قال مراقبون ومحللون سياسيون، إن الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب يخطئ عندما يتصور أنه يمكن الاعتماد على قائد الانقلاب بمصر عبد الفتاح
السيسي، في جلب الاستقرار للمنطقة المتوترة، في الوقت الذي تعاني فيه
مصر اضطرابات متعددة.
وأكدوا أن السيسي، الذي يواصل زيارته للولايات المتحدة منذ السبت الماضي، يباشر واحدة من أكثر السياسات إثارة للاضطراب، سواء على المستوى السياسي أم الاقتصادي، وأنه لا يمكن الرهان عليه في تحقيق أي سلام أو استقرار، منتقدين انقلاب الإدارة الأمريكية على سياسات الإدارات السابقة التي فضلت الحفاظ على مسافة بينها وبين الدكتاتوريات الحاكمة، على حد قولهم.
انقلاب الإدارة الأمريكية
ووصف رئيس مركز الحوار المصري الأمريكي بالعاصمة الأمريكية واشنطن، عبد الموجود الدرديري، رهان ترامب على السيسي في استقرار المنطقة بـ"الخطأ الاستراتيجي"، قائلا إن "الإدارة الأمريكية الحالية انقلبت على عقبيها بتفضيلها التعامل مع الديكتاتوريات؛ لأنها أقل تكلفة وإزعاجا".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "الإدارة الجديدة تحركها الأيديولوجيات أكثر من السياسة والمصالح، وهناك توافق بين الإدارتين الترامبية والانقلابية في كراهيتهما للإسلام الذي يدعو للحرية والعدالة ودولة القانون"، مشيرا إلى أن "السيسي ما زال يبحث عن الشرعية طوال السنوات الماضية بأي ثمن، حتى لو في صورة خلف ترامب".
وأعرب الدرديري عن اعتقاده بأن التعويل على نظام السيسي يشوبه كثير من قصور الرؤى، "فالأوضاع الاقتصادية في البلاد مزرية، ولا أتوقع حلها؛ بسبب الفساد الموجود في منظومة السيسي، وحالة الانغلاق السياسي، والإصرار على المعادلة الصفرية، وسحق الشعب حتى على المستوى الاجتماعي، واتباع سياسة (فرّق تسد) بين المسلمين والأقباط".
مصر تحارب "الإرهاب"
من جانبه؛ قال الخبير العسكري، اللواء محيي الدين نوح، إن "مصر تشكل الركيزة الرئيسة في محاربة الإرهاب بمنطقة الشرق الأوسط"، مضيفا أن "ترامب وجد في السيسي رمانة الميزان في المنطقة، وما يعزز تلك النظرية هو الوضع المزري لدول الجوار".
وأضاف نوح لـ"
عربي21" أن "الرهان على السيسي وحده بالكلام فقط لا يكفي، وننتظر من ترامب أن يحول وعوده بمساندة مصر إلى واقع"، مشددا على أن "الأهم هو زيادة الدعم الأمريكي العسكري والاقتصادي لمصر في المدى القريب؛ من أجل استمرار الأخيرة في ضمان استقرار المنطقة".
دبلوماسية الكذب
من جهته؛ رأى البرلماني السابق طارق مرسي، أن "رغبة ترامب في الاعتماد على السيسي تمثل عنوانا خاطئا في جميع الأحوال".
وقال لـ"
عربي21" إن "ترامب يمثل صرعة أمريكية طائشة في اتجاهين متقاربين، وإن الحديث عن استقرار المنطقة يُعد من دبلوماسية الكذب، وسياسة اللف والدوران"، متسائلا: "أي نوع من الاستقرار يريدون؟ ومن المستفيد من الاستقرار المزعوم؟".
وأوضح مرسي أن "هناك اتجاهين لهذا الاستقرار المدّعى، يتمثل الاتجاه الأول بإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط لتحقيق مصالح إسرائيل، ومنحها القيادة الكاملة وإدارة المنطقة، والاتجاه الثاني يتمثل في محاربة ما يسميه الغرب بالإسلام السياسي؛ بهدف إقصاء التيار الفاعل في الأمة العربية، وقتل كل القوى الحية فيها".
وتابع: "يراهن ترامب على السيسي لإنجاح هذين المسارين؛ لأنهما يحتاجان إلى عملاء ودُمى يحكمون العالم العربي، وتجتمع فيهم الخيانة والضعف، وهذه المواصفات متوفرة وظاهرة في السيسي بأكثر مما سبقوه، بل إنه يقدم نفسه للغرب بهذه الصورة".
وأضاف مرسي أن "استقرار المنطقة الذي نعلمه؛ هو تحقيق الأمن والحرية والرفاه والديمقراطية للشعوب، وتحقيق حد مقبول من حقوق الإنسان، وهذا بالطبع لا يسعى إليه ترامب، ولن يحقق الانقلاب والسيسي فيه إلا العكس تماما".