أعلن عضوان في المكتب السياسي في حركة نور الدين
الزنكي، استقالتهما من الحركة، على خلفية انضمام الأخيرة إلى هيئة
تحرير الشام التي أعلن عنها مؤخرا، والتي تضم حركة نور الدين الزنكي، إلى جانب جبهة فتح الشّام، وعدد من
الفصائل الأخرى.
ووجه عضوا الحركة المستقيلان، بسام حج مصطفى وياسر اليوسف استقالتهما، في رسالة مفتوحة إلى قيادة حركة نور الدين الزنكي، أكدا فيها على "أن استقالتهما كتبت وهما ينزفان ألما وحرقة، لما آلت إليه الأمور"، وأشارا إلى عملهما مع الحركة طوال الفترة الماضية من أجل "الحرية والكرامة، وإسقاط أركان نظام الاستبداد والطغيان لتحرير الشعب السوري المكلوم"، وفق الرسالة.
ورأى حج مصطفى واليوسف في رسالتهما المفتوحة أن الاندماج الأخير للحركة لم يكن لهما فيه "أي رأي أو شورى أو خيار، حيث تعاظمت الفوضى، وكبر الرقع على الراقع، لذلك نعلن أننا سنترك، ما لم نوافق عليه، وسنلجأ إلى ما خرجنا إليه، وهو علم ثورتنا ومبادئها وأفكارها".
وتشكلت هيئة تحرير الشام في 28 كانون الثاني/ يناير الماضي، من ائتلاف عدة فصائل من أبرزها: جبهة فتح الشام، وحركة نور الدين الزنكي، ولواء الحق، وجيش السنة، وجبهة أنصار الدين.
وفي حديث خاص لـ"
عربي21"، قال العضو المستقيل ياسر اليوسف؛ إنّ استقالته من الحركة هي موقف ضد الصراعات التي "لا تصب في مصلحة الثورة"، على حد وصفه.
ونفى اليوسف أن تكون الاستقالة خشية من التصنيف على لوائح الإرهاب، مشددا في الوقت ذاته على أنّ الاستقالة جاءت بسبب "الاهتمام بالتصنيف الشعبي والمحلي حيال الصراعات الأخيرة التي احتكم فيها الأطراف إلى لغة السلاح كبديل عن لغة العقل"، كما قال.
وكانت الولايات المتحدة قد قالت هذا الأسلوب إن "هيئة تحرير الشّام" ينطبق عليها التصنيف السابق لجبهة النصرة المصنفقة على لوائح الإرهاب، متوعدة بالقضاء عليها.
ووصف بيان صادر عن المبعوث الأمريكي إلى
سوريا، مايكل رانتي، هيئة تحرير الشام بـ"العصابة التي تريد ابتلاع الثّورة"، ملوحا بأن المجموعات التي انخرطت في الهيئة سيشملها التصنيف أيضا.
ورأى اليوسف أنّ هيئة تحرير الشّام "أمام تحديات صعبة، وعليها العمل على مراجعة حقيقية مع الذات والثورة، من خلال مد الأيادي بشكل غير مشروط لقوى الثّورة مدنيا وعسكريا، واستيعاب الحراك الثّوري، وضخ الدم فيه وتبني أهدافه ومبادئه ورايته".
وأشار، خلال حديثه مع "
عربي21"، إلى أنّ الهيئة مرشحة إلى مزيد من الاستقالات، بسبب "البعد عن الحراك الثّوري وأهدافه، إضافة إلى خطر الاستهداف من قبل التحالف الدولي، وبالتالي خسارة قوة فاعلة ومؤثرة كان يمكن أن تكون رافعة حقيقية ولكنها آثرت التقوقع على ذاتها عوضا عن الانفتاح والانخراط بالحراك الثوري الوطني"، على حد قوله.
وأضاف: "أصبح من الضروري والعاجل أن نلتف حول رؤية ثورية وطنية تعبر عن مبادئنا وأهدافنا، وهويتنا الحقيقية؛ من خلال وحدة القرار السياسي والعسكري الذي نفتقده الآن، ونعمل على تأسيسه مع باقي إخواننا بمختلف هيئات ومؤسسات قوى الثورة"، كما قال.
من جهته، علق حج مصطفى؛ على استقالته بالقول: "كنت وما زلت، وسأبقى من الذين آمنوا بالمشروع الوطني لحركة نور الدين الزنكي، ومستعدا دائما، لحمل راية الثورة في إطار مشروعهم الوطني، ولكني غير قادر على قبول أي مشروع آخر"، وفق قوله لـ"
عربي21".
وتأتي استقالة عضوا حركة نور الدين الزنكي؛ في خضام عدة استقالات شهدتها هيئة تحرير الشّام، ولعلّ من أبرزهم الشيخ عبد الرزاق المهدي، الذي يُعتبر من أبرز الوسطاء في الخصومات بين الفصائل، والذي انضم إلى الهيئة بعيد الإعلان عنها، مع عدد من الدعاة المستقلين، ثم انسحب منها ليتفرغ لطلب العلم، كما يقول.
وفي تعليقه على استقالة حج مصطفى واليوسف، يقول الصحفي السوري فراس ديب إنها "خطوة كانت متوقعة لأنهما ممن اعتبروا أن الهيئة لا تعكس تطلعاتهم الثورية، وقد حصل في بدايات التشكيل أخذ ورد حول اعتماد علم الثورة ضمن شعار الهيئة، لكن المقترح قوبل بالرفض نظرا للطابع العقدي للهيئة"، وفق قوله لـ"
عربي21".
ويرى ديب أن تصنيف الولايات المتحدة لهيئة تحرير الشام على قائمة الإرهاب؛ سيكون "كابحا لبعض الفصائل والأسماء التي كانت تنتظر التصنيف لحسم قرار انضمامها للهيئة من عدمه"، مستبعدا في الوقت ذاته وجود أي تأثير ملموس وواضح على انسحاب البعض من الهيئة على ضوء التصنيف.
واعتبر ديب أنّ الخطوة الأمريكية هي امتداد لمسار بدأ منذ أكثر من عامين، ويهدف لخلق فلترة لفصائل الداخل السوري بين "متطرف متمرد على السياسات الدولية" و"مدجن مذعن للتفاهمات ويدور في فلكها"، وهو ما تمثّل، بحسب ديب، في النهاية على شكل هيئة تحرير الشام من جهة، والجبهة الإسلامية المتمثلة بأحرار الشام وصقور الشام من جهة أخرى.