تعرفة الفرار من برزة بدمشق تقارب تكلفة الهروب إلى أوروبا
عربي21- يمنى الدمشقي17-Mar-1712:58 AM
شارك
جيتي- أرشيفية
يزداد الوضع الإنساني سوءا في حيي برزة والقابون شمال شرق دمشق مع اشتداد المعارك على أطرافهما، ومحاولة النظام جاهدا اقتحامهما بكل ما يملك من قوة عسكرية، إلا أن المأساة الأكبر تبقى مأساة المدنيين الذين يحاولون جاهدين الخروج من هذه الأحياء، حتى مع وصول تسعيرة الخروج منها إلى ما يعادل ألف دولار أمريكي تدفع لحواجز النظام.
ومع أن النظام سمح منذ بدء عمليته العسكرية في هذه المناطق بخروج بعض المدنيين، إلا أن الأمر بات صعبا، بل مستحيلا لاحقا، وصارت تُطلب مبالغ خيالية لقاء ذلك، ويوضع معها شروط معقدة، باستثناء طلاب المدارس والجامعات، حيث سببت هذه الشروط تدهورا حادا للحالة الإنسانية في الحي، وبدء نفاد المواد الغذائية فيه.
تقول "هبة"، وهي ناشطة من حي برزة، في حديث خاص لـ"عربي21": مضى على إغلاق طريق برزة ما يقارب 15 يوما، وباتت الناس تتسارع للهروب منها بعد حالة التوتر التي عمت الحي، فاستغلت حواجز النظام هذه الأزمة، وصارت تضع أسعارا متباينة للسماح لهم بالخروج، وصار لكل حالة تسعيرة خاصة، فالأسعار تتباين بين الشاب أو الأطفال، أو من له أقارب من المقاتلين، أو من يريد أن يخرج بعض أمتعته الشخصية معه، ومن يريد أن يخرج بسيارته أيضا، ووصل الأمر ببعض العائلات لدفع مبلغ 2000 دولار، بينما آثرت فئة كبيرة البقاء في الحي؛ لأنها يئست من حياة التشرد والنزوح، أو لأنها لا تملك ولو جزءا بسيطا من هذا المبلغ".
وتروي السيدة "أم محمود" ما حدث معها، وهي من أهالي الحي: "اتفقنا مع أحد المهربين المتعاقدين مع النظام على الخروج من الحي بعد دفع مبلغ 600 دولار، وبالفعل مررنا بسلام من أول حاجز للنظام، لكننا ما إن اقتربنا من الحاجز الثاني حتى أعادنا من حيث جئنا، وخسرنا بذلك المبلغ الذي دفعناه".
وأصبحت حواجز النظام تقتاد البعض من كبار السن أو طلاب الجامعات كرهائن لديها، لتستخدمهم كحواجز بشرية ضد مقاتلي المعارضة، كما سجلت حالات اعتداء على بعضهم، وصلت إلى كسور ورضوض، بحسب ناشطين.
وتتابع هبة: "الكثير من أهالي برزة هم نازحون من القابون والغوطة، والبعض منهم ينام في الحدائق والمساجد، حتى الصلوات لم تعد تقام في المساجد؛ نظرا لاكتظاظها بالأهالي. حالة الحصار التي يعيشها الأهالي في تفاقم متزايد، وهناك خشية كبيرة من نفاد المواد الغذائية في الحي، الذي يعدّ البوابة الوحيدة للقابون والغوطة الشرقية المحاصرين".
وترجع هبة سبب هذا الضغط الكبير من قبل النظام على أهالي الحي للقبول بتسوية محتملة فيه، لكن حتى الآن لا يوجد اتفاق بين المقاتلين من كافة الكتائب للموافقة على هذه التسوية، فالبعض يريد فتح معركة في دمشق انطلاقا من هذه الأحياء، فيما ترى فئة أخرى من المقاتلين أن هذا الأمر مستبعد ومستحيل.
وترفض هبة تحميل المقاتلين كامل المسؤولية عما يجري في الحي، "فالمئات قدموا أنفسهم للدفاع عن بلدهم والعيش بكرامة، ومن غير المنطقي أن نلقي اللوم عليهم نتيجة تدهور الأوضاع الإنسانية. وتخاذل البعض عن تحمل مسؤولياتهم في هذه القضية لا يعني أن نخوّن الجميع، بل على المدنيين أن يهبوا معا ليقفوا بجانب المقاتلين"، كما تقول هبة.
وعن السيناريو المحتمل في برزة، تقول هبة: "السيناريو مرهون بالوضع الحالي، فهو مفتوح على عدة احتمالات؛ أولها حدوث معركة بين الطرفين على إثر رفض المقاتلين الخروج من برزة أو تسليمها على غرار باقي المناطق، وقد يستغل القصف على دمشق كورقة ضغط حاليا، حيث إن روسيا هي المهيمنة على الوضع في دمشق أكثر من النظام نفسه، أما الخيار الثاني فهو خيار التسوية كما في باقي المناطق، فيترك لهم حرية الاختيار والبقاء في الحي، ويعطيهم الإدارة الذاتية، على أن يتم سحب المنشقين وانضمامهم للجيش السوري، وأعتقد أن هذا السيناريو مرفوض بشدة من المقاتلين، وقد يلاقي قبولا من المدنيين".
وترى هبة أن الحل الأنسب هو أن تعقد تسوية وإدارة ذاتية في الحي، ويحدث اتفاق بين المدنيين والمقاتلين، دون أن يتهاونوا مع النظام.
وتضيف هبة أن المدنيين ليسوا ضحية حرب فقط، بل هم الورقة الخاسرة والهامش الذي يستغل من قبل جميع الأطراف. وإن كانت فئة من المقاتلين باتت تستغل مأساتهم لتكوين تجارة رابحة، فهذا لا يعني إلقاء اللوم على جميع المقاتلين.