باتت
الوحدات الكردية، التي تشكل العمود الفقري لقوات
سوريا الديمقراطي، قادرة على ربط مواقع سيطرتها في شرق نهر الفرات بتلك في غربه، وذلك عبر قرى سيطرت عليها قوات النظام السوري شرق مدينة الباب، ثم تسلمها قرى كانت تحت الوحدات الكردية في ريف
منبج، لتجنب الضغط التركي.
ونقلت وكالة الأنباء الروسية "سبوتينيك" عن مصدر في قوات سوريا الديمقراطية، أن هذه التطورات مهمة جدا، لأنها تصل مدينة عفرين بمدينة عين العرب (كوباني).
وذكرت مصادر متطابقة أن القوات الأمريكية نشرت جنودا وآليات تابعة لها في محيط مدينة منبج، وفي مناطق سيطرة مجلس منبج العسكري بريف حلب الشمالي والشرقي. كما تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صور،ا قالوا إنها لقوات أمريكية انتشرت كخط فصل بين قوات سوريا الديمقراطية وقوات
درع الفرات المدعومة تركيا، قرب نهر الساجور.
طريق غير آمن
ويحتاج الممر الذي بات يصل مناطق سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، بين منبج وعفرين، إلى التأمين والتوسيع. ومع أن النظام السوري يتجه إلى تحقيق ذلك من خلال التقدم جنوبا للسيطرة على المنطقة الممتدة بين دير حافر والخفسة، في ريف حلب الشرقي، إلا أن نائب رئيس رابطة السوريين الكرد المستقلين، الحقوقي "رديف مصطفى"، يعتقد أن النظام السوري غير قادر على حماية هذا الطريق.
وأشار مصطفى في حديث لـ"عربي21" إلى أن قيام المجلس العسكري في منبج التابع لقوات سوريا الديمقراطية؛ بتسليم مواقعه غرب منبج للنظام السوري، ليس سوى نتيجة لإدراكه بجدية وتصميم قوات درع الفرات المدعومة من تركيا على استعادة منبج، لذا فإن محاولة خلط الأوراق مستبعدة النجاح، وفق تقديره.
من جانبه، يرى الناطق باسم اللقاء الوطني الديمقراطي المعارض، ميداس آزيزي، أن حزب الاتحاد الديمقراطي وجناحه العسكري، "أدخل الكرد بمسار غير صحيح، لا يصب في مصلحتهم، ضمن سياق الصراع الإقليمي، منذ أن عبر غرب الفرات وسيطر على مدينة منبج وتل رفعت، تحت مزاعم وصل مناطق سيطرته، فالحزب الآن غير قادر على حماية هذا الممر الذي بات يصل منبج بعفرين، لأن تركيا لن تسمح بتحقيقه"، كما قال.
ولفت آزيزي في حديث لـ"عربي21" إلى أن تركيا استطاعت توظيف خطر الوجود الكردي على حدودها، لتحقيق مكاسب تتجاوز القضية الكردية في سوريا، وتثبت تركيا كلاعب إقليمي مهم عبر البوابة السورية"، على حد قوله.
درع الفرات
بدوره، أكد النقيب محمد الدخيل، المسؤول الأمني للمنطقة الشرقية في "الجبهة الشامية"، إحدى فصائل درع الفرات، أن الاصطدام العسكري مع النظام السوري سيكون حتميا، بعد أن أصبح قوة ردع لمنع وصول الجيش السوري الحر لمدينة منبج.
وأضاف لـ"عربي21": "ما خطوة تسليم القرى للنظام السوري، إلا مقابل تأمين ممر لمقاتلي حزب الاتحاد الديمقراطي، وأن قوات درع الفرات تدرك خطورة مساعي هذا الأخير في تقسيم سوريا، لذا فإن خوض معركة ضد قوات سوريا الديمقراطية، وأيضا النظام السوري هو من أبرز الخيارات العسكرية أمامنا"، كما قال.
وحيث إن هدف عملية درع الفرات؛ كان في عدم السماح بتشكيل ممر كردي يربط عين العرب (كوباني) بعفرين، لما لذلك من تهديد على الأمن القومي لتركيا، فيعتقد الصحفي الخبير في الشأن التركي، عبو الحسو، أن تركيا قد تتجه في الوقت الحالي نحو مدينة منبج للسيطرة عليها، وهو ما أشار إليه مركز دراسات الحرب الأمريكي، في تقرير صدر نهاية شهر شباط/ فبراير الماضي.
ويبيّن الحسو، في حديث مع "عربي21"، أن أنقرة لن تسمح لحزب الاتحاد الديمقراطي، الذي يعد الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني حسب التوصيف التركي، بالبقاء في المنطقة الممتدة من جرابلس حتى اعزاز، وبالتالي فإن احتمال شن فصائل الجيش السوري الحر بدعم القوات التركية لعملية عسكرية للسيطرة على منبج، يعدّ خيارا ذا أولوية، كما أن أحد الخيارات التي يتم نقاشها جديا؛ فتح معركة للسيطرة على تل رفعت بالشكل الذي يقطع الطريق على حزب الاتحاد الديمقراطي، بحسب الحسو.
وقد تذهب تركيا أبعد من ذلك، من خلال "اقتحام مناطق سيطرة الحزب من طرف عفرين وتل أبيض، فجميع الاحتمالات أصبحت واردة، لكن يتعلق هذا الأمر برد الولايات المتحدة الأمريكية على مشاركة تركيا والقوات التي تدعمها من الجيش السوري الحر في عملية تحرير الرقة، بدلا من قوات سوريا الديمقراطية، التي تشكل وحدات حماية الشعب والمرأة الكردية عمادها"، وفق اعتقاد الحسو.
لكن يبدو أن تركيز درع الفرات سيكون منصبا على التوجه نحو مدينة منبج، وهو ما أشار إليه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مؤتمر صحفي قبيل زيارته إلى باكستان نهاية شهر شباط/ فبراير المنصرم، بقوله: "إن عملية درع الفرات لن تنتهي بالسيطرة على مدينة الباب، وستواصل باتجاه مدينة منبج وحتى الرقة".
وقال أردوغان أيضا: "نحن نقدم الدعم للجيش السوري الحر، لكن واشنطن دعمت كيانا موازيا يضم تنظيمات إرهابية، وأمريكا تسوّف وتجعلنا ننتظر، بينما ما يزال الإرهابيون غربي نهر الفرات كي لا يعود سكان منبج إلى ديارهم، فمنبج مدينة عربية لا علاقة لها بتنظيم "ب ي د" (الاتحاد الديمقراطي) الإرهابي، ولا مجال لبقاء التنظيمات الإرهابية غربي نهر الفرات".