أثارت تصريحات عن مسؤول في التيار القومي في
تونس، حول مشاركة تونسيين في القتال إلى جانب قوات النظام في
سوريا، جدلا واسعا، وتساؤلات عما إذا كان تصنيف الإرهاب يطال هؤلاء أيضا، نظرا للموقف الرسمي التونسي الذي يجرّم المشاركة في القتال في المناطق الساخنة، كما يدور جدل واسع حول السماح لهؤلاء المقاتلين بالعودة لتونس.
اقرأ أيضا: احتجاج بتونس رفضا لعودة الإرهابيين التونسيين من بؤر التوتر
وكانت "وكالة تونس أفريقيا للأنباء" (وات) الحكومية؛ قد نقلت عن المسؤول السياسي للحرس القومي العربي بحلب، باسل خراط، أن شبابا تونسيين "يخوضون معركة مكافحة الإرهاب ضمن مقاتلي الحرس القومي العربي في سوريا"، وفق قوله.
وقال خراط إن فكرة إحداث هذا التشكيل جاءت سنة 2012 "عندما تم التفطن لحجم المؤامرة والحرب العالمية المنظمة التي تتعرض لها سوريا"، على حد وصفه.
وأوضح خراط، خلال زيارة الوفد الإعلامي التونسي لمدينة حلب السورية مؤخرا، أن ما أسماه انخراط تونسيين "في عملية الدفاع عن سوريا"؛ يفنّد "الصورة العامة السيئة بأن الشباب التونسي لا ينشط إلا ضمن الجماعات الإرهابية المسلحة، ويؤكد في المقابل وقوف الشعب التونسي عموما إلى جانب السوريين في محنتهم"، بحسب تعبيره.
وذكر خراط أن الحرس القومي العربي هو "حركة مقاومة (فصيل مسلح)" انبثق من منظمة الشباب القومي العربي التي تستند في مرجعيتها إلى الفكر الناصري، ويعمل "تحت قيادة الجيش السوري، ويتكون من مجموعة من الشباب العرب قدموا من الجزائر وتونس ولبنان ومصر وفلسطين المحتلة والعراق والأردن واليمن؛ للدفاع عن سوريا، والدعم الوحيد الذي يتلقاه هو من الجيش والدولة في سوريا"، كما قال.
وذكر أن عدد عدد قتلى هذه المجموعة جاوز الخمسين، "كان أولهم أبو بكر المصري (مصري الجنسية) في معركة القلمون"، لكنه قال إنه لا يستطيع ذكر أسماء القتلى الآخرين أو بلدانهم في الوقت الراهن.
ما علاقة التيار القومي التونسي؟
وتعليقا على هذه التصريحات، قال المحلل السياسي، علي اللافي، إن الشبان التونسيين الذين انخرطوا في الصراع الدائر في سوريا ينقسمون إلى ثلاثة أصناف: "منهم من التحق بالمعارضة السورية للتصدي لنظام استبدادي يقتل شعبه من وجهة نظرهم، وهم قلة، ومنهم من سافر نصرة لنظام بشار الأسد اعتقادا منهم بأن الصراع يهدف لتفتيت دولة عربية وهم قلة أيضا، ومنهم من تم تسفيرهم للالتحاق بالتنظيمات الإرهابية بهدف تشويه الثورة السورية ثم استعمالهم عند الرجوع لدولهم في عمليات إرهابية".
واعتبر اللافي، في تصريح لـ"عربي21"، أنه "من الإجحاف اعتبار كل من سافروا إلى سوريا بالإرهابيين"، مشيرا إلى أن "الإقرار الرسمي بوجود شباب تونسي يقاتل إلى جانب بشار الأسد الذي تزامن باحتفاء بعض الأطراف في تونس، يكشف حجم الكيل بمكيالين في موضوع شبكات التسفير والتورط في الصراع الداخلي السوري"، وفق تقديره.
وحول إمكانية تورط بعض مكونات التيار القومي في تونس في تسفير الشبان التونسيين الداعمين لبشار الأسد، وإمكانية وجود تنسيق مسبق معه، قال اللافي إن الفكرة البعثية دخلت إلى تونس في أربعينات القرن الماضي، على يد شخص يدعى الأعظمي، وكان يروج وقتها أغنية "بلاد العرب أوطاني".
وأضاف: "وعند حدوث الخلاف في شباط/ فبراير 1962، بين القيادة
القومية والعسكرية التي قامت بالانقلاب في سوريا، انقسم البعثيون في تونس إلى مجموعتين، يقود الأولى مسعود الشابي ويناصر القيادة القومية، ويقود الثانية، وهي المجموعة المناصرة للقيادة العسكرية، محمد صالح الهرماسي، ليتحولا لاحقا لتياري البعث العراقي والبعث السوري".
وأكد اللافي أن القيادة العسكرية أو التيار البعثي السوري أنشأ فروعا له في تونس، باعتبار أنه كان تنظيما يحمل أيديولوجيا وله كتابه ومثقفيه وأنصار.
وتابع: "الدليل على وجود هذه الصلة التنظيمية بين البعث السوري وفرعه في تونس؛ هو التحاق الهرماسي بالقيادة القومية البعثية في سوريا، وقد حضر كل المؤتمرات".
وأشار اللافي إلى أن عددا التنظيمات القومية في تونس، بما فيها حركة الشعب والتيار الشعبي وحزب الغد، وغيرها، "اصطفت وراء النظام البعثي في سوريا عقب الثورة، وبالتالي فهم لا يرون أي إشكال في أن يرسلوا أشخاصا، سواء من تنظيم البعث السوري أو من خارجه، لمساندة نظام بشار الأسد، وهم لا ينكرون ذلك"، وفق تعبيره.
وختم قائلا: "لست مطلعا على آلية و شكل التنسيق بين التشكيلات القومية التونسية وبين النظام البعثي في سوريا؛ فيما يتعلق بتسفير الشباب التونسي لدعم بشار، لكن ما أؤكده هو أن التنسيق حدث بالفعل".
ويشار إلى أن "عربي21" اتصلت بالأمين العام لحركة الشعب، زهير المغزاوي، لتحديد موعد لطرح وجهة النظر المقابلة وتم تحديد موعد مكالمة هاتفية خلال ساعة من المكالمة الأولى، لكنه امتنع عن الرد على الهاتف بعد ذلك.