أثارت خطوة "الجبهة الشعبية لتحرير
فلسطين" بتعليق مشاركتها في
الانتخابات المحلية المزمع عقدها في 13 أيار/ مايو القادم؛ تساؤلات عن مصير الانتخابات، في ظل مقاطعة مسبقة من حركة حماس.
وجاء الخطوة من المكون الثاني في
منظمة التحرير الفلسطينية؛ على خلفية قمع قوات الأمن الفلسطينية وقفة احتجاجية على محاكمة الشهيد باسل الأعرج في الذي اغتالته قوات الاحتلال الإسرائيلي الأسبوع الماضي في رام الله.
وبرر عضو المكتب السياسي للجبهة ومسؤول فرعها في غزة، جميل مزهر، قرار تعليق الجبهة للمشاركة بالانتخابات المحلية بعدم احترام السلطة الفلسطينية لمواطنيها في الضفة الغربية، متسائلا: "كيف ستحترم السلطة نتيجة الانتخابات إذا لم تحترم رفاق الجبهة في الضفة الغربية؟"، كما قال.
وأضاف مزهر في حديث لـ"
عربي21" أن "قيادة الجبهة الشعبية في صدد تعزيز هذا الموقف بإجراءت ومواقف أخرى للضغط على السلطة الفلسطينية؛ لمراجعة ذاتها ومحاسبة كل من تلطخت يديه في الاعتداء على مواطنينا في الضفة الغربية"، وفق تعبيره.
ودعا مزهر قيادة السلطة الفلسطينية إلى وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، معتبرا أن "دماء باسل الأعرج جاءت بسبب تشبث الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالتنسيق الأمني".
وفي وقت سابق الأحد، فرقت قوات الأمن الفلسطيني وقفة احتجاجية في مدينة رام الله، ضد محاكمة الشهيد باسل الأعرج (31 عاما) بتهمة حيازة سلاح غير مرخص.
وجاءت المحاكمة بعد نحو أسبوع على مقتله في السادس من آذار/ مارس الجاري، خلال اشتباك مسلح مع الجيش الإسرائيلي في منزل بمدينة رام الله.
وخلال تفريقها للوقفة، اعتدت أجهزة الأمن على المشاركين بالضرب بالهروات ورذاذ الفلفل والغاز المسيل للدموع، ما أدى لإصابة نحو 20 منهم، بينهم والد الشهيد باسل الأعرج، إضافة لاعتقال عدد آخر.
خلافات سياسية
من جانبه، رأى الكاتب والمحلل السياسي، ورئيس شبكة سراج الإعلامية، إبراهيم المدهون، أن "أحداث رام الله بين عناصر الجبهة الشعبية والقوى الأمنية التابعة للرئيس الفلسطيني محمود عباس؛ كشفت عن حجم الخلافات والتوجهات السياسية المتباينة بين الجانبين، وهذا مؤشر خطير ربما ستكون له تداعياته في مستقبل العلاقة بين الجانبين"، وفق تقديره.
وأضاف المدهون لـ"
عربي21" أن "ما تمثله الجبهة الشعبية من ثقل سياسي في منظمة التحرير، باعتبارها المكون الثاني للمنظمة بعد حركة فتح، سيجبر الرئيس الفلسطيني على تقديم تنازلات لإرضاء قادتها لامتصاص غضب الشارع الفلسطيني، حتى لا تصل الأمور إلى نقطة الصدام كما جرى ذلك مع حركة حماس والجهاد الإسلامي وأنصار حركة فتح المحسوبين على محمد دحلان".
وتابع المدهون أن "قرار الجبهة بتعليق مشاركتها في الانتخابات المحلية ربما سيجبر الرئيس الفلسطيني على تأجيلها مرة أخرى، وفي حال الإقدام على هذه الخطوة ستهتز ثقة باقي فصائل المنظمة بالرئيس الفلسطيني محمود عباس وهذا ما لن يقبله عباس"، بحسب تقديره.
وألقت أحداث رام الله بين أنصار الشهيد الأعرج والأجهزة الأمنية؛ بظلالها على الشارع الفلسطيني، حيث وصفت حركة حماس، في بيان وصلت "
عربي21" نسخة منه، محاكمة الشهيد الأعرج ورفاقه بأنها "وصمة عار على جبين السلطة الفلسطينية"، داعية الفصائل الفلسطينية إلى "العمل المشترك لوضع حد لممارسات الأجهزة الأمنية القمعية في الضفة الغربية".
وشدت شبكة المنظمات الأهلية في بيان لها؛ على "محاسبة كل من ثبت اعتدائه على المسيرة السلمية واحترام حقوق الإنسان كما تنص القوانين الدولية".
أما المتحدث باسم الأجهزة الأمنية، اللواء عدنان الضميري، فقد وصف في بيان نشره على صفحته الرسمية؛ المتظاهرين بـ"المرتزقة"، وأنهم يعملون لأجندات خارجية يسعون لصدام الداخلي والقتل والتحريض على القتل والتفكير.
خصوم جدد
من جانبه، أشار المحلل السياسي الفلسطيني، طلال عوكل، إلى أن "تهور الأجهزة الأمنية في قمعها للمتظاهرين في رام الله مؤشر خطير؛ سيفتح النار على الرئيس الفلسطيني من إمكانية دخول خصوم جدد ضده، على غرار ما جرى مع حركة حماس والجهاد الإسلامي وأنصار القيادي محمد دحلان".
وعن سيناريوهات الانتخابات المحلية، بعد إعلان الجبهة الشعبية تعليق مشاركتها فيها، أشار عوكل، في حديث لـ"عربي21" إلى أن "سيناريو تأجيل الانتخابات وارد وبقوة، بعد قرار الجبهة الشعبية الأخير، إضافة إلى أن شكوك حركة حماس من إمكانية المشاركة في هذه الانتخابات بالضفة الغربية ما زال غامضا حتى اللحظة، الأمر الذي سيدفع الرئيس إلى تأجيلها أو إلغائها بشكل نهائي"، وفق قوله.