فتح تصريح الرئيس الأمريكي دومالد
ترامب حول تأييده إنشاء مناطق آمنه في سوريا كحل عملي لوقف تدفق اللاجئين السوريين للولايات المتحدة وأوروبا، العديد من التساؤلات حول قدرة واشنطن بإدارة ترامب على تنفيذ التوجه، رغم ما يعتريه من تحديات وصعوبات كبيرة .
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إنه سيقيم مناطق آمنة في سوريا لحماية الأشخاص الفارين من العنف، وفقا لوثيقة نشرتها وكالة رويترز، وتوقعت فيها أن يأمر ترامب وزارتي الدفاع والخارجية في الأيام القادمة، لوضع خطة لإقامتها خلال 90 يوما من تاريخ الأمر.
لكن الوثيقة لم تقدم أي تفاصيل بشأن تلك المناطق، وأين ستقام على وجه التحديد ،ومن سيتولى حمايتها فضلا عن باقي التفصيلات المرتبطة بباقي فرقاء التدخل في الأجواء السورية.
وكان ترامب وعد خلال حملته الانتخابية بإنشاء مناطق إنسانية آمنة في سوريا، متعهدا بمطالبة دول الخليج العربي بتقديم الأموال اللازمة لها، مذكرا بالوقت نفسه أن بلاده غير قادرة لوحدها على تمويل المشروع بسبب الحجم الضخم لدينها العام .
وعارضت إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما خطة
المنطقة الآمنة التي طرحتها
تركيا خشية الانجرار بشكل أكبر في الصراع، وخطر اندلاع اشتباكات بين الطائرات الحربية الأمريكية، والروسية فوق سوريا.
إقرأ أيضا:موسكو تدعو ترامب لدراسة عواقب فرض مناطق آمنة بسوريا
ويعتزم ترامب وقف استقبال اللاجئين السوريين في الولايات المتحدة، وكان قد صرح عام 2015 أن الحل الوحيد للتعامل مع أزمة اللاجئين السوريين، يتمثل في إقامة مناطق آمنة في سوريا، للحيلولة دون لجوئهم إلى أوروبا أو الولايات المتحدة.
ويرى محللون سياسيون وخبراء عسكريون أن تنفيذ "المنطقة الآمنة" ينطوي على تحديات وصعوبات كبيرة خاصة في ظل تعدد "اللاعبين" في سوريا.
ولم يصدر حتى اللحظة أي تعقيب رسمي عن طهران حيال تصريحات ترامب الأخيرة ، لكن طهران كانت أعلنت العام الماضي عن معارضتها لإنشاء المنطقة الأمنة على الحدود السورية، معتبرة ذلك مخالفة للقوانين الدولية.
وأفادت الناطقة باسم الخارجية
الإيرانية مرضية أفخم، في مؤتمرها الصحفي الأسبوعي حينها، أن بلادها تعارض إنشاء منطقة آمنة على الحدود السورية، مؤكدة أن "إقامة تلك المنطقة يتعارض مع القانون الدولي، مشيرة إلى أن إنشاء منطقة آمنة في سوريا، واتخاذ تركيا التدابير اللازمة على حدودها، لتوفير الحماية لها، مسألتان مختلفتان".
إلى ذلك علق المحلل العسكري والخبير الاستراتيجي السوري أحمد حمادة على "خطة ترامب" مذكرا أن المنطقة الآمنة في سوريا تعتبر محاكاة للمنطقة التي أحدثها التحالف في شمال العراق، والتي حرمت آنذاك على الطيران والقوات العراقية، وتم تجنيب القتال فيها إلى الآن.
وقال حمادة في حديث مع "
عربي21" :"إن موضوع المنطقة الآمنة ينطوي على صعوبات في التطبيق فالمنطقة يستأثر بها النظام وحلفائه الإيرانيين والروس وكذلك تنظيم الدولة والتنظيمات الكردية المدعومة من أمريكا، وكل هذه المكونات لن تتخلى عن المنطقة بسهولة".
الدور التركي والإيراني
وفيما يتعلق بتركيا لفت الخبير الاستراتيجي أن الأتراك قلصوا مطالبهم بالمنطقة الآمنة، حيث اقتصرت على شريط حدودي بطول 100 كم وبعمق 45 من غرب الفرات، وحتى إعزاز بعد أن رفضت إدارة أوباما تلك الفكرة متذرعة بصعوبة التنفيذ على الأرض.
وتابع :"قوات الجيش التركي ودرع الفرات تقدمت لمنع اتصال جغرافي بين قوات سوريا الديمقراطية شرق الفرات مع منطقة عفرين غربا، وحاربت أيضا تنظيم الدولة الذي كان يسيطر على تلك المنطقة ويهاجم القوات التركية".
ولفت إلى أن خطة ترامب بالتأكيد ستصطدم بوجود دولة كبرى مثل
روسيا، التي يعمل طيرانها في الجو وقواتها على الأرض ليل نهار في تلك المنطقة.
وعن الموقف المتوقع لإيران تابع قائلا:" الدور الإيراني والمليشيات الشيعية التي تدعم قوات النظام في سوريا تعتبر أيضا من الصعوبات في وجه تنفيذ المنطقة الآمنة، فإيران ستقف عائقا أمام التنفيذ إلا في حال أدرجت ضمن خطة التشاور بشأن هذه المنطقة".
وحول احتياجات تلك المنطقة قال المحلل "المناطق الآمنة بحاجة إلى دعم لوجستي، وبنية تحتية، وإعادة إعمار، وهذه أيضا صعوبات لا يمكن إخفاؤها ، إلإضافة لضرورة وجود قوة تنفيذية فعلية تمنع الطيران في المنطقة وتضمن تنفيذ المنطقة الآمنة".
المناطق الآمنة المتوقعة
وأشار الحمادي أن الأمريكان سيطروا على شرق الفرات عبر قوات سوريا الديمقراطية التي يدعمونها ويستطيعوا التفاهم مع الأتراك وباقي الفصائل المعارضة غرب الفرات.
وتوقع أن تمتد المنطقة من تل ابيض وحتى عفرين في مساحة لا تقل على 20 ألف كيلو متر
وتتسع لعدد كبير من المهجرين والعائدين إلى أرضهم، مشيرا إلى إمكانية إنشاء منطقة آمنة في درعا "جنوبا" "وهي بحاجة إلى الحماية من قصف قوات الأسد وحلفائه ".
ويرى الخبير الاستراتيجي أن الدول الكبرى إذا أرادت حل المشكلة تستطيع استصدار قرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع لكبح جماح إيران وميلشياتها والتوافق مع روسيا التي تبدي استعدادها
للتجاوب مع أي خطة للحل في سوريا بما يضمن بقاء مصالحها .
الموقف الروسي
وعن إمكانية فرض المنطقة الآمنة بمعزل عن روسيا قال الحمادي "يمكن ذلك حال قدمت أمريكا السلاح الفاعل لفصائل المعارضة السورية وخاصة السلاح ضد الطيران، عندها يمكن تنفيذ حظر جوي وصولا إلى منطقة آمنة فيما بعد" .
من جهته قال الكاتب الصحفي أحمد الناصر لـ"
عربي21" إن المنطقة الآمنة أصبحت أمرا واقعا، بعد تدخل الجيش التركي ودعمه للمعارضة السورية منذ تحرير جرابلس والاستمرار نحو إعزاز والمناطق الأخرى التي حررت مؤخرا.
وعن هدف إنشائها تابع الناصر :"المنطقة الآمنة تهدف لتوطين السوريين وعودتهم وإيقاف دخولهم إلى أوروبا وتركيا وبلدان اللجوء".
مستدركا بالقول:" لكن الصعوبات تكمن في أن الكثير من السوريين المهجرين ليسوا على استعداد للعودة إلى المنطقة، لأسباب فقدانهم لبيوتهم وأرضهم ومصدر عيشهم، فضلا عن حاجتهم للعمل والحماية التي إن وجدوها في البلد الذي هم فيه الآن فلن يفكروا بالعودة أبدا قبل توفيرها " .
واعتبر الكاتب أن ترامب لا يستطيع تنفيذ الخطة بمعزل عن التعاون مع روسيا وتركيا وإيران لافتا إلى تصريح ترامب قبل دخوله البيت الأبيض الذي أكد فيه أنه سيتعاون مع الجميع خاصة روسيا فيما يتعلق بالملف السوري .