفة في صقلية، حيث مارس البلطجة على السجناء، وأشعل تمردا.
وتقول والدته: "عندما خرج من السجن اتصل بنا، وقال إنه لم يعثر على عمل، وإنه سيسافر إلى بلد آخر"، وحاول الدخول إلى سويسرا وفشل، لهذا ذهب إلى ألمانيا.
وتذكر الصحيفة أن العامري اعتبر في مرحلة معينة متشددا، لهذا عدته السلطات الألمانية تهديدا محتملا، وكان تحت رقابة سرية لمدة ستة أشهر، وتقول السلطات إنها عثرت على بصمات العامري في الشاحنة التي استخدمها في هجوم الاثنين، الذي قتل 12 شخصا، وجرح 56 آخرين، لافتة إلى أن السلطات الألمانية تعتقد أنه قام بقيادة الشاحنة، وقال شقيقه عبد القادر: "سواء فعلها أم لم يفعلها أطلب منه أن يسلم نفسه للشرطة"، وأضاف: "نحن قلقون، وليست لدينا معلومات عن مكانه".
وبحسب التقرير، فإن مسار العامري يعبر عن تاريخ بلده المضطرب الذي عاشه في شبابه، حيث هرب من تونس بعدما بدأت بالتحول من دولة بوليسية إلى ديمقراطية خلال ثورة 2011، مستدركا بأن منظور العامري لم يكن ورديا في العالم الحر، كما كان يتوقع، فالحرية في تونس سارت على منحدر صعب، ورافقها العنف والمشكلات الاقتصادية.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن عبد القادر حث بقية الشبان على الابتعاد عن المتطرفين، وقال: "أطلب من الشبان التونسيين أن يكونوا واعين لهذه الظاهرة، وأريدهم ألا يتأثروا بهذه الجماعة المتطرفة والسامة"، وأضاف: "نحن نعيش في بؤس شديد"، منوهة إلى أن آخر مرة تحدث فيها أنيس مع عائلته كانت في الجمعة الماضية.