وسط تصاعد الغضب التركي إزاء القرار الأمريكي بتزويد "قوات سوريا الديمقراطية" بأسلحة ثقيلة، بادر وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، لطمأنه رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، وصرح بأن واشنطن ملتزمة بحماية تركيا، حليفتها في حلف شمال الأطلسي، لكن محللين قالوا إن هذه التطمينات "غير كافية"، ولا ترقى إلى حجم الخطر الذي قد يشكله القرار على دول المنطقة خاصة تركيا.
وتعتبر تركيا قوات سوريا الديمقراطية، والتشكيلات الكردية المتحالفة مع واشنطن في شمال سوريا، امتدادا للمقاتلين الأكراد على أراضيها من حزب الشعب الكردستاني.
نتيجة سلبية
وقال يلدريم الخميس، إن القرار الأمريكي بتعزيز تسليح تلك القوات قد يكون له عواقب "ونتيجة سلبية" على واشنطن.
وأضاف إنه لا يتخيل كيف يمكن أن تختار الولايات المتحدة بين الشراكة الاستراتيجية مع تركيا و"تنظيم إرهابي".
اقرأ أيضا: تركيا: تسليح واشنطن لأكراد سوريا "غير مقبول".. وأمريكا ترد
المحلل السياسي المختص في الشأن التركي معين نعيم اعتبر أن تطمينات ماتيس لتركيا بشأن تسليح "قوات سوريا الديمقراطية"، لن تلقى صدى في تركيا، ووصفها بـ"غير الكافية".
وقال في حديث لـ"عربي21"،: "تركيا تعتبر التسليح تهديدا مباشرا لأمنها القومي، ويهدد سلامة حدودها، خاصة وأن نوعيته هذه المرة تختلف عن سابقاتها، حيث زودتهم واشنطن بمضادات للطائرات، وهو ما تخشاه تركيا، خاصة أن تنظيم الدولة لا يملك طائرات تستدعي سلاحا استراتيجيا".
هالة كبيرة
وعن الخيارات المتاحة أمام تركيا إزاء هذا التطور قال نعيم: "لا أعتقد أن تركيا تملك الكثير من الخيارات سوى مواصلة التهديد، واستخدام مصالحها المشتركة مع واشنطن للتخفيف من حجم التسليح أو عالأقل منع تسليح هذه القوات بنوعيات معينة من الأسلحة، كمضادات الطائرات أو الدروع".
اقرأ أيضا: الغارديان: ما موقف أمريكا وتركيا من أحلام التوسع الكردية؟
وذهب نعيم بعيدا لتفسير ما يجري حينما قال: "واضح أن واشنطن تسعى لصناعة هالة كبيرة حول قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب التي يشكلها الانفصاليون الأكراد، في هدف نهائي يرمي إلى تكوين كيان منفصل في شمال سوريا، خاصة في ظل تحالف وتداخل هذه المكونات مع حزب العمال الكردستاني الذي يقاتل في تركيا".
ضبط النفس
ومتفقا مع نعيم، رأي المحلل السياسي التركي إسماعيل ياشا أن غياب الثقة بين أنقرة وواشنطن تجعل من تطمينات ماتيس غير ذات قيمة.
وقال ياشا لـ"عربي21"،: "تركيا لا تثق في وعود أمريكا، لأن التجربة لا تعطي أي مجال للثقة" وتابع: "واشنطن وعدت سابقا بانسحاب المليشيات الكردية من مدينة منبج بعد سيطرتها عليها، ولكن ذلك لم يحدث".
ولم يستبعد المحلل السياسي أن تقدم تركيا على تنفيذ عملية واسعة ضد هذه المليشيات في شمال سوريا، بهدف الحد من خطرها، مشيرا في ذات الوقت إلى أن تركيا لديها خيارات كثيرة للتعامل مع التطورات الحاصلة في شمال سوريا، لافتا إلى أن تركيا تمارس حاليا سياسة ضبط النفس وتعطي فرصة للجهود الدبلوماسية".
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قال الجمعة، إن قرار الولايات المتحدة تسليح قوات سوريا الديمقراطية" في سوريا، يتناقض مع علاقتها الإستراتيجية مع أنقرة.
وأضاف أردوغان أنه سيتم حل نقاط خلاف مع واشنطن إلى حد كبير خلال زيارته المقررة إلى واشنطن في وقت لاحق من الشهر الجاري، معتبرا أنه "ليس من الصواب رؤية الولايات المتحدة جنبا إلى جنب مع تنظيم إرهابي".