قالت وزارة الدفاع التابعة للنظام السوري، الأربعاء الماضي، إن قواتها سيطرت على بلدة دير حافر شرقي
حلب، التي كانت تحت سيطرة
تنظيم الدولة بعد حصار دام قرابة أسبوع، بالإضافة إلى عدد من القرى الواقعة على طريق حلب – الرقة الدولي.
وكانت هذه المرة الثانية التي يعلن فيها النظام السوري السيطرة على البلدة، ليتضح فيما بعد عدم صحة تلك الأنباء، ويطرح الإعلان الأخير تساؤلات عن مصير عناصر التنظيم الذين كانوا محاصرين داخل البلدة، لا سيما وأنه لم يتم التطرق لهذا من جانب النظام.
الناشط الإعلامي "أحمد محمود"، أكد وهو أحد أبناء ريف حلب الشرقي، في حديث خاص لـ"
عربي21"، أن تنظيم الدولة انسحب باتجاه مسكنة قبل أن يحاصر النظام السوري دير حافر، فيما بقي قرابة 5 قناصين متمركزين على أسطح الأبنية، ما أخر دخوله إلى البلدة، حتى استطاع بعد قصف المدينة بالمدفعية الثقيلة والأسلحة المختلفة التسلل إليها واقتحامها، وقتل ما تبقى من عناصر تابعين للتنظيم.
وكان النظام أيضا قد أعلن في وقت سابق عن سيطرته على مطار الجراح العسكري شرقي حلب، ليتبين فيما بعد أن تنظيم الدولة ما زال مسيطرا عليه، وعزز من قوته الدفاعية فيه وبجميع النقاط المحيطة ببلدة دير حافر، ما ساهم في عرقلة تقدم النظام السوري وتباطؤ عملياته على خلاف الفترة السابقة التي سيطر فيها على مساحات واسعة خلال مدة قصيرة.
اقرأ أيضا: هل تمكن الأسد من إقناع الغرب بضرورة بقائه في السلطة؟
وفي هذا السياق، يقول محمود: "إن تنظيم الدولة نفذ عمليات انسحاب واسعة من ريف حلب الشرقي على حساب النظام السوري، بعد سيطرة قوات درع الفرات على مدينة الباب، وأنه لم يقم بزرع أيّ ألغام ما ساهم بالتقدم السريع للنظام وسيطرته على الخفسة والعديد من القرى والبلدات آخرها دير حافر التي انسحب منها أصلا".
وأشار إلى أن التنظيم خلال تلك المرحلة، عمل على تعزيز قوته الدفاعية في بلدة مسكنة ومطار الجراح، فيما يبدو أنها كان يخطط لجعلها رأس حربة لعملياته، ما قد يفسر استعصاء سيطرة النظام السوري على مطار الجراح، إلا أن عملية الإنزال الجوي التي قام بها التحالف الدولي في محيط مدينة الطبقة، أدت إلى قطع طريق إمداد التنظيم في مسكنة عن عناصرهم المتواجدين في الطبقة، وبالتالي ليس أمامه سوى القتال في هذه المنطقة، أو عليه الاستسلام.
آخر معاقل ولاية حلب
وبعد خسارة تنظيم الدولة مدينة الباب، انسحب من عشرات القرى لحساب النظام السوري، والتي تقدر بأكثر من 100، في مسعى منه لخلط الأوراق، ويبدو أن التنظيم استمر في تسليم المناطق التي كان يسيطر عليها حتى محيط بلدة دير حافر، على الرغم من أهميتها له، وتوقف عند مطار الجراح العسكري، الذي حصن مواقعه الدفاعية فيه، حسب تقييم الخبير العسكري "أحمد الحمادة".
وأضاف خلال حديث خاص لـ"
عربي21"، أنه على الرغم من خسارة التنظيم لموارد بشرية واقتصادية كانت تتوفر له في تلك المساحة الجغرافية، إلا أنه تجنب استنزاف المزيد من قوته العسكرية، والتي يمكن أن يوفرها في خطوط دفاع خلفية، نظرا للتفوق الجوي والناري للنظام السوري.
وفي حال أراد التنظيم فعلا جعل ما تبقى له من معاقل فيما يُطلق عليها "ولاية حلب"، خط دفاع ومنطقة انطلاق لعملياته ضد النظام السوري وقوات
سوريا الديمقراطية، فهو بحاجة غالبا للحفاظ على مدينة مسكنة، لما لها من كثافة سكانية كبيرة وموقع استراتيجي، وكذلك الأمر بالنسبة لمطار الجراح العسكري، اللذين يعتبران هدفا استراتيجيا، بحسب الحمادة.
ومن المعلوم أن تنظيم الدولة، كان يتخذ من مواقعه الجنوبية والشرقية في حلب، نقطة انطلاق للهجوم على طريق إمداد النظام السوري "إثريا – خناصر"، وبالتالي فإن خسارة التنظيم لمعاقله في حلب يعني توسيع النظام لطريق إمداده بين قواته في حلب وحماة وكذلك تأمينه، لذا فمن المستبعد حسب اعتقاد الخبير العسكري أن ينحسب التنظيم من هذه المواقع، لاعتبارها أهدافا استراتيجية دفاعية وهجومية، بل إنه سيستمر في الحفاظ عليها لأقصى حد ممكن.