أثارت قرارات رئيس
المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية بالإنابة، فتحي المجبري، والتي بموجبها تم تكليف عدد من الشخصيات بتولي مناصب سيادية ببعض الوزارات والمؤسسات والأجهزة ذات الطابع الأمني والعسكري والمدني، ردود فعل غاضبة داخل المجلس وخارجه.
وانتقد نائب رئيس المجلس، عبد السلام كاجمان، القرارات، مؤكدا أن "هذه التسميات تتعارض مع "التعديل الدستوري العاشر ومع المادة 1 الفقرة 3 والمادة 6 والفقرة 2 من المادة 8 من الاتفاق السياسي الليبي"، وقال إنها "في حكم الملغاة إلى حين اجتماع المجلس الرئاسي وفق النصاب القانوني والبت فيها،، بحسب بيان رسمي صادر عن كاجمان الأحد.
وأصدر المجبري قرارات بتعيين وزيرين، ورئيس لجهاز المخابرات العامة الليبية، وآمر لقوة مكافحة الإرهاب، ورئيس للمركز الوطني لمكافحة الهجرة غير الشرعية، ومندوب جديد لليبيا في جامعة الدول العربية".
من جهته، قدّم نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي، موسى الكوني، وهو ممثل عن الطوارق في جنوب البلاد، استقالته من عضوية المجلس، واصفا المجلس بـ"العاجز عن السيطرة على السلطة، وأشار إلى أن "الاختلافات غير المتناهية بين أعضاء مجلس رئاسة
حكومة الوفاق، لا يمكن التوصل إلى تسوية بشأنها، رغم مرور قرابة عام على بدء المجلس عمله"، وفق خلال مؤتمر مؤتمر صحفي عقده بالعاصمة طرابلس، الاثنين.
وتشير هذه التطورات إلى حالة الانقسام وعدم الانسجام التي تخيم على المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، وقد ظهرت الآن في العلن، لتضع مصير المجلس الرئاسي وقراراته على المحك، بحسب مراقبين، في ظل سؤال أساسي: هل بدأ التفكك والصدام بين المجلس الرئاسي نفسه؟
صراع أجنحة
وفي هذا السياق، قال الناشط السياسي الليبي، إبراهيم المقصبي، إن "ما حدث في المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق يؤكد وجود صراع أجنحة بين شركاء المجلس"، وأوضح أن هذا الاختلاف ظهر على السطح بعدما ظل لفترة تحت الطاولة بالرغم من المؤشرات العديدة على وجوده بينهم".
وأضاف لـ"عربي21": "من أهم تداعيات هذا الصراع، تآكل شرعية المجلس الرئاسي الهشة من الأساس، رغم بعض الإنجازات القليلة"، على حد وصفه.
من جانبه، أكد الكاتب الصحفي الليبي، عبد الله الكبير، أن "ما حدث يؤكد عدم الانسجام والتوافق داخل المجلس، فكان ينبغي على المجبري عدم اتخاذ أي قرارات جدلية إلا بحضور رئيس المجلس وكل الأعضاء، وكذلك يفترض أن يعترض كاجمان أو غيره داخل الاجتماعات وليس بعد صدور القرار"، كما قال.
وقال لـ"عربي21": "ما حدث يعزز مطلب معارضي الاتفاق السياسي وحكومته؛ بضرورة العودة إلى صيغة رئيس ونائبين".
ورأى المحلل السياسي الليبي، فرج كريكش، أن "هذه التصرفات (يقصد الصدام في المجلس) ليست مفاجئة ولا وليدة اللحظة، لكنها تعكس فلسفة الحرب الطاحنة التي تنتحل شخصية "التوافق"، حسب قوله.
أمر طبيعي
لكن، الناشطة السياسية المقربة من المجلس الرئاسي، ميرفت السويحلي، رأت من جانبها؛ أن "قرارات فتحى المجبرى أغلبها صحيح؛ لأنه اتخذها بعدما كلفه رئيس المجلس فائز السراج بإنابته، وقد اجتمع المجبري بأعضاء المجلس الآخرين الموجودين في البلاد، وهذا أمر طبيعي، لكن يظل عدم اجتماع الجميع في قضايا مثل الاستخبارات غير مقبول"، وفق تعبيرها.
وأضافت لـ"عربي21": "لا يوجد أي صدام داخل المجلس الرئاسي، ومن ثم لا يوجد أي تفكك له، والاختلاف في الرأي أو حتى عدم التجانس شيء طبيعى، كون كل عضو في المجلس يمثل توجها معينا أو عنده قناعات معينة"، كما قالت.
وقال الأمين العام لحزب الجبهة الوطنية الليبي، عبد الله الرفادي، إن "المجلس الرئاسي من يومه الأول لا توجد له رؤية سياسية ولا اقتصادية ولا عسكرية، ولا حتى اجتماعية، لأي ملف، كما لا توجد أي خبرة سياسية أو إدارية لدى أعضائه، ومن ثم فالتخبط طبيعي"، على حد وصفه.
وأوضح لـ"عربي21" أن "ما يجمع أعضاء المجلس فقط هي جملة من المتناقضات، لذالك لا نستغرب منه شيئا، ولولا الدعم الدولي لهذا المجلس لتفكك وانتهي منذ زمن"، وفق تقديره.
لكن، الناشط الحقوقي المقرب من معسكر اللواء خليفة حفتر، عصام التاجوري، قال لـ"عربي 21" إن "المجلس الرئاسي يشهد عدة
أزمات منذ الاتفاق الهش الموقع في الصخيرات".
وراى أن "ما حدث مؤخرا بين عضوين فيه (المجلس) يعد أكبر أزمة يتعرض لها، ولن تكون الأخيرة، ولا تعدو كونها تعليمات من العراب لإفشال جهود التوطئة الأخيرة التي تقودها مصر والجزائر من أجل حل الأزمة الراهنة"، كما قال.