أصدرت دائرة الأبحاث في
الكونغرس الأمريكي تقريرا حول الأردن، أوردت فيه أعدادا مفاجئة للمقاتلين الأجانب لدى تنظيم الدولة من الجنسية الأردنية.
وبحسب التقرير الذي تداولته المواقع المحلية الأردنية، واطلعت "
عربي21" على أهم ما جاء فيه، فإن حوالي 4 آلاف أردني انضموا إلى صفوف داعش خلال الفترة 2011 وحتى اليوم في سوريا والعراق.
وبحسب المعلومات التي حصلت عليها دائرة الأبحاث في الكونغرس، فإن الأردن ثاني أكبر مساهم في المتطوعين الأجانب في تنظيم الدولة بعد تونس.
وتناول التقرير، الذي صدر مؤخرا، المناطق الأردنية التي تشهد تجنيدا للتنظيم، إلا أنه -خلافا لتقارير سابقة- لفت معدو التقرير إلى أن
التجنيد لم يعد من مدينة معان جنوبي المملكة وحدها، بل باتت المدن الشمالية، مثل إربد والسلط، تشهد كذلك تجنيدا.
وعزا التقرير أسباب انضمام أردنيين للتنظيم إلى الحالة الاقتصادية المتردية التي يشهدها الأردن.
وقال إن المواطن الأردني يواجه مشكلات طويلة الأمد، مثل الفقر والفساد وبطء النمو الاقتصادي، وارتفاع مستويات البطالة، وهجرة الآلاف بحثا عن فرص العمل.
ولفت إلى أن الشباب المستهدفين للتجنيد في الأردن "يشتركون في شعورهم باليأس والتهميش، وفقدان الثقة في الحكومة لإصلاح الاقتصاد، وتوفير الخدمات، والبحث على المواطنة".
وعلق الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، مروان شحادة، على الأسباب التي ذكرها التقرير، وذهب إلى أنه ركز على الجوانب المادية بشكل أساس، وقال: "اعتقد أن هناك جوانب روحانية دينية بالإضافة إلى جوانب سياسية، وراء هذا الرقم الكبير لالتحاق الأردنيين بالتنظيمات الجهادية".
وفسر في حديثه لـ"
عربي21" انضمام هذا العدد من الأردنيين إلى التنظيمات الجهادية، بأن الأردن في قلب الحدث، وبحكم قربه من أماكن الصراع، بالإضافة إلى وجود شخصيات فاعلة في التيار السلفي الجهادي العالمي، مثل أبو محمد وأبو قتادة وأبو أنس الشامي والزرقاوي، فأصبح هناك أردنيون فاعلون على المستوى الدعوي والتنظيمي والحركي.
وعن تقرير الصادر من داخل الكونغرس، قال: "لا يستطيع أحد أن يجزم بأعداد الأردنيين الذين انضموا إلى تنظيم الدولة، ولكن بما أن جهة تابعة للكونغرس هي من كشفت عن هذه الأرقام، فلا بد أنها صدرت من الأجهزة الأمنية المعنية التي لديها مصادرها الرسمية، التي توثقت منها".
ولفت إلى أن الأعداد التي كانت متداولة بالسابق، تراوحت ما بين 2500- 3000 مقاتل، لكنه لم يستبعد الأرقام الجديدة، "لأنه في بداية الأزمة السورية، كان هناك سهولة في الوصول إلى سوريا والعراق، قبل أن يصبح الأمر اليوم شبه مستحيل".
اقرأ أيضا: آلاف الأردنيين يقاتلون مع تنظيم الدولة.. والعدد بارتفاع
وعن الأسباب أيضا، قال شحادة: "ربما تكون طبيعة دعاية التنظيم منتشرة ولها أتباع وأنصار ومتعاطفين كثر من شريحة الشباب، ففهم هؤلاء الشباب للنصوص الدينية يدفعهم إلى أن يتجهوا إلى الموت، ويذهبوا للقتال في الخارج".
ورأى أن أهم أسباب التي تدفع شبابا من الأردن إلى الانخراط في مثل هذه التنظيمات، سياسية، مثل القمع والتضييق على الحريات، والظلم، والتبعية للغرب، والبحث عن الحرية، والفساد.
وأكد أن التضييق على الحركات الإسلامية المعتدلة، يساهم في دفع الشباب بالاتجاه نحو الجماعات المتشددة، لأنهم يرون أن الحركات الإصلاحية التي تؤمن بالديمقراطية والتعددية والأحزاب، أفضت إلى طريق مسدود.
وتابع بأن "هؤلاء أصبحوا يؤمنون بأن طريق التغيير يحتاج إلى القوة والعنف والسلاح".
وازدادت خلال العام الماضي الهجمات الإرهابية الموجهة ضد الأردن، في حين لا يزال اللاجئون السوريون يضغطون على الاقتصاد الأردني والنسيج الاجتماعي، وفق ما أورده التقرير.
اقرأ أيضا: الأردن 2017 أمام مخاطر وتحديات تهدد أمنه.. ما هي؟
وتشير الأرقام إلى أن "جل المتنسبين لهذه التنظيمات هم شباب تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 25 سنة"، كما أكد المحامي الأردني موسى العبدللات المتخصص في الدفاع عن سجناء التنظيمات، في تقرير سابق لـ"
عربي21".
وقال العبدللات: "تبلغ نسبة الشباب منهم تقريبا بحدود 90 في المئة، جاؤوا من بيئات اجتماعية مختلفة من شتى المحافظات وصنوف المجتمع، فمنهم أطباء وأساتذة جامعات وطلاب على مقاعد الدراسة، من مختلف التخصصات".
ولعبت شبكات التواصل الاجتماعي دورا كبيرا في تجنيد الشباب "عن بعد".
ولا يقتصر دور شبكات التواصل الاجتماعي على التجنيد فقط، بحسب شحادة، الذي رأى أن "دورها يشمل أيضا بث ونشر فكر الجماعات المتطرفة التي وجدت في هذه الشبكات إعلاما بديلا كسر الرقابة الأمنية، بالإضافة لدورها في جمع التبرعات والتنسيق لتنفيذ العمليات، وباتت هذه الشبكات تلعب دورا مهما في استقطاب وتجنيد الشباب من مختلف مناطق العالم".
وأضاف تقرير الكونغرس إلى ذلك كله مشاكل قلة الموارد الطبيعية وصغر القاعدة الصناعية، مع اعتماده بشكل كبير على
المساعدات الخارجية والسياحة وتحويلات العاملين المغتربين وقطاع الخدمات.
وقال: "مثل العديد من البلدان الفقيرة، يعاني الأردن من "هجرة الأدمغة" من العمال الأكثر موهبة".
وذكّر بعجز الميزانية في الأردن؛ بسبب النمو الاقتصادي البطيء، وارتفاع دعم الطاقة والغذاء، وقوة العمل الكبيرة في القطاع العام، ويبلغ إجمالي الدين العام 35.4 مليار دولار، وصافي الدين العام حوالي 90 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2016.
وأورد التقرير أن مجلس الشيوخ الأمريكي كان قد أوصى بأن يقدم ما لا يقل عن مليار دولار من إجمالي المساعدات المقدمة للعالم إلى الأردن.
وتعترف الولايات المتحدة بالاحتياجات العاجلة المتزايدة للأردن الناجمة عن الاضطرابات الإقليمية، والجهود التي يبذلها الأردن في حرب تنظيم الدولة والفكر المتطرف ومكافحة الإرهاب.
وذكر التقرير أنّ الأردن يعد أحد المساهمين الرئيسيين في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لمواجهة تنظيم الدولة، ما يجعله هدفا للتنظيم.
المساعدات الأمريكية للأردن
وكشف التقرير أن إجمالي المساعدات الأمريكية الثنائية، التي تشرف عليها الدولة والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، إلى الأردن، حتى السنة المالية 2016، بلغ نحو 17.108 مليار دولار.
ومع تلقي المزيد من المساعدات الأمريكية للأردن من خلال حسابات المساعدة الأمنية لوزارة الدفاع، تلقى الأردن 774.6 مليون دولار مساعدات عسكرية إضافية منذ السنة المالية 2014.
وذكّر التقرير بمذكرة التفاهم بين الولايات المتحدة والأردن، ففي 3 شباط/ فبراير 2015، وقعت إدارة أوباما والحكومة الأردنية مذكرة تفاهم غير ملزمة لمدة ثلاث سنوات، تعهدت فيها أمريكا بتزويد المملكة بمبلغ مليار دولار سنويا من إجمالي المساعدات الخارجية الأمريكية، رهنا بموافقة الكونغرس، من السنة المالية 2015 وحتى السنة المالية 2017.
وجاءت مذكرة التفاهم الجديدة في أعقاب اتفاق سابق مدته خمس سنوات، تعهدت فيه الولايات المتحدة بتقديم ما مجموعه 660 مليون دولار سنويا من السنة المالية 2009 حتى السنة المالية 2014.
اقرأ أيضا: "تحول كبير" لتنظيم الدولة بالأردن وتخوفات من خلايا نائمة
وخلال تلك السنوات الخمس، قدم الكونغرس للأردن بالفعل 4.753 مليار دولار من إجمالي المساعدات، أو 1.453 مليار دولار (290.6 مليون دولار سنويا) فوق ما تم الاتفاق عليه في مذكرة التفاهم الخمسية، بما في ذلك أكثر من مليار دولار في السنة المالية 2014.