في الوقت الذي أصاب فيه الحرج المؤسستين العسكرية والسياسية والنخب في
إسرائيل لفرار عشرات الضباط والجنود من الساحة التي تمت فيها عملية
الدهس في القدس أمس، اعتبر معلقون إسرائيليون أن العملية تدلل على "فشل استراتيجية ردع" الفلسطينيين عن مواصلة العمليات الفردية.
وقالت الصحافية عميرة هاس، معلقة الشؤون الفلسطينية في صحيفة "هآرتس" إن منفذ العملية فادي القنبر لم يرتدع عن تنفيذ العملية رغم أنه كان يعلم تماما "طابع العقوبات الجماعية الصعبة التي ستتعرض لها عائلته، ومن ضمنها تدمير منزل العائلة"، وأن "جثته لن تسلم لدفنها، علاوة على إدراكه أن أقاربه سيتم اعتقالهم فورا وأنه سيتم الاعتداء عليهم وقت الاعتقال، إلى جانب أن بعض أقاربه سيتم طردهم من أعمالهم في القدس الغربية".
وأشارت هاس، في تحليل نشرته الصحيفة اليوم، وترجمته "
عربي21"، إلى أن ما يدلل على أن الردع "فشل" أن القنبر الذي يقطن بلدة "جبل المكبر" شاهد كيف دمرت السلطات منازل ثلاث عائلات وأغلقت منزلين آخرين لأن أفرادا منها نفذوا عمليات.
ونوهت إلى أن إسرائيل دمرت 35 منزلا وأغلقت سبعة أخرى منذ أيلول 2014 وحتى ديسمبر 2016 ضمن العقوبات الجماعية التي تفرضها على العائلات التي ينفذ أبناؤها عمليات.
واعتبرت هاس أن استهداف
الجنود يعد أمرا غير مستهجن، مشيرة إلى أن فكرة الفلسطينيين عن الجنود الإسرائيليين تتمثل في أنهم يقومون باقتحام المنازل في ساعات الليل المتأخرة "ويطلقون النار على النساء والأطفال وهم الذين أرسلوا ليقتلوا في قطاع غزة".
من ناحيته قال الكاتب اليميني المتطرف الدكتور حاييم شاين، أبرز المعلقين في صحيفة "يسرائيل هيوم"، المقربة من نتنياهو، إن صور الجنود والضباط وهم يفرون من ساحة العملية "صدمته وإن هذه المناظر ستظل عالقة في الوعي الجمعي الفلسطيني كصورة انتصار".
وفي مقال نشرته الصحيفة في عددها الصادر اليوم، وترجمته "
عربي21" أضاف شاين أن مثل هذه الصور لا تسهم في مراكمة الردع في مواجهة "أعدائنا القتلة"، متوقعا أن تسهم صورة الجنود الفارين في زيادة الدافعية لتنفيذ المزيد من العمليات.
وأضاف: "أكتب هذه السطور وقلبي يقطر دما، فكمقاتل وكضابط احتياط أصيب بإعاقة خلال خدمته العسكرية أشعر بالخجل لما شاهدته عيناي".
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي في إسرائيل جدلا واسعا إثر انتشار فيديو العملية في القدس، حيث صُدم كثيرون من عشرات الجنود وهم يهربون من ساحة العملية ولم يحاولوا إيقاف الشاب الفلسطيني، فيما ادعى بعضهم أن من أسباب هروب الجنود وتجنّبهم إطلاق النار تجاه المنفذ، هو إدانة الجندي إلؤور أزاريا بالقتل، بعدما أطلق النار على جريح.
إلى ذلك ذكرت صحيفة "هآرتس" أن قيادة الجيش الإسرائيلية قررت تشكيل لجنة للتحقيق في فرار الجنود من ساحة العملية.