شهدت قيمة
العقارات في الأحياء الشرقية من مدينة
حلب؛ انخفاضا إثر سيطرة قوات النظام والمليشيات الموالية لها على تلك الأحياء، ثم أصبحت المتحكم في بيع وشراء المنازل، في وقت نشطت فيه إعادة ترميم الأبنية المتضررة، نتيجة قصف النظام السوري وحلفائه لها على مدار السنوات السابقة.
وقال محمود (أبو عثمان)، وهو أحد قاطني حي صلاح الدين في حلب: "اضطررت لبيع منزلي بمبلغ 3 ملايين ونصف، (أي أقل من سبعة آلاف دولار)، بعد أن اشتريته قبل نشوب الأزمة في البلاد بحوالي 30 ألف دولار".
وأشار أبو عثمان، في حديث لـ"
عربي21"، إلى أنّ بيعه لمنزله؛ جاء على خلفية أن معظم أفراد عائلته من المطلوبين لقوات الأمن في المدينة؛ كونهم ينتمون إلى عدد من الفصائل العسكرية.
بدروه، يرى منير (أبو أحمد)، وهو أحد السكان أيضا، في حديثه لـ"
عربي21"، أن حركة سوق العقارات نشطة، بسبب هجرة معظم أبناء الأحياء الشرقية في المدينة إلى خارج البلاد، أو إلى مخيمات النزوح في الداخل والخارج، ما يجبر معظمهم لوضع منزله على لائحة البيع، حيث أن عودته إلى المدينة متعذّرة الآن، إما بسبب الخوف من الملاحقة الأمنية، أو بسبب الاستقرار في بلد جديد.
وذكرت تقارير إعلامية في وقت سابق أن أسعار العقارات في مدينة حلب انخفضت إلى أقل من 40 في المئة، بسبب غياب الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء، إضافة إلى الرغبة في الهجرة، فضلا عن سوء الأوضاع المادية.
ويسيطر مسؤولون في
المليشيات الموالية للنظام السوري على سوق العقارات في مدينة حلب، وبشكل خاص الأحياء الشرقية منها، وينشرون سماسرتهم بين السكان العائدين إلى منازلهم المدمرة، من أجل حثهم على البيع بأسعار متدنية، لعدم تحسن الأوضاع الخدمية في تلك الأحياء في القريب العاجل.
في هذا الصدد، تقول أم محمود لـ"
عربي21"؛ إنّها اضطرت للرضوخ لمطالب قائد ميداني في مليشيا "الباقر"؛ ببيع منزلها الكائن في حي الهلوك، بمبلغ 3 ملايين ليرة سورية، (حوالي 6 آلاف دولار)، بعد تهديده إياها بالاعتقال، بحجة انتماء أحد أبنائها إلى فصيل معارض للنظام.
وعقّب أحد سكان حي صلاح الدين على كلام أم محمود، بالقول: "لا يمكن الاتجار في العقارات إن لم تكن على علاقة مع اللجان (الميلشيات)، والموظفين في البلدية، ومسؤولين في المحافظة".
من جهته، يربط أستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة حلب، فضل عدم نشر اسمه، في حديث لـ"
عربي21"، انخفاض أسعار العقارات في الأحياء الشرقية؛ بغياب الأمن والخدمات، مشيرا إلى أن رغبة عدد كبير من السوريين بالهجرة إلى خارج البلاد، إضافة إلى العوامل الأمنية، أسهم بشكل كبير في زيادة المعروض من العقارات للبيع، فضلا عن تدهور قيمة الليرة السورية أمام العملات الأخرى بأكثر من 10 أضعاف.
وتشهد أسعار العقارات في الأحياء الغربية ارتفاعا كبيرا في الأسعار، مقارنة بقرينتها في الشرقية، إذ تزيد عنها بأضعاف عديدة في بعض الأحيان، حيث يبلغ سعر منزل في حي الفرقان حوالي 90 مليون ليرة سورية، في حين تتراوح أسعار المنازل في الأحياء الشرقية ما بين 3 ملايين و7 ملايين.
وشهدت
سوريا ارتفاعا كبيرا في أسعار العقارات إلى ما قبل الأحداث التي تشهدها التي بدأت منتصف عام 2011، وبعدها انخفضت إلى أقل من 50 في المئة من قيمتها، بسبب سوء الأوضاع الأمنية، وانخفاض مستوى الخدمات الذي وصل إلى حد الانعدام في عدد من المناطق.