نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا لكل من جون ريد وسايمون كير، يقولان فيه إن استهداف قاعدة جوية سورية بصواريخ "توماهوك" كان مكان ترحيب الدول العربية وإسرائيل، التي رأت فيها إبرازا للعزم ضد نظام
الأسد وداعميه إيران وروسيا طال انتظاره.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن هذا الهجوم جاء بعد ثماني سنوات من سياسة عدم التدخل تحت رئاسة الرئيس السابق باراك أوباما، التي شهدت دخول
روسيا بجانب الأسد عام 2015 دون أي تحد، لافتا إلى أن المسؤولين في دول الخليج وإسرائيل يرون أن ما فعله
ترامب يرسم خط ردع ضد العسكرة المدعومة من إيران وروسيا.
ويلفت الكاتبان إلى أن "التوجه على وسائل الإعلام الاجتماعي في العالم العربي كله صباح الجمعة كان هو الاحتفاء بالضربة، حتى أن هناك أغان تحتفي بالضربة، وفناجين قهوة لقراءة الطالع تظهر صورة ترامب، حيث كان هاشتاغ (أمريكا تضرب نظام بشار) رائجا في السعودية".
وتنقل الصحيفة عن المحلل السياسي عبد الخالق عبد الله في دبي، قوله: "هذه أمريكا الجادة وذات المصداقية التي يعتمد عليها، والتي يريد الحلفاء في الخليج أن يروا المزيد منها.. كانت ضربات محدودة، لكنها حملت رسالة ذات معنى كبير للجميع، وقد سمعها الجميع بوضوح".
ويفيد التقرير بأن الرد الرسمي الأكثر سرعة وصراحة كان مصدره إسرائيل، الحليف الأقرب لأمريكا في الشرق الأوسط، حيث قالت الإذاعة الإسرائيلية صباح الجمعة بأن الإسرائيليين أخبروا مسبقا من واشنطن حول الضربات التي أطلقت ردا على الهجوم القاتل بالغاز، الذي قتل العشرات في
خان شيخون في شمال سوريا.
ويورد الكاتبان نقلا عن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، قوله في بيان له قبل الفجر: "بالقول والفعل، بعث الرئيس ترامب رسالة قوية وواضحة اليوم بأنه لن يسمح باستخدام الأسلحة الكيماوية ونشرها".
وقال الزعيم الإسرائيلي إن استخدام ترامب للقوة سيبعث بـ"رسالة تصميم في وجه الأفعال المروعة لنظام الأسد"، وستجد صداها أيضا في طهران وبيونغ يانغ عاصمتي إيران وكوريا الشمالية.
وتنقل الصحيفة عن المستشار السابق لنتنياهو ورئيس مركز القدس للعلاقات العامة دوري غولد، قوله: "نحن فقط في بداية هذا الرد العسكري، لكني أعتقد أن الرئيس ترامب قد ذهب بعيدا لإعادة مصداقية أمريكا في الشرق الأوسط".
وبحسب التقرير، فإن ترامب كان واضحا في شجبه للعمل العسكري الإيراني في المنطقة، محتضنا كلا من إسرائيل والدول العربية السنية –بالذات السعودية ومصر والأردن– كونها دولة حليفة، مشيرا إلى أن دول الخليج الغنية كانت لسنوات طويلة تلتمس تدخلا مباشرا من أمريكا في الحرب الأهلية السورية.
ويذكر الكاتبان أن السعودية قالت يوم الجمعة إنها منحت "دعمها الكامل" للضربات الأمريكية، وقالت وكالة الأنباء السعودية مستشهدة بـ"مصدر رسمي" في وزارة الخارجية، بأن النظام السوري يتحمل المسؤولية لتعريض البلاد لعمل عسكري.
وتنقل الصحيفة عن المسؤول، قوله إن استخدام الأسلحة الكيماوية هذا الأسبوع كان بمثابة استمرار في "الأعمال الوحشية" التي يرتكبها نظام الأسد ضد السوريين، وقال مسؤول كبير في الحكومة الأردنية للصحيفة بأن المملكة "تراقب عن كثب" الأحداث في سوريا، وعبر عن "أمله بجهد سياسي جاد لإنهاء هذا الصراع السوري الدائر، وإنهاء معاناة الشعب السوري".
وينوه التقرير إلى أن الملك عبد الله الثاني كان آخر زعيم عربي يزور واشنطن هذا الأسبوع، حيث شجب فشل الدبلوماسية في معالجة الحرب في سوريا، وأعرب عن أمله في قيام ترامب "بحل هذا الوضع المعقد".
ويقول الكاتبان إن العرب والإسرائيليين بدوا قلقين يوم الجمعة من رد إيراني على الضربة الأمريكية، حيث أبدى بعض المحللين العسكريين تخوفا من أن يقوم النظام السوري أو إيران أو حزب الله، المتحالف مع الجيش الحكومي في هذه الحرب، بعمل انتقامي ضد أهداف أمريكية أو إسرائيلية.
وتورد الصحيفة نقلا عن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، قوله إن الجمهورية الإسلامية تشجب أي رد فعل عسكري أحادي الجانب، وأضاف أن أي ضربات عسكرية ستساعد في تقوية "الإرهابيين" في سوريا، وتعقد الوضع هناك وفي الشرق الأوسط، لكن لم يكن هناك أي رد فعل من قيادات الحرس الثوري.
وينقل التقرير عن مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق يعقوب أميدرور، قوله إن الهجوم الأمريكي بعث برسالة ردع جعلت احتمال مواجهة عسكرية أقل، وليس أكثر، من أي وقت مضى.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول أميدرور في مقابلة هاتفية: "أظن أن فرص الهجوم من إيران أو حزب الله أصبحت أقل من السابق.. فقد أصبح الآن مفهوما بأن الإدارة الحالية ليست كالإدارة السابقة، فإن هذه الإدارة جاهزة لاتخاذ الإجراءات اللازمة".