السيسي محييا شهداء 25 يناير: إننا سائرون على الطريق الصحيح- أرشيفية
وسط مشاعر من خيبة الأمل، عبَّر عنها نشطاء، ودعوات للتوحد ضده، أطلقها سياسيون وحزبيون؛ أطلَّ رئيس الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، في الذكرى السادسة لثورة 25 يناير 2011، صباح الأربعاء، موجها التحية لشهدائها، قائلا: "إننا سائرون على الطريق الصحيح".
وتأتي كلمة السيسي في ظل تجاهل تام من مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها التليفزيون الرسمي، للاحتفال بهذه الذكرى، وسط دعوات خافتة للتظاهر، في ظل هجوم إعلامي شرس عليها، وتشويه لسمعة نشطاء شاركوا فيها، وغلق لميدانها الرئيس بقلب القاهرة، "ميدان التحرير"، والميادين الكبرى بالمحافظات، وكذلك غلق محطة مترو السادات، التي تطل على الميدان، وتحول مصر إلى ما يشبه الثكنة العسكرية.
ماذا قال السيسي؟
وفي كلمته المتلفزة، التي استغرقت خمس دقائق، وصف السيسي ثورة 25 يناير بأنها انحرفت عن مسارها.
وبحسب قوله: "ستظل ثورة يناير نقطة تحول في تاريخ مصر، حين كانت الآمال كبيرة في بدايتها، وكذلك كان الشعور بالإحباط غير مسبوق، عندما انحرفت الثورة عن مسارها، واستولت عليها المصالح الضيقة، والأغراض غير الوطنية، فكانت ثورة الشعب من جديد في يونيو 2013، لتصحح المســـار، ويســترد الشعــب حقــه في الحفاظ على هويته، وتقرير مصيره، وكفاحه ليتصدى لجماعات الإرهاب والظلام، بينما يخوض في ذات الوقت، معركة كبرى للتنمية والإصلاح في الاقتصاد والسياسة وكافة أوجه حياة المجتمع"، وفق وصفه.
وغازل السيسي، المصريين، اتقاء لخروجهم للتظاهر ضده، فقال، موبخا الثورة: "إنني لعلى ثقة كاملة أن التاريخ سينصف هذا الجيل من المصريين الذى تحمل خلال السنوات الماضية ما يفوق طاقة البشر، فاستطاع أن يحافظ على بلاده من الخراب والتدمير، وشرع في إصلاح الأوضاع الاقتصادية بشجاعة وإصرار، متحملا في سبيل ذلك كافة الصعاب، دون أن يلين عزمه، أو يقل تصميمه".
وزعم رئيس الانقلاب أن "تقييما موضوعيا لتطور الأوضاع في مصر خلال السنوات الماضية، يؤكد لنا أننا سائرون على الطريق الصحيح".
واستطرد، في كلمات تناقض الواقع: "استكملنا البناء المؤسسي لأركان دولتنا، من دستور وبرلمان يعبران عن إرادة الشعب، ومن تعزيز حقيقي لمبدأ الفصل بين السلطات، واحترام لسيادة القانون، وإعلاء لقيم المواطنة والتسامح والتعايش المشترك، كما أننا مستمرون في مواجهة الإرهاب البغيض، حتى نقتلع جذوره تماما من أرض مصر".
وأردف: "في ذات الوقت لن يثنينا شيء عن مواصلة الحرب على الفساد، الذي لا يقل خطره عن خطر الإرهاب، وكل ذلك بينما نستمر في إصلاح الاقتصاد، وتشييد المشروعات التنموية العملاقة في كل شبر من أرض مصر، وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتحسين بيئة الاستثمار المحلي والأجنبي، لتحقيق آمال كل مصري ومصرية في مستقبل مشرق، واقتصاد حديث مزدهر، ودولة وطنية راسخة توفر لجميع مواطنيها فرصا متساوية في الحياة الحرة الكريمة"، وفق زعمه.
وغازل السيسي، أخيرا، "شباب مصر الشرفاء" (الذي قتل وحبس منهم عشرات الآلاف) فقال: "إن وطنيتكم وحماسكم المتدفق، له كل التقدير والاحترام، موجها "تحية تقدير واعتزاز لجميع الشهداء من أبناء الشعب المصري، الذين ضحوا بأرواحهم"، نقول لهم إن تضحياتهم ستظل دوما مصدر إلهام وفخر لجميع المصريين، وإننا سنحافظ على العهد بأن تظل مصر وطنا حرا يتسع لكل المصريين"، بحسب تعبيره.
"لو جورنال دو مونتريال": خيبة أمل عريضة
وتأتي كلمة السيسي المتلفزة في وقت لاحظ فيه مراقبون مشاعر غضب وإحباط هائلة باتت سمة يومية للمصريين، بحسب صحيفة "لو جورنال دو مونتريال" الكندية، التي أشارت في تقرير لها، الثلاثاء، إلى مرور ستة أعوام على ثورة25 يناير، التي أطاحت بنظام حسني مبارك، بينما النشطاء المصريون، الذين قُمعوا بقسوة.. يعانون للحفاظ على آمالهم وسط مشاعر الغضب والإحباط.
وأضافت الصحيفة: "نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع السابق، اتُهم من قبل معارضيه بغلق "القوس الديمقراطي" الذي فتح بعد انتفاضة 2011". إسراء عبد الفتاح: "دماء الثورة أُهدرت سدى"
في هذا السياق، نقلت وكالة "فرانس برس" الفرنسية عن الناشطة الممنوعة حاليا من السفر، إسراء عبد الفتاح، 38 عاما، قولها، بينما تسير في "ميدان التحرير": "الوضع بائس، حزينة من أجل الدماء التي أُهدرت سدى"، متذكرة المئات الذين قتلوا في الشوارع، بينما كانت القوات الأمنية تحاول كبح الاحتجاجات"، وفق الوكالة. أبو الحسن: "لا عيش.. لا حرية.. لا عدالة اجتماعية"
ومشاطرا إياها تلك المشاعر، قال الفنان عباس أبو الحسن، عبر حسابه بموقع "فيسبوك"، الثلاثاء: "لا عيش، لا حرية، لا عدالة اجتماعية.. بُكرة ذكرى انتزاعنا لكل هذه المكاسب". وائل: "أردنا تغيير التاريخ.. لكننا لم نخُن الأمانة"
وفي السياق نفسه، قال أحد أيقونات الثورة، وائل غنيم، في تدوينة مطولة، عبر حسابه بموقع "فيسبوك": "سينشرون الرعب من آلية اسمها ديمقراطية، ومن كارثة اسمها حرية، سيقمعون أي محاولة منك للإصلاح أو مواجهة الفساد، سيتهمونك بمحاولة إسقاط الدولة، وهدم الثوابت، وتعكير السلم العام، والتآمر على الوطن، فهم شبعوا من انتقاداتك، بينما لم يشبعوا من سرقاتهم للوطن، واحتكارهم للحكم".
وأضاف: "ستُهدر حقوقك كمواطن، وتُهاجم في الإعلام، وتُشتم في الشارع، وتُسحل في المظاهرات، وتُعتقل في السجون، وتُبعد عن وطنك، ثم يسألونك.. ماذا فعلت لمصر؟".
وعلَّق: "قدرنا أننا أردنا أن نغير من مسار التاريخ، أخطأنا كثيرا، وأصبنا كثيرا، تشجعنا كثيرا، وتخاذلنا كثيرا، تكلمنا كثيرا، وصمتنا كثيرا، لكننا لم نخُن".
واختتم تدوينته قائلا: "شاركنا في ثورة يناير، وكل منا قد استعد للتضحية من أجل وطن للجميع، لكننا لم ندرك لسذاجتنا حينها أن الطريق إلى تحقيق الحلم.. طويل، ومليء بالهزائم، سَتُهزم يناير حين يصمت الجميع.. لا تيأسوا، ولا تصمتوا، فكلامكم ثورة، أنا شاركت في ثورة يناير".
أحمد دراج: "من قاموا بالثورة لم يحكموا"
ومدافعا عمَّن شاركوا فيها، قال أستاذ العلوم السياسية، أحمد دراج، في تغريدة عبر حسابه بموقع "تويتر": "كيف يحمل كثير من الناس ثورة يناير فشل كل من الإخوان والمجلس العسكري والسيسي في إدارة البلاد مع أن من قاموا بالثورة لم يحكموا يوما واحدا؟".
محمد عطية: "سأعلمها لأولادي"
وفي محاولة لبث الأمل في النفوس، قال الفنان محمد عطية، عبر "تويتر": "ما فيش حاجة في آخر مئة سنة من تاريخ البلد دي تستاهل أعلمها لولادي غير 25 يناير"، مردفا: "لِسَّاها ثورة يناير".
سياسيون يدعون لتشكيل جبهة وطنية
وعلى الصعيد السياسي، صدرت دعوات لتوحيد القوى الوطنية، في مواجهة نظام حكم السيسي.
وقالت رئيس حزب "الدستور" سابقا، الدكتورة هالة شكر الله، في مؤتمر حزب التحالف الشعبي لإحياء ذكري الثورة، إن ذكرى ثورة 25 يناير السادسة دعوة للأطراف المؤمنة بـالثورة للتفكير في أدائها، وما قدمته، مضيفة أن "الأحزاب السياسية يجب أن تسأل نفسها ما هو واجبها تجاه الشعب".
وقال أمين التنظيم بحزب "الكرامة"، عبدالعزيز الحسيني، إن فكرة تشكيل جبهة وطنية يجب أن تنقسم لثلاث كتل: الأولي: المتوافقون على رؤية اقتصادية اجتماعية، والثانية هي الأشمل التي تطالب بعدالة اجتماعية، والثالثة هي كتلة المتفقين على قضايا الوطن.
وغير بعيد، قال المحامي والحقوقي خالد علي، في كلمته بالمائدة المستديرة، التي نظمها حزب "الوسط"، في ذكرى الثورة، إن النظام الحالي صادر الأحزاب، ولفق قضايا لقياداتها، وحاصر المجتمع المدني، بينما القوى السياسية تنغمس في خلافاتها، مشددا على أنه لا تزال هناك فرصة للتغيير، ولكن تتطلب إدراك أن من سيصل للحكم لا يمكنه صبغ المستقبل برؤيته هو بمفرده، بحسب رأيه.
وشدَّد على أن القوى السياسية لديها قدرة على المقاومة، مستشهدا بقضية تيران وصنافير، وأن الأجواء مهيأة لمحاولة صنع أرضية مشتركة، متسائلا: "إن لم تدخل القوى السياسية في مواجهة السياسات الاقتصادية المجحفة، والمطالبة بالعدالة الاجتماعية، فمتى تتدخل؟".